أسامة سلامة
نعم ..نحن سحرة فرعون
بقلم : أسامة سلامة
أراد مرشد الإخوان وجماعته سب الصحفيين وهجاء الإعلاميين، فمدحوهم. ولا أدرى هل كان هذا عن جهل واستخدام للعبارة القرآنية فى غير موضعها؟ أم أن الله أعمى بصيرتهم وأغلق عقولهم، فكانت الأقفال على قلوبهم، فلم يصلوا إلى المعنى والمغزى القرآنى.
من حمقهم وصفت قيادات الإخوان الإعلاميين وعلى رأسهم الصحفيين بأنهم «سحرة فرعون»، ونحن نفخر بذلك ونؤكد عليه، نعم نحن «سحرة فرعون» الذين آمنوا بربهم وتحملوا فى سبيل إيمانهم عذاباً لا يطاق، والحكاية كما جاءت فى القرآن أن فرعون استعان بالسحرة لمواجهة معجزات النبى موسى عليه السلام وطلب موسى عليه السلام أن يبدأوا هم، فألقوا عصيهم، فخيل إليه من سحرهم أنها حيات تسعى!، فأوجس فى نفسه خيفة موسى، ولكن الله طمأنه، فألقى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون، وهنا أعلن السحرة إيمانهم، وقالوا آمنا برب موسى وهارون، وهو ما أغضب فرعون الذى هددهم: «آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم فى جذوع النخل»، ولكن السحرة لم يرهبهم التهديد لما عرفوا الحق وأصروا على إيمانهم مهما بلغ بهم تعذيب فرعون وجنده، ولهذا فنحن نفخر أننا سحرة فرعون الذين عرفوا الحق بعد الثورة ولن يتنازلوا عنه.
كثير من الصحفيين هاجموا النظام السابق، وكشفوا فساده، وهاجموا خطط توريثه، لم يخفهم تجبره وأسلحته وجنوده، وعانى صحفيون كثر من توجيه اتهامات باطلة لهم، ومن قيود غير قليلة كبلت حريتهم، ولكنهم أصروا على مواصلة نضالهم.
بعد الثورة كنا نأمل فى إرساء دعائم الديمقراطية، وفتح الأبواب أمام الحريات، خاصة للإعلام، ولكننا فوجئنا بمزيد من القيود وصلت إلى حد وضع نص فى الدستور الإخوانى يتيح إغلاق الصحف، بجانب الرفض القاطع من واضعى الدستور النص على منع حبس الصحفيين، بالإضافة إلى البلاغات المقدمة من الإخوان وأنصارهم ضد عدد غير قليل من الإعلاميين، ولكن كل هذا لم يمنع الصحفيين من الوقوف مع الحق ضد الباطل، ومع مصالح الشعب ضد جبروت الحاكم، ومع الشفافية ضد الفساد ومع الحرية ضد الديكتاتورية، هؤلاء هم سحرة فرعون العصر الحالى الذين يتحملون المتاعب فى سبيل الحرية، ومن أجل مستقبل أفضل للوطن.
لقد عذب فرعون السحرة الذين آمنوا برب موسى لما عرفوا الحق، والصحفيون يدفعون الآن ثمن دفاعهم عن الثورة ومبادئها: «الحرية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية». وهى شعارات ومبادئ لا يؤمن بها الفراعنة على مر العصور، ولهذا فإنهم يكرهون الصحافة الحقيقية التى تكشف أخطاءهم وخطاياهم، يريدون سحرة يأتمرون بأمرهم يدافعون عن الظلم يروجون أنه العدل، يخدعون الناس بألاعيبهم، وبمعسول الكلام، يقلبون الباطل حقاً، ويحولون الحقيقة إلى أكاذيب، همهم الأول أن يرضى عنهم الحاكم، مقابل مكاسب صغيرة مهما كبرت، يرون فرعون ظل الله على الأرض، وليس عبدا يخطئ ويصيب.
فرعون ووزيره هامان وجنودهما يكرهون سحرة فرعون الذين يرفضون أن يمالئوه على حساب الحق، وهو ما يغضب السلطة وأعوانها، ولهذا فإن الاتهامات ضد الإعلاميين تتزايد، وأظن أن منهم من سيدخل السجون، أما الصحافة وطبقا للدستور الإخوانى فقد تغلق معظم أبوابها والتهمة الجاهزة آمنتم بالحق قبل أن آذن لكم، فلأقطعن أيديكم التى تكتب، وأحطمن أقلامكم التى تسطر، وأغلقن أفواهكم التى تتكلم، وأقطعن ألسنتكم التى تنطق، ولكن كل هذا لن يجدى، فبعد الثورة لن يسكت أحد مهما كان التهديد، ولن يغمض أحد عينيه مهما علا الوعيد، سنظل نتكلم ونكتب، ونحن على استعداد لدفع ثمن إيماننا بالحق فى مواجهة فرعون وجنده، ولنا فى سحرة فرعون أسوة حسنة.