عاجل
الأربعاء 5 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كتالوج «العدل والداخلية» للمظاهرات «الشكلية»!

كتالوج «العدل والداخلية» للمظاهرات «الشكلية»!

بقلم : أسامة سلامة

 



 

 

 

 

هذا القانون لو صدر فى عهد مبارك.. ما كانت ثورة يناير قامت.

فقانون تنظيم المظاهرات الذى أعدته وزارة العدل، نموذج للديمقراطية الشكلية.. وتكريس حقيقى للاستبداد والديكتاتورية.

القانون يحمل فى ظاهره الرحمة وفى باطنه العذاب.. فقد أخذت وزارة العدل الشكل الجميل من أوروبا والغرب فى بداية تنظيم المظاهرات.. ومن الشرق طرق قمعها وتحجيمها ومنعها.

جمع من أعد القانون الضدين ومزجهما فى عدة مواد تبدو أنها تهدف للحفاظ على المال العام ومنع التخريب، ولكن غرضها الأساسى الحفاظ على الحاكم.

والويل كل الويل لمن يقوم بمظاهرة ضد النظام.. والحبس لمن يجرؤ على انتقاد الرئيس وأوليائه والتابعين.

يمنع القانون المزمع صدوره قريبا تنظيم المظاهرات إلا بعد إخطار قسم الشرطة التابع للحى الذى سيخرج منه المتظاهرون وقبل تنظيمها بخمسة أيام على الأقل.. ومعنى هذا أنه لا يمكن التظاهر فى الحالات الطارئة مثل القبض على مواطن دون تهمة أو تعذيبه أو عند الاعتداء على بلد عربى.. فمثلا إذا ضربت إسرائيل غزة بالقنابل فعلينا الانتظار خمسة أيام قبل التظاهر لمناصرتها، أى عندها تكون قد انتهت إسرائيل من مهمتها، وإذا أردنا التظاهر ضد قانون تتم مناقشته فى البرلمان.. فلابد من الانتظار أيضا.. وحينها يمكن أن يصدر القانون نفسه، قبل المظاهرة التى تم تفريغها من معناها والقضاء على الهدف منها.

ويجبر القانون منظمى المظاهرة على تحديد مكانها وبدايتها ونهايتها والأعداد المشاركة فيها.. وبذلك إذا تم تحديد العدد مثلا بخمسة آلاف ثم انضمت إليها عدة آلاف أخرى فإن المظاهرة تكون قد خرجت على الشرعية ويجوز فضها.. وعلى هذا فيجب على المتظاهرين منع انضمام أى أشخاص لهم إذا تجاوزوا العدد المحدد فى الإخطار وإلا وقعوا تحت طائلة القانون.

ويحدد القانون 500 متر فقط لإقامة مظاهرة أمام القصور الرئاسية والمجالس التشريعية ومقار الوزارات والسفارات والمحاكم ودور العبادة والسجون والأقسام والمناطق العسكرية.. فإذا افترضنا أن المتر يستوعب خمسة مواطنين فإن المظاهرة أمام هذه الأماكن لن تتجاوز 2500  متظاهر فقط وما زاد على ذلك مخالف للقانون.. المدهش أن القانون منح مجلس الوزراء حق تحديد أماكن أخرى يكون حرم المظاهرة فيها لا يتجاوز الـ500 متر وبذلك قد نشهد قرارا باعتبار ميدان التحرير ضمن هذه الأماكن.

يمنع القانون ـ كذلك ـ إقامة منصات أو خيام بغرض المبيت أمام هذه الأماكن وهو ما يعنى فعليا منع الاعتصامات وتجريمها فلا معنى للاعتصام ضد مؤسسة أو وزارة بعيدا عن مقرها.. وبذلك يحمى القانون رئيس الجمهورية من الاعتصام أمام مقر إقامته ويمنع المعتصمين من الضغط عليه لتنفيذ مطالبهم المشروعة.

ولأن ميدان التحرير أصبح «البعبع» لأى نظام، فمطلوب إنهاء معناه ورمزه الثورى ولذلك أعطى القانون وزارة الداخلية حق تحديد منطقة كافية فى «التحرير أو غيره من الأماكن للمظاهرة».. وبهذا فإن زيادة الأعداد عن المنطقة المحددة يضع المتظاهرين فى مأزق وعليهم اختيار من يبقى فى المظاهرة ومن يتركها ويشارك فيها بقلبه فقط باعتباره أضعف الإيمان.

انزعاج الرئيس وجماعته من الجرافيتى على أسوار القصر.. وخوفه من تكرار السخرية منه دفع أصحاب القانون إلى وضع مادة تجرم الكتابة بالألوان والطباشير على حوائط الممتلكات العامة والخاصة، ويعتقد واضعو القانون أنهم بذلك يقضون على هذا الفن الرائع ويمسحون ذاكرة الثورة النى سجلتها رسوم فنانى الجرافيتى على جدران الميادين.

الحبس والغرامة سيطول أيضا كل من يهتف أو يحمل لافتة أو يلقى أشعارا أو يغنى أناشيد تعد من قبيل السب والقذف حسب نص القانون وإهانة هيئة من هيئات الدولة أو مؤسساتها أو الإساءة إليها ولأن العبارات مطاطة ويمكن تأويلها قانونيا حسب الطلب فإن هتافات الشعب يريد إسقاط النظام و«ارحل» أو الهتاف بتطهير أى مؤسسة قد تعتبره الداخلية خروجا على القانون ويحمل إساءة لهذه المؤسسات أو الرئيس والوزراء والمسئولين.

وعلى المتظاهرين العودة إلى منازلهم مبكرا وإنهاء المظاهرة قبل الساعة الحادية عشرة مساء إذا تجمعوا فى منطقة سكنية، مرة أخرى يحاول القانون السيطرة على ميدان التحرير باعتباره منطقة سكنية ولذا على المتظاهرين إذا أرادوا الاستمرار بعد الحادية عشرة أن يذهبوا للتظاهر فى الصحراء.

هذا جزء من القيود الموجودة فى القانون ومن الواضح أن هدفه حماية الرئيس وبطانته وجماعته من غضب الشعب.. ولكن من أعدوا القانون لم يدركوا أن المواطن الذى تحدى حظر التجوال وقت الثورة منذ عامين.. وحاليا فى مدن القناة لا يمكن أن يصمت أو يرضى بتكميم الأفواه.. ومن خرج ضد مبارك وقوانينه وديكتاتوريته وسلطته سيخرج ضد أى حاكم ظالم ومستبد وطاغية ولن يمنعه أحد من الهتاف  «ارحل» و«الشعب يريد إسقاط النظام».

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز