عاجل
السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
هل مازال قلبك يدق؟

هل مازال قلبك يدق؟

بقلم : أمل حجازي
     وكان الحديث يسري بشكل طبيعي، وكان كل شيء يوحي بالهدوء، كان كل شيء يوحي بالراحة؛ حتى سألها فجاءة: " هل مازال قلبك يدق؟"...عندها فقط هربت كل الكلمات من قاموس عقلها، باتت صفحته فارغة بلا لغة تنطق. لم تعرف كيف تعمل شفتيها لكي تنطق بالكلمات. وكأنها عادت طفلة صغيرة تريد من يعلمها الكلام. ماذا حدث لها؟ هل هذا السؤال صعب أم محرج أو ربما ليست له إجابة! أنه ليس كل ذلك، أنها فقط لم تكن مستعدة لأن تواجه نفسها بسؤال كهذا!
 
   بينها وبين نفسها فكرت، وتساءلت: يا ترى ما المغزى من سؤاله هذا؟ هل يطمئن عليها؟ هل يخاف عليها؟ وما شأنه بقلبها؟ ...إلا إذا كان يسأل من شأن قلبه هو الآخر!!... يا ويلي...هل وقع في حبي؟
 
  كيف يقع في حب امرأة على ذمة حب آخر؟ كيف تسول له عاطفته أن تنجرف وراء امرأة لن تكون يوما ملكه؟ كيف يحلم حلما مستحيلا؟ كيف يتمنى حبا لم يكن ولن يكن أبدا من نصيبه؟
 
  "هل ابتعد؟" سألها ...لماذا لم تقل له "نعم" بكل صراحة وبكل وضوح؟ لماذا اختنقت الكلمة داخل جوفها؟ أليس هذا أفضل للجميع؟ أليس هذا أفضل من التورط أكثر في جريمة الحب الضائع؟ أليس هذا هو الحل الوحيد العاقل لكل هذا العبث؟ ماذا أصابها؟ هل مال قلبها دون أن تدري؟ أيها اللعين...كيف تميل، كيف تتورط دون إذني؟
 
   ولكن هل القلب يستأذن قبل أن يقع في الحب؟ هل المشاعر تأخذ موعدا مسبقا قبل أن تشتعل بنيران العشق؟ ومنذ متى والعقل يطلب منك السماح أولا قبل أن يسهر ويقلق؟  الحب مثل نزلة البرد التي تصيبك دون أن تدري ولكنك تحس بأعراضها تدريجيا، فمع ارتفاع درجة حرارة قلبك ولهاث أنفاسك يعلن جسدك التمرد عليك فجأة، فتسقط صريعا مصابا بحمى الغرام!
 
   ليس من السهل ابدا أن تكون قادرا طوال الوقت على خنق الكلمات بداخلك. ليس من السهل أبدا أن تتحدث بكلمة وتعني أخرى. ليس من السهل أبدا أن تقول شيئا ويصرخ قلبك بين ضلوعك بشيء آخر لعلك تسمعه. ربما ستحاول مرة، ومرة، وتليها مرات، ولكن في كل مرة ستقل مقاومتك وتنسحب قوتك تدريجيا وعندها لن يكون أمامك إلا حلين لا ثالث لهما: الانسحاب، أو الاستسلام.
 
  تلك قصة متكررة لحب يأتي في وقت غير مناسب لشخص مناسب جدا، ذلك الحب الذي طالما كان يأتي في كل الأوقات المناسبة ولكنه كان دوما يتعثر في الشخص الخطأ. أنه الحب المستحيل. أنه الشوق الممنوع. أنه اللعب بالنار والإقتراب من المحظور.
 
   في كل الروايات الغرامية التي قرأناها نتألم جميعا مع البطل ونحن نتابع عذاباته، ونحن نراه يتذوق مرارة الحرمان من حبيبه، ثم تنكسر قلوبنا معه عندما تتحطم أماله كل مرة. نصاب معه بخيبة الأمل عندما يساء فهمه. نكتم بداخلنا صرخة ألم شعر بها هو عندما تخذله الحياة. تهرب من أعيننا دمعة ونحن نقرأ نهاية الرواية التي تنتهي نهاية غير سعيدة. كم أكره تلك الروايات التي تنتهي نهايات تعيسة!  بلي...أولم يكن كل شيء في يد كاتب القصة؟ أو لم يكن أمر قلمه بيده؟ أولم يكن بمقدوره أن يجعل حبهما يعيش برغم كل تلك الظروف التي هو كاتبها أيضا؟ لماذا يقتلهما سويا ويجهض حبهما بدم بارد؟
 
 أما في الحياة فمن يكتب الرواية؟ من يحدد المصير؟ من يختار قدرك؟ قد لا تختار أبويك، قد لا تختار لونك أو طولك أو شكلك، وطنك أو لغتك. ولكنك حتما تختار تعليمك، تختار شريك حياتك، تختار مكان إقامتك، ولكن هل تختار وقتا مناسبا لكي يدق قلبك؟؟
 
  ولأن قصتنا اليوم قصة قصيرة، حدثت وتحدث كثيرا، فحتما نحن نحفظ النهاية. قصة الحب الذي يأتيك فيقلب حالك، يأتيك فتعيد ترتيب أوراقك التي تبعثرت للتوه بسبب دقة القلب التي خرجت عن مسارها الطبيعي، يأتيك فتتمعن في أمر سعادتك الحالية، يأتيك وتأتي معه قائمة طويلة من المشاعر المتداخلة التي تكفي لقلب نظام حياتك! فهل تستسلم؟ أو هل تقاوم وتنتظر حتى تعود تلك الدقة الشقية لمسارها داخل رسم قلبك من جديد؟ وحتى وإن نجحت، وحتى وإن عادت هل سيعود القلب كما كان؟
 
 وكنهايات الروايات الحزينة، في الغالب لن تكتب الحياة لهذا الحب. ولكن سيظل القلب يتذكر تلك الدقة الطائشة التي بعثرت حاله، وهبت كالنسيم العليل على خلايا قلبه. قد يشتاق أحيانا، قد يحن أحيانا، حتى أنه قد يمرض بدونها لفترة من الوقت ولكنه حتما سيتعافى!



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز