عاجل
الأربعاء 5 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الصمت المريب

الصمت المريب

بقلم : أسامة سلامة



 

 

 

 

 

الصمت ليس دائما من ذهب.. بل إنه فى بعض الحالات جريمة، والجريمة تصبح مضاعفة إذا كانت فى حق الوطن.

لماذا يتحصن بعض السياسيين بالصمت.. يلقون علينا بتصريحات ونصف معلومة.. ولا يكملونها رغم خطورتها، يحجبون النصف الثانى.. بعضهم يتذرع بأن الوقت غير مناسب.. وآخرون يقولون لن نتحدث أكثر من ذلك.. معلومة تكشف كثيرا.. وربما تضىء لنا النفق المظلم الذى نسير فيه، فنجد بابا الخروج منه.. وطريقا للخلاص.

ولكنهم يضنون على الوطن بها.. لماذا الصمت؟ هم خائفون على أنفسهم، أو أنه مجرد كلام ليس عليه دليل ويخشون أن يقعوا تحت طائلة القانون؟ إنها محاولة لإثبات الأهمية وأنهم نافذون ويعرفون؟

فى كل الحالات الكلام واجب والكشف عن المجهول مهمة وطنية لا يجب الهروب منها.. إما الكلام والمعلومات الكاملة أو الصمت التام.. نصف المعلومة لن ينقذنا ولن يكشف المستور، بل يزيد من حيرتنا واضطرابنا وارتباكنا، والغريب أن المسئولين سكتوا هم أيضا عن هذه المعلومات.. لم يطلبوا التحقيق فيها.. ولم ينفوها أو يؤكدوها.. لماذا الصمت المريب من الجميع؟

النموذج الصارخ لهذا المنهج ما قاله د.حسام بدراوى على قناة «الحياة» الأسبوع الماضى، كان يحكى عن أيام تنحى مبارك، وأشار إلى أنه توصل إلى اتفاق وحل للخروج من الأزمة.. يتمثل فى إجراء تعديلات دستورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لا يشارك فيها مبارك أو ابنه، وأن الأمر لن يستغرق أكثر من شهرين حتى يتم انتقال السلطة، ويقول بدراوى، وأنقل هنا نصاً قاله: ولكن هناك أطرافا داخلية وخارجية لم تقبل بهذا الطرح لأنها كانت تريد إحداث سيناريو الفوضى فى مصر.. ولم تكن تهتم باستقرار مصر فى هذا الوقت، هذه الأطراف التى عبثت فى هذه الفترة هى التى تقوم بتمويل المجموعات التى تتبرأ منها المعارضة والإخوان على حد سواء.. والتى تقوم بأعمال التخريب»، أضاف د.بدراوى «أستبعد أن يكون مبارك أو رجال الحزب الوطنى السابق وراء هذا التخريب.. فهذه الأعمال تحتاج إلى جهود مخابراتية وتمويل ضخم، وإذا توافرت الأموال لرجال النظام القديم فليس لديهم المعلومات الأمنية التى يحركون بها هذه الأمور».

انتهى كلام د.بدراوى ولكن تبقى الألغاز التى طرحها، إذن هو يعرف أن أطرافا داخلية وخارجية وراء الفوضى التى تحدث الآن، ولكن د.بدراوى لم يفصح عنها.. لم يقل لنا من الطرف فى الداخل ومن اليد فى الخارج، وما مصلحتهما فى ذلك؟ من القوى التى تريد وتدبر الفوضى لمصر والدمار والقتل لشعبها؟

أسئلة خطيرة وإجاباتها عند د.بدراوى الذى فضل أن يعطينا نصف الإجابة ويتركنا أسرى النصف الآخر، مم يخاف؟ وممن؟ الوضع فى بلدنا لا يحتمل الصمت.

والمسئولون والأجهزة الأمنية لم يكلفوا خاطرهم بالتحقيق فى هذا الكلام وهذا الصمت المريب يجعلنا نتساءل: هذه الأجهزة تعرف المعلومات ولكنها أيضا صامتة لغرض ما فى نفسها؟.

غير بعيد عما فعله د.حسام بدراوى ما قاله الإعلامى عماد الدين أديب على قناة cbc عندما ظهر فى إحدى حلقات البرنامج الذى يقدمه، ولكن كضيف يحاوره «المعتز عبدالفتاح» كان الحوار يدور حول الأيام التى تلت تنحى مبارك.. قال أديب: السعودية كانت ترغب فى دعم مصر  وسألنى الأمير عبدالله الفيصل كيف نساعد مصر؟ وقلت له مبارك ترك 36 مليار دولار احتياطيا نقديا ولكننا نحتاج إلى أموال كثيرة عاجلة.. ورد الأمير نستطيع عقد مؤتمر دولى وتكون النتيجة توجيه أموال لمصر.. وبالفعل قابل الأمير عبدالله المشير طنطاوى وطرح عليه الأمر وسلمه ورقا بخصوص هذا الغرض وقال له ادرسوا الأمر ونحن نتصرف، ولكن الورق لم يظهر ولم يهتم أحد، يحكى أديب أيضا التقى «بيرلسكونى» رئيس وزراء إيطاليا بعصام شرف وسمير رضوان فى أحد المؤتمرات وسأله كيف نساعد مصر.. صمت شرف تماما ورد رضوان نحتاج إلى 5 مليارات دولار عاجلة.. وعقب بيرلسكونى الأمر بسيط ولكن أرسلوا لنا ورقا ونحن نتصرف ومرة أخرى لم يهتم أحد.

رواية خطيرة.. ولكن هل يعرف أديب من الذى امتنع عن إرسال الأوراق وترك البلد تغرق فى الأزمة الاقتصادية ومن ثم الفوضى؟ هل يرد المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى الذى تولى شئون البلاد فى هذه الفترة ويقول لنا الحقيقة أم يواصل الصمت؟ هل يتكلم كل من د.عصام شرف ود.سمير رضوان ويقول لنا ماذا حدث ومن أعطى أوامره بتجاهل الأمر؟

لماذا يصمت الجميع؟ ولماذا لا يتحرك أحد لإجلاء الغموض، لماذا يتركوننا جميعا دون نقطة ضوء؟

الصمت الآن ليس فضيلة ولن ينجيكم من المسئولية! فصمتكم يعنى أنكم المدلسون أو مشاركون فى الجريمة.∎

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز