عاجل
الإثنين 10 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
عشقها فعشقت الحرية

عشقها فعشقت الحرية

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

     الحقيقة أنها ترددت كثيرًا قبل أن تجمع كل علاقتها به فى رسالة مقتضبة ... أعطته كل ألوان إشارة المرور الثلاث فى جملة واحدة : (علاقتنا الخاصة ستفسد كل ما أحب معك) ... وما أدهشها أنه كان على حافة التوقع يسأل نفسه بهدوء حذر : (من منهما سيرسل هذه الرسالة أولًا؟!) ...



    هى كاتبة ترسم الحرية وتعشقها ... لذا تضيق بأى شئ يحاصرها حتى لو كان اهتمامه بها ... وفى بداية هذا الأسبوع قررت أن ترسم حدودًا جديدة لعلاقته بها ... ستجبره على إهمالها حتى تشعر أن وجوده فى حياتها نصرًا لها وليس مجرد بديهية ... بدأت فى اختلاق الحواجز بينهما ... ولأنه أمضى خمس سنوات من الصداقة البريئة بصحبتها لم يجد فى الأمر ما يسئ له فى البداية ... ظن أنها فى استراحة من العالم ... يؤمن أن لكل فنان قارب خاص يمكنه به الخروج والدخول من وإلى العالم فى الوقت الذى يريد ... ولهذا كان من القلائل الذين تمكنوا من البقاء فى دائرة المقربين منها لخمس سنوات ... هى عاصفة من وهج الحياة ... لا تبقى فى مكان ولا تعترف بقواعد ... تهرب متى ما أجبرتها على رد تحية الصباح كل يوم فى ذات الموعد ... وهو يعلم ... لذا حين طلب منها أن تشاركه الحياة ... كان حذرًا جدًا ... لم يكن بإمكانها أبدًا أن ترفض ذلك بعد رحيل أستاذها وأبيها الروحى الذى قدم لها كتابها الأول ... كانت تائهة مضطربة بلا وتد يربطها بالواقع ... تكتشف لأول مرة أنك مهما كنت قوى الجناحين فإنك دائم البحث عن ملمس الرمال تحت قدميك ... قدم لها منظارًا ترى به الأرض من عينيه فاستجابت ...
 
   مع الوقت بدأت تفتقد المفاجأة فى دعوته لها لتشاطره قهوته فى مكتبه ... واشتاقت لانطلاق تلك الأحاديث حول فتيان وسيمين يمرون بها لهم عيون بنية ... وصارت تقحم الحديث عن رسائله القديمة لها كل شهر أو اثنين عندما يغيب عن ذاكرتها وقتيًا : (كيف حالك؟) ...... وبالأمس مرت عليه فجأة وهو منهمك فى عمله :
 
-    مفاجأة جميلة ولا شك ...
 
-    لا أظن فها أنت تؤجل كل مهامك وتطرد كل مساعديك ...
 
-    وما الضرر إن كنت أنتِ الأهم ؟!
 
-   الضرر فى جملتك الأخيرة ... إن كنت الأهم فأنا القيد عليهم جميعًا ...
 
-    كونى صريحة ... تتهربين من أمور اعتدنا على التشارك فيها منذ فترة ... أرى فى عينيك لافتة : (مغلق للتحسينات) ...
 
-    وهل هو أمر يمكنك أن تتهمنى به ؟
 
-    نعم ... إن نظرتِ للباب الذى دخلت به حياتك مؤخرًا ...
 
-    لكن لو نظرت أنت من النوافذ لما اتهمتنى ...
 
    لا ينكر أنه بدأ يتخوف منها ... وإن ظل متفهمًا لروحها القلقة ولأصابعها التى لا تتوقف عن العبث بكل شئ فى عصبية كلما اجتمعا ... كان يعلم أن القيود لا تناسبها حتى لو كانت أحلامها التى تتحقق ... تعشق الحلم فى السماء وتبحث عن سواه حال هبوطه على الأرض حتى لا يطالبها بقيد الاستمتاع به بشكل منتظم ... ولكل ثروة ضريبة ترفضها ... هى كاتبة مختلفة ... وإنسانة بروح أنثى نسر ... لا يمكنها التحليق فى سماء مزدحمة ...
 
    عندما أرسلت له رسالتها هذا الصباح رد عليها مباشرة : (كانت مسألة وقت لا أكثر حتى يرسل أحدنا للآخر هذه الرسالة) ... وعلى الرغم من أنه لم يكن يعنى ذلك إلا أنه اختار أن يبقى قريبًا منها ... كصديق أو كعاشق ... هو لا يستطيع الآن تبين علاقته بها ... لكنه يستطيع تبين خوفه من أنها مقبلة على سماء خالية من كل أحد ... وهو يخشى أن تتألم يومًا ما بلا صحبة فى هذا العالم ...
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز