عاجل
الجمعة 8 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
فساد الاسكندرية..وولاد الايه
بقلم
محمد نجم

فساد الاسكندرية..وولاد الايه

بقلم : محمد نجم

يبدو أن عملية القبض على تلك السيدة التى كانت نائبًا لمحافظ الإسكندرية ليست سوى الإمساك بالجزء الظاهر من جبل الجليد الهش، وأن الفترة المقبلة سوف تشهد مواجهة حاسمة لشبكات وبؤر الفساد فى تلك المحافظة التى كانت - ومازالت - عروسا بين موانى البحر المتوسط، على الرغم من المحاولات المستمرة لمجموعة من الفسدة لتحويلها إلى «مستنقع» للفساد غرق فيه كثيرون، وأزكمت رائحته الأنوف الغيورة على الثغر الذى كان جميلا.



فالمعلومات والشائعات الواردة من الإسكندرية تكشف عن فساد «للحلقوم» وليس للركب فقط فى قطاع العقارات.. سواء كانت فى صورة أراض مستولى عليها أو عمارات مخالفة لقواعد البناء، وأن من يدير تلك المنظومة عبارة عن «شبكة» تعاهدت على إفساد كل من يقف أمام مصالحها، أو تشويه كل من يحاول التصدى لها، وللأسف الشديد يتردد أن هذه الشبكة تضم مسئولين ورجال أعمال ونوابًا وإعلاميين كثر!

وأعتقد أن إصرار وكفاءة رجال الرقابة الإدارية فى كشف الفساد أيا كان موقعه، سوف يطال أفراد هذه الشبكة ويضع حدًا لأفعالهم الشيطانية، خاصة بعدما أصاب المجتمع من «انزعاج» بسبب القبض على تلك السيدة نائب المحافظ التى أطلقت على نفسها «امرأة بمائة راجل» ويتداول حاليا على الفيس بوك فيديو مصور لها وهى تقول لآخرين فى مكتبها «ماتقولش إيه ادتنا مصر.. قول هاندى إيه لمصر»؟!

أعلم تماما أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته بعد محاكمة قضائية عادلة، ولكننا أمام مجموعة من الشواهد والدلائل تثير الأسى والحزن، حيث وجد باستراحة السيدة أكثر من مليون جنيه أموال سائلة، بخلاف مجموعة ضخمة ومتنوعة من المجوهرات، تردد أنها كانت تحصل على بعضها فى صورة هدايا، والبعض الآخر عن طريق «البلطجة» على صائغى الثغر.. وابقى قابلنى لو دفعت!

والأطرف مما تقدم.. هو العثور على تأشيرة حج، وكأن الفساد بقى نقرة.. والحج أصبح نقرة أخرى؟!

ويبدو أن البعض من الفسدة حول شعائر الحج من فريضة واجبة لمن استطاع إليه سبيلا.. إلى مجرد عملية غسيل سمعة لشخص تلوث من الداخل!

لقد كنت أعتقد أن المرأة أكثر تعقلا وإحجاما عن الفساد من الرجال، فهى الأم التى تربى وتنشئ الأجيال، وقديما قال فيها الشاعر أحمد شوقى، إنها «مدرسة» إن أعددتها فقد أعددت جيلا طيب الأعراق، فما هى «الأعراق» التى سترضعها أمثال تلك الأم لأبنائها، وما هى المبادئ التى سوف تنشئهم عليها؟

لقد كنت سعيدًا - مثل غيرى - لتولى أربع من السيدات لحقائب وزارية مهمة، ونجحن فى تحقيق إنجازات ملحوظة ومازلن يواصلن عملهن بكل جد واجتهاد، كما وصلت إحدى السيدات أيضا لمنصب المحافظ.. وهى من الإسكندرية.. وقضت مشوارها الوظيفى فيها.. وحاليا تقود محافظة مترامية الأطراف (البحيرة)، ونأمل أن تكون على خطى زميلاتها من الوزيرات.

نعم.. لقد انزعج المجتمع مما حدث فى حادثة الرشوة الأخيرة على الرغم مما سبقها من حوادث رشوة كثيرة كانت أشد وأقوى وطالت مسئولين أكبر..، ولكن كان أبطالها من الرجال!

على أية حال.. نحن فى انتظار نتائج التحقيقات والمحاكمة وما سوف تسفر عنه جهود أبناء مصر المخلصين من رجال الرقابة الإدارية فى تفكيك تلك «الشبكات» الفاسدة والمفسدة.

ولكن يلح السؤال: هل الفساد موجود فى «جينات» بعض البشر؟.. أى لدى البعض منا استعداد مسبق للفساد وأيا كانت الظروف؟.. أم أن الفساد «مرهون» بتوافر الظروف المشجعة عليه؟ ثم.. أليست تلك «الظروف» عندما تتوافر.. تحيط بالعديد من البشر؟.. فلماذا يفسد البعض دون الآخر؟ أم الفساد «درجات» ومنه ما هو ظاهر فاحت رائحته، ومنه من هو مستتر لم يشعر به أحد؟

وأيضا.. لماذا لا يكتفى البعض بما حصل عليه من «منصب» يحقق له النفوذ والجاه ودخلاً يغطى احتياجاته؟ أو بما تجمع لديه من أموال بسبب نشاطه المشروع وبقدر يكفيه ويحميه من سؤال اللئيم؟

وهل صحيح ما يقال فى المثل الدارج بأن «المال السايب يعلم السرقة؟» ومتى كان المال العام.. «مالاً سايبًا؟

لا أعتقد فى صحة ما تقدم، وإلا كنا كلنا فاسدين فما زال المجتمع بخير وما هى إلا نسبة قليلة ضعيفة الإيمان ذات نفس أمّارة بالسوء.. وهذه هى الحياة كما يقول الفرنسيون.. فيها الخير والشر، والقناعة والطمع.. فاللهم نسألك القناعة والستر دنيا وآخرة يا كريم.

وفى رأيى أن «الموضوع» كبير ومعقد ومتشعب خاصة بعدما ارتفع سقف الطموحات غير المسنودة على خبرة أو كفاءة، كما أصبحت «الشللية» أحد معايير الاختبار للوظائف العامة!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز