
قلبي الظالم قاضي وجلاد
بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني
"انت مش مجنون. انت مش قاسي. ومش مطلوب منك تتعاطف مع حد. مش مطلوب منك تدفع من حياتك لمجرد ان ناس تانية تعيش لما تاكل حياتك"
إنه أمر طبيعي جدًا أن تفقد كل الشغف نحو من تحب. تستيقظ ذات صباح فتجد أنك لا تريد أن تتصل به لسبب لا تعرفه. تقنع نفسك بأنك لا محالة ستشعر بالشوق إليه بعد قليل وستحدثه كعادتك. لكن قلبك يفاجئك بأنه لا يذكرك به طوال اليوم. في المساء حين يتصل هو بك. تطيل النظر لاسمه المضيء في شاشة الهاتف. لا تقدر حتى على الابتسام. تشعر باختناق بسيط. ليست كراهية وليست حبًا. مجرد شعور بالضيق صغير. لا يسترعي الاهتمام ومحاولة التفكير به من وجهة نظرك. لكن هذا الشعور الصغير يمتد حتى ينتهي رنين الهاتف. ولا تجبه. تتركه ينتظر سماع صوتك ظانًا أنك هذا الشخص الذي أنهى معه مكالمة شديدة الحميمية قبل أقل من 24 ساععة فقط. سينتهي الأمر بأن كليكما مندهش، لكن بينما هو يبحث عن سبب لما يحدث ويراجع في يأس وأمل تصرفاته الأخيرة علّه يكون ضايقك ولم يقصد. أما أنت فينتهي ضيقك مع انتهاء الرنين وتجد لذة كبيرة في ممارسة حفر ثقب في ذاكرتك.
"مش بافتكره. مش عايز أشوفه. مش شايف إنو غلط فيا حتى. بدأت أحاكم نفسي كتير. وأجلد في روحي. بس الغريب إن في نهاية كل جلسة محاكمة أو جلد بأتأكد إن بأمارس حق من حقوقي أنا معرفوش ومش مهتم أعرفو مادام حقي!"
تمارس حقك في الملل من الحب. كان جدي يكرر دومًا: "الأشياء التي لا تعرف سببًا لبدايتها غالبًا تنتهي بلا تفسير تفهمه لنهايتها" ما حاجتك لتفسير انتهاء حالة عشق؟! ما حاجتك لمعرفة سبب رحيل شيء حين اقتحمك لم يعطك سببًا لحضوره. أمضيت كل هذا الوقت تحت سيطرة حالة لا تخضع للمنطق وتمارس عليك سطوة خارقة تخترق كل قوانينك وتسخرك من أجلها. أنت الآن لا تفعل شيئًا سوى أنك تخترق كل قوانينها. أليست هذه الحالة هي من اختارت أن يصبح الأمر بينكما على هذا النحو؟! ليس من حقها الآن أن تتلقى تفسيرًا للرحيل.
"كل اللي نفسي فيه يبقى عندي شجاعة أكلمو وأقول إني نهيت كل شيء. بس الغريب إني حتى مش فاهم دي نهاية أو هدنة؟ بس أنا مش عايز أشوفو ولا أسمع صوتو تاني ومش قادر أشوفو ولا أسمع صوتو"
أطمئنك. كان حبًا بالفعل. حبًا كاملًا بكل تفاصيله. ربما استهلكتما كل المتاح بينكما من الحب سريعًا. وربما انتهت شهيتكما لهذه الحالة. وربما تسرب إليكما الملل. الواقع يخبرك أن الأسباب لا تهم طالما كنت صادقًا بما يكفي لأن تتأكد أنه كان حبًا ولم يكن نزق أو مغامرة. أنت كنت صادقًا ونبيلًا. ما دمت لا ترغب في شيء لا تفعله. هذا هو القانون الأول للحب. طمئن قلبك بأنه لم يرتكب إثمًا. واتبعه بعد أن يطمئن. فهو يملك البوصلة التي تجعله على صواب. وكل ما فعلته وستفعله يريد راحة قلبك فأرحه. القلوب تفهم بعضها. وقلبك يعلم أفضل ما يكون له ولقلب من تحب فاتبعه.