عاجل
الخميس 6 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
رسـائـل الأقبـاط مـن سيـنــاء

رسـائـل الأقبـاط مـن سيـنــاء

بقلم : أسامة سلامة






أسامة سلامة
 
 
هناك من شارك فى استعادة سيناء إلى حضن الوطن.. وهناك من يحاول الآن الانفصال بها.. الفارق بين الاثنين تكشفه رسائل حرب أكتوبر وحكايات أبطالها.
 
«لن يأخذ تار رياض غيرى».. هكذا قال الضابط «ثابت أقلاديوس» مخاطبا قائده.. كان الإسرائيليون يشنون هجوما بالمدفعية والدبابات على إحدى النقاط المصرية أدى إلى استشهاد رئيس الأركان اللواء «عبدالمنعم رياض» الذى كان يتفقد الجبهة.. رصد أقلاديوس موقع الدبابات المعادية وأصر على ضربها، وعندما طلب منه قائده تكليف أحد الضباط الأصغر رتبة منه رد عليه: «لن يأخذ الثأر غيرى».. صعد إلى برج المراقبة وسط القصف العنيف ودرس الاتجاهات وحركة الرياح ثم أبلغ القيادة بالاستعداد وتم إطلاق 48 طلقة مدفع أصابت جميع المدرعات والدبابات ماعدا واحدة استطاعت الفرار.
 
لواء ثابت أقلاديوس ترقى حتى وصل إلى رئيس عمليات مدفعية الفرقة الثانية خلال حرب أكتوبر.. شارك فى تدمير النقاط الحصينة فى خط بارليف حتى أصيب يوم 16 أكتوبر.
 
إذا كان اللواء أقلاديوس نجا من الموت فإن لواء أركان حرب شفيق مترى سدراك روى بدمائه أرض سيناء.. ظل 6 سنوات كاملة يواجه الإسرائيليين.. اشترك فى معركة «أبوعجيلة» فى حرب 67 وهى إحدى المعارك القليلة التى اشتبكت فيها بعض كتائب الجيش المصرى مع الإسرائيليين.. وبسبب صموده مع زملائه حصل على ترقية استثنائية.. 6 سنوات قضاها سدراك على الجبهة يواجه الموت كل لحظة حتى استشهد يوم 9 أكتوبر وهو يحارب على عمق 14 كيلومترا داخل سيناء.
 


فؤاد عزيز غالي
 
لولا اللواء باقى يوسف صدقة.. ربما ما كنا نجحنا فى تحطيم خط برليف.. كان الساتر الترابى الذى أقامته إسرائيل على الضفة الشرقية من القناة حصنا منيعاً فشلت كل محاولات فتح الثغرات فيه.. لم تنجح المتفجرات ولا قذفه بدانات المدافع.. ووسط الحيرة تفتق ذهن «باقى» عن استخدام ضغط المياه لفتح ثغرات فى الساتر.. استمد المهندس باقى الفكرة من عمله فى السد العالى، حيث التحق بالعمل به عام 1964 وهناك وجدهم يستخدمون المياه فى تجريف جبال الرمال عن طريق مضخات قوية.. ونجحت التجارب التى أجريت قبل الحرب، خاصة بعد أن قام «باقى» بتطوير المضخة إلى مدفع مائى يعمل على دفع المياه بقوة كبيرة.. وفى حرب 73 أشرف على هدم الساتر الترابى، ومع فتح الثغرات بدأ الطريق إلى سيناء.
 
أسماء الأبطال الأقباط فى حرب أكتوبر كثيرة، وحكاياتهم المشرفة عديدة، منهم اللواء فؤاد عزيز غالى محرر مدينة القنطرة شرق وأيضا اللواء طيار فكرى بباوى الذى أصيب إصابة بالغة خلال الحرب، ولكن زميليه محمد مصيلحى وزكريا عامر - المسلمين - رفضا أن يتركاه وحملاه 3 كيلومترات وسط قصف الطائرات الإسرائيلية حتى وصلوا إلى موقع الإسعاف.
 
لاتستطيع الذاكرة أن تستوعب كل أسماء الأبطال الأقباط فى حرب أكتوبر.. فهم كثر.. ولكننى أعتذر عن أن أحكيها من منطلق أنهم مسيحيون.. فقد اضطررت إلى هذا الحكى بعد الأنباء التى تواردت عن قيام مجموعات متطرفة بتهديد المسيحيين فى رفح لإجبارهم على تركها.. حقيقة عادت الأسر المسيحية المهجرة مرة أخرى بعد تدخل السلطات.. ولكن يظل التهديد قائما والنظرة العدائية للأقباط موجودة لدى هذا الفصيل المتطرف.
 
رسائل حرب أكتوبر لهؤلاء الذين يسعون إلى خطف سيناء تقول إن دماء المسيحيين امتزجت بدماء المسلمين من أجل استعادة الكرامة المصرية.. ساهموا بأرواحهم فى تحرير سيناء التى يحاول الآن الإرهابيون السيطرة عليها وكأنهم ينفذون مخططا إسرائيليا أعتذر مرات ومرات عن أننى فصلت بين البطولات التى قام بها المسيحيون المصريون.. وبين الأبطال المسلمين المصريين فقد أجبرنا المتطرفون على ذلك.. لقد أصبحنا نسأل عن عدد الأقباط، نسبتهم بين المصريين.. ولكننا خلال الحرب لم نسأل أبدا هل كان الوجود المسيحى والشهداء والجرحى بنفس نسبة تعدادهم.
 
حرب أكتوبر لم تكن فقط انتصارا.. ولكن أيضا رسائل مازلنا نتعلم منها ونكتشف من خلالها يحب الوطن ومن يريد هدمه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز