عاجل
السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
أبواق منفرة

أبواق منفرة

بقلم : عاطف حلمي
لا يمكن لأي شخص أن ينكر على السيسي الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن لايمكن لأحد أيضاً ان ينكر حالة القلق والإحباط التي أصابت العديد من شرائح المجتمع المصري بسبب الطريقة التي تم بها إعلان ترشح السيسي، فلأول مرة خلال عقود مضت تتدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، فطريقة إعلان بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة وصياغة البيان الصادر عنه بشأن إمكانية ترشح السيسي جانبها الصواب، فظهر المجلس العسكري كما لوكان حزباً سياسياً يدفع بمرشحه في الانتخابات الرئاسية، فإذا كان ها السيناريو تم عن عمد فهذه مؤشرات بالغة الخطورة، وإذا كان هذا الأسلوب في صياغة البيان وطريقة إعلانه تم بحسن نية فهذه كارثة.
 
مكمن الخطر
ومن الطبيعي أن يعلن هذا الحزب أو ذاك عن ترشيح زيد أو عبيد للانتخابات الرئاسية، ولكن أن يخرج ذلك عن المجلس العسكري فهنا مكمن الخطر والانزعاج، لأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بهذه الطريقة انزلق في معترك الحياة السياسية في لحظة عصيبة لاتتحمل أن يكون طرفاً ولو بشكل غير مباشر في اللعبة السياسية، خاصة أن الدستور حصن منصب وزير الدفاع وقدم العديد من الصلاحيات له، وهذا أمر محمود ومطلوب في المرحلة الحالية بأعتبار أن المؤسسة العسكرية حامية لنظام الدولة المدنية غير طامعة أو طامحة في السلطة السياسية.
 
هواجس
وما يزيد الأمر تعقيداً تلك البطانة المحيطة بالسيسي وتلك الأبواق التي تنفر شرائح مختلفة في المجتمع من ترشحه بعدما وصل بها الأمر إلى حد أعتبار أن السيسي ليس بحاجة إلى برنامج انتخابي، وهذا يجعل الأرضية الشعبية العريضة للسيسي تتأكل تدريجيا إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن، وهنا تصبح حملة ترشيح السيسي، بل والانتخابات الرئاسية بمجملها محل الهواجس والمخاوف من عودة نظام مبارك بثوب جديد، بالإضافة إلى الشعور الذي بدأ يتسرب إلى النفوس بعد بيان المجلس الأعلى للقوات لمسلحة من أن ذلك يعد مصادرة لخوض أي مرشح آخر الانتخابات ضد السيسي وهنا تفقد العملية الديمقراطية برمتها معناها ومدلولها لنعود إلى المربع رقم صفر من جديد، لأن التنافس لن يكون بين مرشح وآخر ولكن سيكون بين مرشح المؤسسة العسكرية ومرشح مدني.
 
المعضلة الكبرى
وكان من الممكن التعامل مع إعلان الترشيح بأسلوب أسهل كثيراً وابسط من كل ذلك إذا تم التعامل مع الأمر باعتبار أن السيسي موظف عام برتبة وزير للدفاع سيقدم استقالته ليعود إلى صفوف المدنيين من أجل الترشح لانتخابات الرئاسية، فلو كان وزير الإعلام أو الداخلية أو أي وزير آخر سيترشح للانتخابات الرئاسية فهل كنا سنشهد إعلان ذلك في بيان مثل الذي شهدناه من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ .. أشك في ذلك كثيراً، وهنا تكمن المعضلة الكبرى.
 
فرصة قائمة
ورغم كل ذلك لم نصل إلى طريق مسدود ولاتزال الفرصة قائمة، فمن الممكن تدارك الأمر خلال الأيام القليلة المقبلة ووضع الأمور في نصابها الصحيح، والتوضيح بشكل لايدع مجالاً للبس أو التأويل بأن السيسي هو مرشح مثل يقية المرشحين المحتملين، ولايمثل المؤسسة العسكرية بل يمثل شخصه وما يقدمه من برنامج واضح يؤكد على تداول السلطة وعدم تجاوز الفترتين الرئاسيتين، وكذلك على وسائل الإعلام الرأفة برجل الشارع البسيط وتتوقف عن حملاتها التي تحمل جرعات زائدة تصل إلى حد النفاق الذي طالما تجرعناه عنوة أيام مبارك، فليس من المعقول أن تبدأ حقبة حكم السيسي بنفس الأسلوب الإعلامي الممجوج الذي كان يمارس في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، نرجوكم الرحمة بالبسطاء من أجل أستقرار الوطن.
 
ظاهرة مثيرة
المثير في الأمر أيضاً خلال ما يعلن عن مرشحين محتملين للانتخابات الرئاسية أن التاريخ يعيد نفسه وإن كان ذلك بصورة مختلفة، ففي الانتخابات الرئاسية الماضية كانت هناك هوجة مرشحي التيار الديني، بداية من خيرت الشاطر مروراً بظاهرة مرسي المرشح الاستبن وحازم أبواسماعيل صاحب البوسترات المليونية وعبد المنعم أبوالفتوح الليبرالي نهاراً الإخواني ليلاً، والعوا .. الخ، والآن أصبح لدينا ظاهرة المرشحين العسكريين بداية من السيسي مروراً بعنان والكلام عن موافي وشفيق، وحتى الراحل عمر سليمان (!!)، ولم يعد ينقصنا سوى ظاهرة المرشح الاستبن.
 
مخاوف
وللأسف كلما تقدمنا خطوة للأمام نحو الديمقراطية وتحقيق أهداف الثورة عادت بنا الأقدار وسوء القرار خطوات إلى الخلف، وباتت تخيم على الشارع حالة من الضبابية وتعززت المخاوف، لأنه من الخطر كل الخطر أن نرهن استقرار الوطن على شخص مهما كان هذا الشخص، فلا أمن ولا استقرار من دون مؤسسات ديمقراطية حقيقية، ومجتمع مدني يراقب وجماعات ضغط سياسي فاعلة، وليس أمامنا سوى الانتظار لنرى ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة.
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز