د. عادل القليعي
هل العقل العربي والإسلامي عاجز عن التفكير؟!
من الشبهات الخطيرة التي أثارها بعض المستشرقين قصور ذاتي في العقلية العربية والإسلامية وعجز شبه تام عن التفكير العقلي المنظم.
وفي اعتقادي أن السبب الرئيس الذي جعل بعض هؤلاء يذهبون هذا الذهاب هو خير وسيلة للدفاع الهجوم، فبدلا أن يتهموا أنفسهم بالعجز والفشل ويصبوا وابلا من الطعنات والهجوم الشرس علي العرب إذ راعهم هذا التقدم المذهل على كل نشاطات العقل وقد نقلوا وأخذوا عنا كل شيء، فبدلا أن يحمدوا لك هذا المعروف يكيلوا لك الاتهامات ويثيروا حولك الشبهات ويدبروا لك المؤامرات.
وأول هذه التهم والشبهات أنك أيها الشرقي، أيها العربي، عقلك عاجز ومحدود لا يستطيع التفكير العقلي الحر المنظم ودورك هو التبعية البغيضة ودورك هو الناقل والمقلد والمتلقي الذي لا دور له اللهم إلا الأخذ عن هذا الغربي الأوربي المتفتح صاحب العقل المستنير المتحرر وكأنك كتب عليك أن تكون الصبي (الولا بيليه) وحتي هذا البلية قد يكبر ويسأل اسطاه ما هذا ولم فعلت ولم لم تفعل، لكن هذا الغربي استنكر عليك حتي أن تكون هذا البليه - وما تخفي صدورهم أكبر -حقد دفين، وهنا نجدهم يفرقون بين الأجناس تفرقة عنصرية رفضتها كل الأديان وكل الأعراف.
جنس آري أوروبي غربي متفتح مثقف ذو عقل ناضج يقبع تحت المعجزة الكبرى التفكير خلق عبقري يوناني أصيل.
وما دون هؤلاء جنس سامٍ شرقي معدوم التفكير وإن وجد فهو عبارة عن تلق عن الغرب -ولكن ليس العيب عيبهم وإنما عيبنا نحن من فعلنا ذلك بنا نحن من قبلنا الدونية هم أهل عقل يفكرون يبحثون ونحن ما الذي ينقصنا أحفاد محمد وعيسى وموسى ألسنا متساوين في العقول، ألم يقل رينيه ديكارت، العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس.
للأسف قبلنا الدنية في علمنا وفرطنا في تراث أسلافنا الذي جعل البعض يقول - من المستشرقين - قصور العقلية العربية جاء نتيجة جريهم خلف الأوهام والميثولوجيا والتفكير الخرافي، كذلك إيمانهم بالوحدانية حصرهم في دائرة ضيقة ألا وهي التفكير الديني الميتافيزيقي.
أما نهضتنا قنبعت من التعددية تعدد الإله، سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب.. وللأسف أن هناك الكثير من المفكرين العرب لهثوا خلف هذه الأباطيل والأكاذيب، فمنهم من قال إن العقلية العربية ليست مؤهلة للبحث الفلسفي ومنهم من قال إن دور العربي دور المتلقي، إلا أن هناك من تصدى بكل قوته لهذه الترهات وقال إنه لا شرق هناك ولا غرب، وإنما يوجد الإنسان أصل كل الحضارات فبدونه لا توجد حضارات. وأقول ردا على هؤلاء وهؤلاء نتعامل مع أنفسنا مع بعضنا البعض يعامل الواحد منا أخاه معاملة إنسان حتي يحترمنا هؤلاء ويعاملونني كإنسان كرمه الله وكرمته كل الديانات.
وهذا ما أيده بعض منصفي المستشرقين من أن هذه الدعوي ساذجة، وأن العقلية العربية تفتقر إلى الأصالة، وأن الأعلام المسلمين مبدعون مؤمنون بالعقل وقضاياه استخدموا الحجج والأدلة والبراهين ووصلوا بعقولهم إلى مراق مراتب عالية.