![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
![الثورة مسـتمرة](/Userfiles/Writers/301.jpg)
أسامة سلامة
الثورة مسـتمرة
بقلم : أسامة سلامة
«لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد
وخلف كل ثائر
أحزان بلا جدوى
ودمعة سدى»
هكذا أخبرنا الشاعر الكبير أمل دنقل، فى قصيدته الشهيرة «كلمات سبارتكوس الأخيرة»، هل كان يتنبأ منذ أكثر من نصف قرن عندما كتب قصيدته بما حدث فى مصر بعد ثورة يناير، هل كان يعرف أن النظام المستبد بعد أن يسقط، سيعيد نفسه، ولكن بلحية وجلباب؟لماذا لا توجد فى القوانين نصوص تعاقب من يقتل أحلام الأمة، ويصادر مستقبل شعب ويسرق ثورته؟!
كانت هناك 18 يوما نزلت فيها الجنة إلى الأرض، واختارت ميدان التحرير مكانا ومستقرا، من دخله يجد أخلاق أهل الفردوس، ورائحة الجنان، وسعادة الدارين، لا يشعر فيه بحر ولا زمهرير، هى الجنة التى لا تأوى حاقدا أو كارها، ولا طامعا أو سارقا، ولا متحرشا أو جبانا، فقط المحبون الصادقون المغرمون بوطنهم، والمؤمنون بمستقبله، توحد الجميع المسلم والمسيحى، الرجل والمرأة، السافرة والمحجبة، الشاب والشيخ، كان الكل فى واحد، مشاعر لا يعرفها إلا من ذهب إلى الميدان، ولا يحسها إلا من رأى اللحظة ولا يدركها لا من عاشها.
ولكن إبليس تسلل إلى الميدان وظن الجميع أنه منهم، وقتها أبدى مشاعر طيبة، وقدم نفسه على أنه واحد من الناس، حالما مثلهم بوطن حر، وحاكم عادل، ودولة مدنية، ومواطنة حقيقية، وديمقراطية عصرية، وحكومة بلا فساد، وشفافية مطلقة، تداول للسلطة شارك الموجودين فى الميدان اللقمة، وشربة الماء، ونومة العراء، وطرد الغزاة، وفى ذروة السعادة، والاحتفال بالانتصار، غافل الجميع وسرق التفاحة، كان الجميع منشغلا بالأفراح، بينما هو ينفذ مخططه، وساعده من تولوا أمور البلاد بعد سقوط النظام ورتبوا معه خطوات تمكينه، وبدلا من عمل دستور مصرى، وافقوه على تعديل دستورى على مقاسه، واستخدم الشعارات الدينية المدغدغة لمشاعر البسطاء للوصول إلى ما يريد، وكان أن حصل على أغلبية البرلمان ورئاسة الجمهورية، وكلما نجح فى خطوة أظهر وجهه الحقيقى ونواياه الخفية، وتجلى ذلك فى دستور انفرد بإعداده فى ظلمة الليل، فجاء بعيدا عن حلم الدولة المدنية التى تمناها أهل التحرير، وخرجوا من أجلها، واستشهد الكثيرون على أمل تحقيقها، كان النظام القديم يعيد نفسه مرة أخرى، نفس الأسلوب والمنهج والطريقة، فزاد عدد الشهداء، واستمرت ملاحقة الثوار، وأصبحت كل المناصب للأهل والعشيرة، واستُبعدت باقى القوى السياسية، وهُدد كل من عارض، واتُّهم كل من خالف، وحورب كل من رفض، وحُبس كل من أبى.
وهكذا غادرت الجنة الأرض مرة أخرى، ولكن الثوار قادرون على إعادتها مرة أخرى، وتحرير ميدان التحرير، واستعادة بهجته وعنفوانه، والأهم استرداد الثورة ممن سرقها، واستكمال مسيرتها، وتحقيق أهدافها، هذا هو الحلم الذى ننتظره قريبا، فالثورة مستمرة، والحلم سيتحقق، فالمجد دائما لمن تمرد، وقال لا فى وجه من قالوا نعم.