عاجل
الأربعاء 5 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أمين الخولى وتجديد الفكر الدينى (2)

أمين الخولى وتجديد الفكر الدينى (2)

بقلم : د. عزة بدر

 لابد من تطوير العقائد والعبادات والمعاملات



من أهم ملامح تجديد الفكر الدينى عند أمين الخولى (1895-1966) أنه نظر إلى تطوير الفكر الدينى كجزء مهم من تجديد الخطاب الثقافى، وأطلق عليه «خطاب النهضة». وكتب يقول: «إنه حق علينا أن نقوم بهذا التطوير والتجديد».

• خطاب النهضة

وقد انطلق الخولى من رؤية مؤداها: «أن التاريخ الفنى والعلمى والاجتماعى لم يكتب بعد إذ اتجهت عناية القدماء إلى التاريخ السياسى واستيفائه فلم يتركوا إلا أصولاً متفرقة من التاريخ غير السياسى، وأن النهضة لتتقاضانا هذا الحق سدا لذلك النقص البادى، ونحن فى هذا العصر نحاوله فى النواحى المختلفة».

 (وقد نشر رؤيته تلك فى مجلة الرسالة بتاريخ أول أبريل 1935).

• التأثر بثقافة العصر

 كما رأى أمين الخولى ضرورة إعادة تفسير التراث مع الأخذ فى الاعتبار أنه تم تفسيره وتأويله فى الإطار الثقافى، والبيئة المعنوية والاجتماعية فى كل عصر، ولم يستثن عوامل فهم النص الدينى من هذه المؤثرات فيقول: «إن متبع الكتاب والسنة لابد من أن يفهمهما، ويتبين مراميهما، وأغراضهما، وعللهما، وحكمهما، ولكل شخص فى هذا الفهم والتبين عقله الخاص، وشخصيته الخاصة، ومنهجه الخاص وذلك كله من أشد ما يكون تأثرا بالثقافة والبيئة، فلا غرابة فى أن يتأثر الفاهم للكتاب والسُنة، والمتبع لهما تأثرا جليا بعوامل تثقيفه، وظروف حياته  كما تأثر بذلك تفسير القرآن فى كل الأزمنة، بل كما تأثر بذلك فهم العقائد، وأصول الدين ذاتها تأثرا لا يسعنا إنكاره، ولا قيمة لحرصنا على هذا الإنكار لأننا بذلك نقاوم سنن الله فى خلقه».

 وقد طرح الخولى هذه الأفكار جميعا وهو يناقش فى مقالة له بمجلة «الرسالة» فكرة إنكار تأثر الفقيه الأوزاعى - مجتهد من فقهاء القرن الثانى الهجرى - بالفقه الرومانى.

 فأكد الخولى أنه من غير المقبول من الوجهة الاجتماعية والنفسية إنكار تأثر المفكر أو المجتهد بظروف وثقافة عصره فى فهمه، وتفسيره للنص الدينى.

 (أمين الخولي: «حول الأوزاعي»، مجلة الرسالة أول أبريل 1935، ص 497، ص 498).

 • جذور الأصالة وآفاق المعاصرة

 ومن هذا المنطلق مضى الخولى فى رحلته فى إعادة قراءة التراث، وتجديد الفكر الدينى استشرافا لروح العصر، وقيم الحداثة التى تبلورت فى تجربة الحضارة الأوروبية، وكانت انطلاقة أفادت من جذور الأصالة إلى آفاق  المعاصرة إيمانا منه بالماضى كركيزة والحاضر كحياة متوثبة، وبالحوار الدائم بينهما ليتفاعلا ويتلاقحا فينتجا المستقبل المأمول.

 فلقد تأثر الخولى أيضا بثقافة وظروف عصره فى رؤيته لتجديد الفكر الدينى، ففى أعقاب ثورة 1919 توهجت الثقافة العربية، وتوثبت جهود المثقفين لإثبات الذات، ونشدان الهوية والالتحاق بركب الحضارة المتقدم المتسارع، وانطلقت جهودهم من الثابت البنيوى فى حضارتنا بدءًا من النص الدينى والانطلاق نحو آفاق التجديد.

 «يمنى طريف الخولى - قراءة فى كتاب الخير لأمين الخولى - التطور والتجديد فى الفكر الدينى، دار الوثائق القومية، ص2، ص3».

• تاريخ المجددين فى الإسلام

ومن أهم كتابات أمين الخولى كتابه: (المجددون فى الإسلام)، وهو الكتاب الذى يعيد فيه قراءة تاريخ المجددين فى الإسلام والذى بدأ مبكرا منذ حوالى القرن الثالث الهجرى، وقد أصدر هذا  الكتاب لعدة أسباب منها: أنه لم تعد فكرة التجديد بدعا من الأمر يختلف الناس حوله فتخسر الحياة ضحايا من الأشخاص والأعراض والأوقات مما ينبغى أن تدخره هذه الحياة لتفيد منه فى ميادين نشاطها، ولا تضيع الوقت والجهد فى مهاترات تُسخف كل محاولة جادة لدفع الحياة الدينية أو الحياة الاجتماعية إلى ما لابد لها منه من سير، وتقدم، وتطور، ووفاء بما يجد من حاجات الأفراد والجماعات»، والسبب الثانى  هو إحياء نص من هذا التراث وعرضا للون من تفكير أصحابه، وتناولهم للقضايا الحيوية، وتعبيرهم عنها فى تلك  العصور على نحو ما عُرض فى كتاب السيوطى فى القرن العاشر الهجرى، وكتاب المراغى وهو أحدث (ق 13هـ) والكتابان هما (التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل  مائة)  للسيوطى (911 هـ)، وكتاب (بغية  المقتدين، ومنحة المجدين على تحفة المهتدين) للمراغى الجرجاوى (ق13 هـ)  (أمين  الخولى 2010 : (المجددون فى الإسلام)، أخبار اليوم، ص 8 ، ص9

• السلف وفكرة التجديد

وقد كان أمين الخولى يريد من هذا الكتاب أن يدع أصحاب هذا التراث المؤمن بالتجديد يتحدثون هم أنفسهم عن التجديد الدينى، يصفونه، ويسلسلون روايته، ويعينون أصحاب التجديد على رءوس المئات خلال الأربعة عشر قرنا التى عاشها الإسلام حتى اليوم قائلا : (وإذا ما أسس السلف لفكرة التجديد وسموا رجاله، حق لنا أن نكمل الفكرة فى التجديد فنلتمس من تفكير المفكرين فيهم ما نرى فيه من أضواء يبعثها الماضى فيضىء  بها طريق المستقبل).

  وكانت ترجمة الخولى لهؤلاء المجددين فيها تتبع خاص لأعمالهم فى التجديد فإذا كان المجدد حاكما كعمر بن عبدالعزيز مثلا، كانت العناية فى ترجمته بالأعمال التى فهم بها الإسلام، وفسره، وإذا كان المجدد عالما كالشافعى والغزالى مثلا كانت العناية فى ترجمته بالأفكار التى أبداها فى فهم الإسلام وتفسيره، ويؤكد الخولي: (أننا واجدون فى تصرفات المجددين وتفكيرهم ما لم تصل إليه الحياة اليوم، أو قل ما لم تجرؤ عليه لأن المقلدين قد ألقوا بجمودهم فى الفهم والتصرف ضبابا أو ظلاما أخفى حقيقته، وحجبه عن الأنظار فلم يُعرف ، ولم يشتهر)

• الحكام مجددون أيضا

 أيضا آثر السلف المنزع العملى فى التجديد ومن ذلك  أنهم يعدون بعض الخلفاء من المجددين، ويتفقون جميعا على أن عمر بن عبدالعزيز الخليفة الأموى هو المجدد الأول على رأس المائة الأولى لا ينافسه أحد فى ذلك، ويرون أن الخلفاء فى عامة أمرهم يكون مجال تجديدهم هو الجانب العملى فى إصلاح الحكم، ورعاية أحوال الناس، ومع عد هؤلاء الحكام مجددين، وما فى ذلك من الاتجاه العملى ما يقررونه بواضح العبارة من أن : (الأصل فى حفظ الدين  حفظ  قانون السياسة، وبث العدل، والتناصف الذى به تُحقن الدماء ويتمكن من إقامة قوانين الشرع)  ومن الخلفاء المجددين كما رأى السلف : على رأس المائة الأولى عمر بن عبدالعزيز وفى المائة الثانية : هارون الرشيد مع الشافعى، وفى الثالثة : المقتدر بالله مع ابن سريج وغيره من العلماء، وفى المائة الرابعة القادر بالله مع أبى حامد الأسفراينى، وفى الخامسة المستظهر بالله مع الغزالى.

• دور مصر الثقافى والحضارى

وقد اعتبر القدماء أن منصب تجديد الدين منصب اجتماعى عملى كما عللوا التجديد على رءوس القرون فردوه إلى اعتبار اجتماعى من أحداث الحياة فى هذه المدة، ويرون فى ذلك أثرا (أن رأس كل مائة يكون عندهم أمر) بمعنى أن تغير وتطور أمور الحياة، بل والمحن الاجتماعية، ومحن الظلم السياسى والاجتماعى تقتضى التجديد وقد أشار الخولى إلى أول ما كان له من عناية بفكرة تجديد الدين لما نشره فى عدد خاص من مجلة (الرسالة) بتاريخ أول فبراير عام 1933 بمقالة بعنوان (التجديد فى الدين)، وقال إن الكثرة الغالبة من المجددين هم من المصريين ثقافة وإقامة أو دارًا وموطنًا مما يؤكد دور مصر وتقديرها لواجبها الذى تفرضه عليها مكانتها الممتازة بين الشعوب الإسلامية والشرقية، تلك المكانة والمنزلة الاجتماعية والدينية التى تدعوها إلى الاضطلاع اليوم بما اضطلعت به فى قديم التاريخ ووسيطه من حماية الحضارات الكبرى، وصيانة الأديان السماوية الثلاثة، فمصر هى التى ترجى، وستظل ترجى للنهوض بعبء هذا التجديد الدينى الذى يخلص الحياة من ضائقتها الدينية اليوم، وحملات من لا يعرفون حقيقة الإسلام، وصلاحيته للحياة، واستجابتها لأبعد ما تطمح له من تقدم، وانطلاق ورقي».

 (أمين الخولي: «المجددون فى الإسلام» ص16، ص17، ص33، ص34).

• نظرة نقدية لتجديد القدماء

 وقد عرض أمين الخولى فى كتابه «المجددون فى الإسلام» لمفهوم القدماء للتجديد، وقدم نظرة نقدية ثاقبة فيقول: «من وصف القدماء لعمل المجدد حينا أنه إحياء ما اندرس، ومعنى هذا أن شيئًا من المعالم الدينية الاعتقادية أو العبادية، فرضًا أو سُنة، قد أهُمل ونُسى على مر الزمن فيعمل المجدد على إعادة العناية به، والتزامه بالصورة القديمة الأولى التى كان عليها.

 وهذا الفهم المتبادر القريب من جملة كلامهم لا ينتهى إلى شيء من معنى التطور الذى هو تغير الحياة أثناء سيرها إلى مستقبلها، فإذا ما كان المجدد مُطورًا للحياة فمعنى ذلك أنه يقدر تغيرها فى سيرها إلى غدها، ويعمل على جعل الدين مسايرًا لها فى هذا السير، موائمًا لحاجتها فيه، فالتجديد الذى هو تطور ليس إعادة قديم كان، وإنما هو اهتداء إلى جديد، بعد أن لم يكن عن طريق الاجتهاد».

 لكنه أكد أن التجديد الذى يقرر القدماء إطراده فى حياة الدين ووقوعه فى كل نقلة من انتقالات الحياة التى تمثلوها بالقرون ومائة السنة- إنما هو التطور الذى تخضع له الكائنات جميعًا، ماديها ومعنويها.

• الاجتهاد والانطلاق مع الحياة

 وقد أثار الخولى أسئلة مهمة حول أسس التطور فى الرؤى الإسلامية، ومدى هذا التطور ومجاله، وفيما يكون من العقائد والعبادات والمعاملات، أفيها كلها أم فى بعضها دون بعض؟ ومن أهم ما طرحه الخولى أن التطور لا يمكن قصره على الأحكام الفرعية فقط، ويرى ألا صحة لما يقال إن فى الدين أحكامًا أساسية تبقى ما بقى الزمن ولا يجوز فيها أى تغيير، ويعترض على فكرة قصر الاجتهاد على الأحكام الفرعية ويستعين أمين الخولى بآيات القرآن الكريم- وهو الأساس الأول وأصل الأصول- وفيها قوله تعالي: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» آية 11 من سورة الرعد، وقوله تعالي: «ذلك بأن الله لم يك مغيرًا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» آية 53 من سورة الأنفال.

 فالتغيير هو واقع الحياة كما تصوره الآيات الكريمة، كما أنه لا شيء يستعصى على هذا القانون للحياة (التغير والتطور) فكل شيء يتغير مع الزمن ولاسيما المتطاول منه فتتغير صورته الذهنية ومفهومه العقلى، ويتغير تبعًا لذلك وقعه النفسى، ويتغير أيضًا التعبير عنه، والتمثل له، ويقضى التطور أن يكون الحديث عنه بأسلوب لا يناوئ قانون الوجود.

• اليُسر فى الدين ورفع الحرج

 ويستند أمين الخولى فى قوله «إن الأحكام ليس منها ما يستعصى على التطور» فهى تتأثر بالضرورات التى تبيح المحظورات وجاء ذلك وفقًا لآيات القرآن الكريم فى قوله تعالى: «فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه» آية 173 من سورة البقرة.

 وقوله تعالى: «فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم» آية 115 سورة النحل، وقوله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) آية 119 سورة الأنعام، ثم يقول الخولى: «فهلا كان فى هذا كله ما يحمل على تخفيف ما يقال عن سُنة التغير بشيء من الإشارة إلى هذا الاضطرار الذى أكثر القرآن من استثنائه، وتقرير مغفرته».

 وتساءل: هلا كان فى مبدأ اليسر فى الدين، ورفع الحرج ما يخفف من عنت فكرة بأن أحكامًا لا يجوز فيها أى تغيير وتبقى ما بقى الزمن مستشهدًا بالآيات الكريمة: «وما جعل عليكم فى الدين من حرج» آية 78 سورة الحج.

 وقوله تعالى: «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج» آية 6 سورة المائدة.

 وقوله فى رحمة حانية: «يريد الله بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسر» الآية 185 سورة البقرة.

 واستند الخولى أيضًا إلى قاعدة فقهية: «لا ضرر ولا ضرار»..

 ويقول: «أى أن الضرر مدفوع، والحرج مرفوع، واليُسر مطلوب، والعُسر مكروه، وتلك هى شمائل القرآن الكريم».

• تحرير العقيدة

بل أكد الخولى إمكانية تطور الدين فى جوانبه المختلفة، وأفرد فصلاً فى كتابه «المجددون فى الإسلام» للحديث عن التطور فى العقائد فيقول: «إن نظرة إلى واقع الحياة الاعتقادية الإسلامية فى القرون الخالية تكشف عن أمثلة من الاختلاف بل الاصطراع حول تحرير العقيدة الإسلامية، ويشير فى هذا إلى اختلاف أهل السُنة والمعتزلة حول السببيةِ وأفعال العباد- على سبيل المثال- فأنكر أهل السُنة السببية، فى حين آثر المعتزلة تقرير السببية، وامتد ذلك الخلاف إلى الدرس الأدبى المحض.

 وإذا ما كانت النظرة إلى الاعتزال فى أوقات من الركود والتخلف قد كانت نظرة قاسية ترى الاعتزال انحرافًا أو زيفًا، فإن ذلك اليوم مما تأباه آفاق الفكر الإسلامى الحاضر.

 فإذا ما تغيرت النظرة إلى الاعتزال هذا التغيير، وارتفعت أصوات الدعوة للتقريب، وفى الوقت نفسه احتاجت الحياة إلى توثيق الإيمان بالعلم لأن تلك هى دعوة الإسلام، فقد حق علينا أن نحرر العقيدة الإسلامية اليوم تحريرًا يحمى إيمانها بالعلم، وثقتها بسنن الله الكونية التى قال القرآن فيها: «ولن تجد لسُنة الله تبديلا ولن تجد لسُنة الله تحويلا» آية 68 من سورة الأحزاب.

 فتكون العقيدة المحررة اليوم مقررة للسببية، ومن هنا يقول أمين الخولي: «إن تطور العقائد ممكن بل هو اليوم واجب لحاجة الحياة إليه، ولحاجة الدين إلى تقريره حماية للتدين، وإثباتًا لصلاحيته للبقاء، واستطاعته مواءمة الحياة مواءمة لا يتنافر فيها الإيمان مع نظر ولا عمل صار دستور الحياة وواقعها».

 (أمين الخولي: «المجددون فى الإسلام» ص59، ص62).

• تطوير العبادات

 ورأى الخولى أن التطور العبادى أصبح ضروريًا بعد ما جد من وسائل الحركة والتنقل كالطائرات مثلاً فهل نظل نأخذ حكمها من الصلاة على الدابة أو الصلاة فى السفينة أو أن الأمر يحتاج إلى مرونة متطورة مع تطور الحياة.

 ويقول أيضًا: «وماذا يكون الرأى فى حكم الاقتداء بالأجهزة المتطورة التى تُذاع بها الصلوات الجامعة من جمعة وعيد وفيها واسطة حاضرة مشهودة كالتليفزيون، يرى فيه المُصلى من حال الإمام وحركاته ويسمع من صوته، ووعظه ما لا يستطيع أن يراه إلا بكل صعوبة فى مسجد حيَّه الصغير أو الكبير المزدحم.

 ومن المسائل المهمة التى عرض لها الخولى وأكد ضرورة تطويرها: طرق عرض هذه العبادات ووسائلها فيقول: «ما أحسب أن يُقال للنشء إن التيمم بالتراب بديل الغسل حين يكون على الماء عدو مخيف أو حيوان مفترس أو حينما يكون استعمال الماء مضرًا، أو نقول لهم إن سقوط فرض الوضوء بالماء وانتقال الغرض إلى التيمم بالتراب فى هذه الحالات تأكيد لحق الحياة فلن يسهل على هؤلاء الأبناء مهما تكن طبقتهم الاجتماعية- إن بقيت طبقات- أن مسح الوجه بالتراب تأكيد لحق الحياة.

 ويستطرد الخولى فيقول: «وما يحسنُ اليوم أن يكثر الحديث فى الزكاة والصوم عن الفقراء، والبر بهم، وإدخال السرور على أنفسهم، وصونهم عن الاستجداء يوم العيد لأن ما يؤدى لهم إنما هو حق، وحق معلوم بتعبير القرآن الكريم، والجهد مبذول فى أداء حقوقهم لا فى إغنائهم عن التسول يومًا أو بعض يوم فقط».

• تطوير المعاملات

 ويقول الخولي: «والأمر فى المعاملات على كل حال ليس إلا أمر مصلحة واقعة حيث وجدت فثم حكم الله كما يقولون بصريح اللفظ، وتطور عرض العقائد والعبادات والمعاملات يهدف إلى أن لا يبدو الجو الدينى فى صور منعزلة عن الحياة فليجتهد رجال الأديان فى كل مكان فى سبيل المشاركة العلمية والعملية فى الحياة مع الاحتفاظ بالطابع الدينى، والحظ الكامل من الثقافة الدينية دون أن يجور شيء من الثقافات الأخرى على ما يجب تحصيله من ثقافات دينية بحتة، فى بيئة مخلصة لذلك، والتماس ما قد يصيب رجال الدين من ثقافة علمية فى بيئة علمية مخلصة لذلك».

 •••

 كانت تلك رؤى أمين الخولى فى تطوير العقائد والعبادات من خلال رحلته فى إعادة قراءة التراث واستشراف روح العصر وقيم الحداثة فى تجديد الفكر الدينى .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز