عاجل
الجمعة 31 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
د. نيفين الكيلاني: الضوضاء أم الاستراتيجية الثقافية الاختيار الصعب لوزارة الثقافة المصرية

د. نيفين الكيلاني: الضوضاء أم الاستراتيجية الثقافية الاختيار الصعب لوزارة الثقافة المصرية

كان أ. د. جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق يحاول دائماً البحث عن هذا التصور الشامل لاستراتيجية ثقافية مصرية.



وهي استراتيجية كان رحمه الله حريصاً على إنجازها كأهم أعماله في فترة وزارته.

وقد شارك في وضعها عطفاً على النقاش العام المطول في المجلس الأعلى للثقافة آنذاك، عقول هي من صفوة مصر ومثقفيها.

وقد تمت تلك الاستراتيجية بمشاركة ستة عشر وزارة وخمسة مجالس قومية، وأكثر من خمسة وخمسين جمعية ومؤسسة ثقافية وجماعة ثقافية.

وقد أعادت دار أخبار اليوم إطلاقها في كتاب أخبار اليوم بعنوان “وصية جابر عصفور.. استراتيجية مصر الثقافية”، وهي صادرة في أغسطس الماضي 2022.

كمحاولة لإدماج التصور الأكثر وضوحاً واكتمالاً لرؤية المثقفين ووضعه على طاولة الحوار الوطني الدائر في مصر الآن.

ومع مقدم أ.د. نيفين الكيلاني بخلفيتها الأكاديمية والفنية، وهي الأستاذ بأكاديمية الفنون، وصاحبة الممارسة الفنية والخبرة العميقة في إدارة المؤسسات الثقافية والتعليمية إلى مقعد وزارة الثقافة المصرية.

وفي تقديري ومن زاوية الإخلاص المهني فإن تذكرتها وتذكرتنا بتلك الاستراتيجية ضرورة واجبة الآن.

بل وانتظار قرارها بالدعوة لعمل علمي منظم بالمجلس الأعلى للثقافة، وهذا هو دوره الأول، كي ننظر بجدية في أمر تحويل تلك الاستراتيجية والتي حازت مسبقاً ثقة الدولة ومجلس الوزراء واحترام المجتمع المدني إلى سياسات واضحة ومحددة.

خاصة أن تلك الاستراتيجية يمكن ملاحظة حضورها في خطة ومشروع مصر 20/30 بوضوح.

بل ويمكن تأمل الوثيقة المنشورة في موقع مجلس الوزراء لدعم واتخاذ القرار، وهي الدراسة العلمية التي كتبها أ. د. عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق على هذا الموقع الجاد شديد التميز بعنوان “الصناعات الإبداعية والثقافية”.

وهو تفكير جديد يتواصل مع طبيعة العالم المعاصر، وهو يستهدف بالتأكيد إعادة صياغة أداء مؤسسات الإنتاج الثقافية الرسمية كي تصبح قادرة على التفاعل مع عالم معاصر.

وبعضها يعيش بمجموعة من اللوائح والقوانين وقرارات الإنشاء من خمسينيات القرن الماضي، حتى الآن. 

وكما هو متعارف عليه في كل الأعمال المؤسسية، لا تزال تلك الاستراتيجية الثقافية تحتاج إلى أن تتحول إلى سياسات، وفي تقديري هذه السياسات يجب أن تدور حول المفهوم الأساسي لتجديد أهداف المؤسسات الثقافية الرسمية وخلق طرق تعاون مع مؤسسات المجتمع المدني.

ودعني لا أكون حالماً، في البداية نحتاج إلى سياسات واضحة تدفع لتعاون مؤسسات وزارة الثقافة مع بعضها البعض، ثم التعاون مع الوزارات ذات الصلة المباشرة مثل وزارات التعليم والتعليم العالي والتضامن الاجتماعي وغيرها.

وعند وضع تلك السياسات يجب النظر للوراء قليلاً لمراجعة طريقة العمل الثقافي في الماضي القريب لنضع أيدينا على النجاحات والإخفاقات، ونقيم بدقة موضوعية وبعيداً عن الشخصنة تلك الأداءات السابقة القريبة، كي لا يحكمنا منطق الماضي واستكمال مسارات الفعل ورد الفعل.

ثم وبعد تحديد السياسات الثقافية بوضوح، تأتي مرحلة آليات التنفيذ والخطط القريبة والمتوسطة المدى والمستقبلية.

وفي العادة تصبح المشكلة الحقيقية هي آليات التنفيذ، كما لاحظ معظم المهتمين بالعمل الثقافي.

وهنا تأتي التفاصيل، وفي التفاصيل تكمن أسئلة المصلحة الخاصة والفوائد المباشرة، وغياب التواصل بين الإدارة الثقافية والمبدعين والشخصنة والذاتية، والتمارين البيروقراطية التاريخية ومجموعات المصالح الضيقة، وغيرها من المشكلات الواضحة للعيان والتي لا أود تسميتها بوضوح فهى حديث المثقفين والفنانين اليومي.

كما يجب ملاحظة مسألة هامة في آليات التنفيذ، ألا وهي أن المثقف والفنان المصري الجاد يمارس هذا العمل كمسار احترافي ويجب استعادة هذا المسار الاحترافي بمعنى انتظامه، والتشجيع على المبادرة والتأكيد على سلامة وكرامة طرح الرؤى والمشروعات على الكيانات المملوكة للدولة المصرية، وضرورة الرد عليها ومناقشتها بشكل جاد وبكل الشفافية.

مع تحديث العوائد المالية للمحترفين لأنهم ببساطة من المهنيين الذين قد تفرغوا تماماً لمثل هذه الأنواع من المسارات المهنية.

ثم بعد ذلك يجب أن نعود إلى المبدأ الذي حكم العمل الثقافي سنوات طويلة في مراحل ازدهاره، ألا وهو مبدأ مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع، وهو مبدأ قانوني هام، حتى تتحمل المؤسسات مسؤولية التفاصيل وهى كثيرة جداً، وحتى لا يتحول المثقف أو المبدع إلى مكافح من أجل البقاء، بل إلى فرد فاعل يجب تمكينه من التواصل مع الجمهور العام، ومن المساهمة في الإبداع المصري والعربي والإقليمي والدولي، وليس مجرد شخص مضطر لمتابعة الضوضاء الثقافية الصادرة عن المهرجانات المتصلة طوال العام.

ثم وبعد ذلك يجب محاسبة ومساءلة المسؤولين عن تنفيذ تلك السياسات عبر استعادة الضوابط المهنية التاريخية المعروفة والمستقرة والتي كادت أن تغادرنا تماماً.

أما حديث القلة المندسة التي تحولت إلى كثرة مندسة، وجلست لسنوات في مواقع تنفيذية واستشارية وتقاضت أموالاً كبيرة، وتغير وضعها الاقتصادي والاجتماعي وحجبت الفرص عن الجادين وأصحاب التجارب المستقرة، وتجاهلت كل العلامات الثقافية الهامة ومنحت نفسها ألقاباً علمية كذباً وادعاء وجنوناً، بل ومارست الاتجار بالدور الثقافي المصري الرائد والمحوري في المنطقة العربية لصالح أطراف أخرى، وأعادت صناعة مراكز الشهرة والنجاح خارج المسارات التاريخية والتي باتت محجوبة عن المهنيين الفاعلين.

فهؤلاء يجب إعادة النظر في تعاونهم المشترك لمصالحهم الخاصة، والذي أصبح أمراً تاريخياً من طول المدد التي يتم التجديد لهم فيها.

لن أذكر الوقائع والأسماء فليست أ.د نيفين الكيلاني بعيدة عن تلك المناطق المملوكة لهؤلاء المتنفذين فقد عاشت عمرها المهني في الحقل الثقافي والفني في مصر.

ولن أحدد الأسماء ولا الوقائع، ولكن هؤلاء يملكون فرقاً للتشجيع والهراء اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي من مهمش وضعفاء الحياة الثقافية والفنية في مصر.

إذن الاستراتيجية تحتاج إلى سياسات والسياسات الثقافية تنتظر الخطط والآليات، والأمر كله مرهون بالمساءلة والمحاسبة، إذا ما أردنا حقاً أن تعود الثقافة المصرية وصناعاتها الإبداعية كأحد أهم مصادر الدخل القومي المصري، وأبرز القوى المؤثرة في صناعة الوجدان والفهم الشعبي العام.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز