12:00 ص - الأربعاء 4 فبراير 2015
"أيوة بأقول لكم كدة .. أنا مستعد أتقتل" !
كلمات خرجت على لسان عبد الفتاح السيسي بعد اجتماعه بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية في أعقاب الهجوم الإرهابي الغادر على جنودنا البواسل في سيناء، و الذي أسفر عن استشهاد و إصابة العشرات منهم ليصعدوا إلى جنة الخلد، و يتركوا لنا مرارة الألم، و نيران الغضب، و حسرة فقد خيرة شباب الوطن على أيدي من ظننا أنهم منا، فجاءت الطعنة منهم في ظهورنا !
و قد يستغرب البعض مناداتي للرجل هنا باسمه و ليس بوصفه السيد الرئيس، بل و قد يذهب البعض لما هو أبعد ليصمني بافتقاد اللياقة و الأدب في الحديث عن رئيس الجمهورية، و لكني في حقيقة الأمر قصدت ذلك تماماً، فالرجل حين نطق بتلك الكلمات لم يشعر ملايين المصريين، و من ضمنهم من لم ينتخبوه، بأنه رئيسهم، بل بأنه واحد منهم، مصري مثلهم، يشعر بما يشعرون به من غضب، و يعتصر قلبه ما يعتصر قلبهم من ألم، و يعلم أنه، مثل أي مصري على أرض هذا الوطن، عرضة لأن يفقد حياته من أجل مصر في خضم حربها الضروس مع أعداءها.
لا أستطيع هنا أن أنكر تحفظي على الكثير مما يشوب أداء الحكومة الاجتماعي و الاقتصادي منذ تولي سيادته مقاليد الحكم في البلاد، و لن أنكر قناعتي أنه مازال هناك الكثير من الأمور على كافة الأصعدة التشريعية و القضائية و الأمنية التي تحتاج تسويتها بشكل أكثر احتراماً للشعب الذي قام بثورته المجيدة في يناير، ثم لم يلبث أن استكملها و خلصها ممن انقضوا عليها في يونيو من أجل حريته و كرامته، و لكني في الوقت ذاته لا أستطيع إلا أن أعبر عن إحساسي العميق بصدق هذا الرجل حينما يتعلق الأمر بسلامة مصر و أمنها و وحدة أراضيها و الحفاظ على هوية شعبها العظيم، و كيف لا و هو من وضع حياته على المحك حين استجاب لنداء الشعب في يونيو دون أية ضمانة حينها بنجاح الأمر من عدمه ؟
و ليس عندي ما قد أستطيع به نفي صدق مسعاه في تحسين الأمور" قدر المستطاع"، و إن كنت أرى أنه كلما تاخر إنجاز خطواته، كلما زادت صعوبة مواجهة مراكز القوى التي أوقن أنها مازالت هناك تحاول العبث باستقرار الوطن من اجل مصالحها الضيقة المرتبطة بمن تبقى من رموز نظام مبارك، أو من هرب من قيادات الإخوان.
و لن أخفيكم سراً هنا، أن كلمات الرجل في ذلك اليوم نزلت برداً و سلاماً على مسامعي، فهو مرة اخرى يؤكد، لمن لا يريد أن يعقل، أن من خرج لاستكمال ثورته و استرداد وطنه و هويته في يونيو هو الشعب ..
و أن من أطاح بشرعية الإخوان المزعومة هو الشعب ..
و أن من عزل دميتهم البلهاء في قصر الرئاسة هو الشعب ..
و أن من اختار المواجهة و عدم الخضوع للفاشية الدينية و مقاومة تغيير الهوية هو الشعب ..
و أن من اختار من وجده أصلح دون غيره لقيادة هذه المواجهة هو الشعب ..
و الأهم من ذلك كله، هو تأكيد الرجل استعداده و رجال القوات المسلحة للموت في سبيل أن يحيا الشعب ..
فلقد نفى الرجل بهذه الكلمات بنفسه عن نفسه ادعاءات من أدمنوا وضع الزعماء في مراتب الآلهة كما كان يفعل المصريين القدماء بفراعينهم، أو مراتب الشخصيات الخارقة في أساطير الإغريق و الرومان حيث يؤول الصراع فيما بينها في النهاية لأن يخر الجميع سجداً لمن كان النصر حليفه، و كأن الشعب مجرد ميراث تمنحه الآلهة لمن يجلس على كرسي العرش!
لقد وضع الرجل النقاط واضحة على حروف وثيقة النجاح في الحرب على الإرهاب و تقدم الوطن..
فالشعب هو من سينتصر إذا قرر ذلك بإدراك أن الحرب حربه هو و ليست حرب الرئيس ضد من يدعون أنه عدوهم الأوحد ..
و الشعب هو من سينتصر بإدراك أن المعركة طويلة و أن عليه تقديم التضحيات و ليس التذمر و انتظار الغنائم فقط ..
و الشعب هو من سينتصر حين يدرك كل فرد فيه أن الرئيس هو من اختارته الأغلبية لقيادة المواجهة سواء كان قد منحه صوته، أو لم يفعل ..
و الشعب هو من سينتصر حين يدرك المعارض أن مساندة الجيش و الوقوف خلف قائده الأعلى لا يتعارضان مع كونه وطنياً مخلصاً يؤيد حين تصيب الحكومة، و ينتقد بمسئولية حين يجانبها الصواب ..
و الشعب هو من سينتصر حين يدرك قائده أنه في منصبه ليحقق خيار الشعب و فقط ..
خلاصة القول يا سادة، أن على الجميع إدراك أن الشعب هو من يصنع خياره و هو من يختار قادته، و الزعيم الحق هو من يثمن قرار الشعب باختياره للقيادة، و من يضع روحه فداءاً لتحقيق إرادة الشعب في الحرية و الكرامة و الأمن و العيش في سلام على تراب موحد، فلا تؤلهوا من اخترتم و تكتفوا بالمشاهدة و تفترضوا حتمية انتصاره دن مساندتكم له و لقواتكم المسلحة، و لا تسرفوا في المساندة فتخذلوا من طلبها حين تشقوا الصف بنزعكم الوطنية عمن يريد الأفضل، و ينتقد دون تثبيط للعزيمة، أو رغبة في بث روح الانكسار و الهزيمة.
حمى الله مصر و شعبها، و وفق رئيسها لما فيه صالح الوطن.