عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نائب الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية: هذا هو المقصود بتغير المناخ وهذه هي الحلول

. هشام العسكري نائب الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية
. هشام العسكري نائب الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية

يواجه البعض صعوبة في فهم ظاهرة التغيرات المناخية التي أصبحت حديث العالم مؤخرًا.



ورغم أن رجل الشارع البسيط يشعر بتأثير هذه التغيرات على حياته اليومية، من ارتفاع خانق في درجات الحرارة وانقلاب في حالة الجو بين كل لحظة وأخرى إلى تعرض المنازل والمحاصيل في كثير من بلدان العالم للدمار والضياع بسبب سوء الأحوال الجوية، إلا أن المصطلحات العلمية المعقدة لا تزال عائقًا بينه وبين فهم الظاهرة بشكل جيد.

في تصريحاته لبوابة روز اليوسف، يشرح د. هشام العسكري نائب الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية ، المقصود بتغير المناخ بشكل مبسط وسلس قائلًا: "تعني كلمة "تغير" الخروج عن وضع طبيعي كان موجودا سابقا وأصبح غير موجود حاليا ومع تكرار هذا التغير أصبحنا أمام "تغيرات".

ويتابع: "النظام الطبيعي لكوكب الأرض قبل أن يحدث هذا التغير هو أنه نظام متوازن واختلال هذا التوازن أدى الى التغيرات المناخية".

ويكمل: "شكل كوكب الأرض منذ نشأة الحياة عليه نظاما كبيرا متوازنا, يضم هذا النظام داخله مجموعة من الأنظمة في حالة تفاعل وتوازن فيما بينها ونتج عن هذا التفاعل, "الوضع الطبيعي" الذي كان عليه كوكب الأرض طوال ملايين السنين".

ويستطرد العسكري: "هذه  الأنظمة الصغرى مثل الغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الجليدي والغلاف الحيوي والغلاف الصخري، كما سبق الإشارة، في حالة تفاعل واتزان للمحافظة على الحياة على كوكب الأرض، لذا أي خلل في توازن بين أي مكون من مكونات هذا النظام ومكون أخر يؤدي الى اضطراب واختلال في النظام الكبير وهو كوكب الأرض، وهذا هو المقصود بالتغيرات المناخية باختصار شديد".

يضرب العسكري مثلا لظاهرة يكثر الحديث عنها في هذه الأيام وهي "ذوبان الأقطاب الجليدية"، وذلك في سياق الحديث عن ظاهرة التغير المناخي.

فيقول إن ذوبان الأقطاب يعني ذوبان الغلاف الجليدي الذي يوجد أسفله ماء ومن ثم فذوبان الأقطاب يعني اختلال التوازن بين الغلاف الجليدي والغلاف المائي وهذا بدوره يؤدي الى اختلال التوازن بينهما وبين الغلاف الجوي، وهذه الاغلفة، كما سبق الإشارة إليها، في حالة اتزان واي خلل في واحد منها يؤدي الى اختلال في الباقي.

يضيف: "الجليد به خاصية فيزيائية تجعله يعكس أشعة الشمس ولا يمتصها لذلك لونه أبيض، لكن عند ذوبان الجليد سيترتب على ذلك تحول الجليد الى ماء والماء لا يعكس اشعة الشمس بل يقوم بامتصاصها وهذا يترتب عليه اختلال كامل في نظام  التوازن البيئي الذي تقوم عليه الأرض، وبناء عليه يحدث تغير كامل في درجة الحرارة وفي نشاط السحب والرياح وارتفاع معدلات البخر وتغير في الغلاف الخضري والنظام الزراعي وكل أنشطة الحياة ستتغير جراء اختلال التوازن بين الغلاف الجليدي والغلاف المائي حال ذوبان الأقطاب".

ويتابع: "اذا كان الوضع الطبيعي في الشتاء هو سقوط كمية من الأمطار يختلف مقدارها وحجمها في مدى محدد، فمع تغيرات المناخية تحولت هذه الأمطار الى فيضانات مدمرة، نفس الأمر في الصيف، الطبيعى أن درجة الحرارة تزداد لكن مع اختلال التوازن تحدث زيادة غير عادية في درجة الحرارة وتؤدي الى حدوث حرائق طبيعية نتيجة الجفاف الشديد الذي يحدث للأشجار فتتساقط أوراقها ومع أي مصدر خارجي تتحول إلى حرائق مهولة كما نشاهد في حرائق الغابات في أوروبا والجزائر، كل هذه الأمثلة هي نتائج التغيرات المناخية التي نتحدث عنها".

ويشرح العسكري العلاقة بين تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة قائلا: "ينطبق ما قلناه عن توازن الأنظمة المكونة لكوكب الأرض، على درجة الحرارة، فالأرض تشكل نظاما بيئيا متوازنا تتكافئ فيه المدخلات مع المخرجات، وهذا ينطبق على درجة الحرارة القادمة من الشمس الى الأرض فدرجة الحرارة هذه يجب ان تكون مكافئة لمخرجات الأرض الحرارية".

تعد الشمس هي المصدر الرئيسي لحرارة الأرض، لذا فعندما تكون الحرارة القادمة من شعاع الشمس أكثر من الخارجة من الأرض يحدث خلل بيئي جراء زيادة درجة حرارة الأرض.

تبلغ درجة حرارة الشمس 6000 درجة كلفن- والكلفن هى وحدة قياس للحرارة-  في حين أن درجة حرارة كوكب الارض حوالى 300 درجة كلفن.

 هناك علاقة بينية بين الشمس والارض، وفق ما قاله العسكري، فالشمس ترسل الشعاع على كوكب الأرض، وكوكب الارض يمتص جزءا ويخرج جزءا، ولا يصل إلى الأرض كل الشعاع الشمسي المرسل.

يقوم الغلاف الجوي المحيط بكوكب الأرض بمهمة مزدوجة في التعامل مع اشعة الشمس حيث يعكس هذا الغلاف جزءا من اشعة الشمس ويسمح بمرور بعض من هذه الأشعة.

بدون وجود هذا الغلاف تصبح الحياة على الكوكب مستحيلة، لان الأرض ستتحول الى كتلة ثلجية نتيجة لتحولها الى مرايا عاكسة تعكس كل الاشعة القادمة من الشمس دون السماح لامتصاص أية أشعة ومن ثم لا يمكن الحياة على الأرض.

يضيف العسكري: "ما يحدث الان هو سيناريو معاكس للوضع الطبيعي، هناك تدفئة أكثر من اللازم، حيث يعبر جزء من الشعاع الشمسي الغلاف الجوى، وهناك جزء آخر يصطدم  بالطبقة العليا للغلاف الجوى وينعكس فى الفضاء الخارجي- أي لا يدخل الأرض- واذا تتبعنا مسار الجزء الذي يدخل من الغلاف الجوي نجد أنه يستمر في مساره إلى ان يصطدم بسطح الأرض، وأثناء مسيرته هذه يقابله أتربة وغبار وغازات مختلفة وبخار مياه وأشياء كثيرة الى ان يصل سطح الارض، ومن الحكمة الإلهية ان كل الاتربة والغازات والملوثات الموجودة فى الغلاف الجوى ليس لديها قدرة على  تشتيت الشعاع الشمسى القادم بل يعبر هذا الشعاع من خلالها".

ويتابع: "عندما يصطدم الشعاع الشمسى بسطح الكرة الارضية يحدث أمران، جزء يمتص وجزء ينعكس، لكن كوكب الارض قام بعملية امتصاص جزء من الشعاع الشمسى القادم، وأى جسم لديه قدرة على الامتصاص يكون لديه قدرة أيضا على الإشعاع، فكوكب الارض اذن يشع حرارة، ومن صفات هذا الشعاع المنبعث من الأرض أنه ذو موجة طويلة، يعني شعاع بطيء الحركة  لديه القدرة على حجز جميع العوالق والغازات المستخدمة في كوكب الأرض، ومن هنا جاءت الغازات الدفيئة".

يعرف العسكري الغازات الدفيئة بأنها تلك الغازات التي تسمح بمرور أشعة الشمس الى سطح الأرض والتي تمد الأرض بالحرارة المناسبة وتمتص في نفس الوقت الاشعة تحت الحمراء الخارجة من الأرض، ومن هنا فغياب هذه الغازات تماما  يؤدي الى انخفاض درجة حرارة الأرض الى مستوى لا يمكن معه ان توجد حياة.

انتجت الأنشطة البشرية كميات هائلة من الغازات الدفيئة مما أدى الى زيادة تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي وبالتالي زاد امتصاص الاشعة تحت الحمراء وتراكمها داخل الغلاف الجوي، الامر الذي أدى الى زيادة معدل درجة حرارة الأرض عن المعدل الطبيعي وهو ما يعرف باسم ظاهرة الاحتباس الحرارى.

يجدر الإشارة إلى أن الغلاف الجوي يحتوي على نسبة طبيعية من الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز.

ويتابع العسكري: "لا يعد ثانى اكسيد الكربون، أخطر الغازات الدفيئة كما قد يتصور البعض خطأ فهناك ما هو أخطر منه مثل غاز الميثان وبخار المياه ولكن مشكلة ثانى اكسيد الكربون انه موجود بوفرة في الارض، لان الانسان ينتج كمية ضخمة من هذا الغاز سواء فى التعامل اليومى او من المصانع والأنشطة".

ويكمل: "لنتخيل الآن وضع كوكب الأرض مع زيادة المصانع وزيادة عدد السكان وزيادة الأنشطة المصحوبة بضخ كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون، بسبب هذه الأنشطة باتت الأرض بها اشعة حرارية أقل بكثير مما تخرجها الى الفضاء وغاب التوازن بين المدخلات الحرارية والمخرجات".

وحول إمكانية إصلاح هذا الخلل والعودة الى التوازن الطبيعي بين المدخلات والمخرجات يقول العسكري: "يمكن ذلك شريطة الحد من الأنشطة المنتجة لثاني أكسيد الكربون أو تقليلها وترك كوكب الأرض يدخل مرحلة راحة يصلح نفسه بنفسه من خلال الية الضبط الذاتي المودعة فيه خاصة اذا علمنا أن ما نتحدث عنه –أي الغازات الدفيئة- لا تمثل أكثر من 1% من مكونات الغلاف الجوي الذي يحتوي على غازات لها نسب ثابتة لا تتغير، مثل الأكسجين حوالي 20% والنيتروجين 78%".  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز