عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
رئيس التحرير يحاور القوى السياسية عبدالله السناوى: أحذر من تحويل الطاقة الإيجابية للحوار إلى مشاحنات

رئيس التحرير يحاور القوى السياسية عبدالله السناوى: أحذر من تحويل الطاقة الإيجابية للحوار إلى مشاحنات

«بقدر جدّيّة التوجُّه تكتسب الفكرة قيمتَها التاريخية وطاقتَها على التغيير».. كانت هذه كلمات الكاتب الكبير والمفكر السياسى عبدالله السناوى.



ذهبنا إليه للتعرّف على رؤيته ضمْن حالة الحوار التي نعيشها الآن، كما تطرّق حديثنا إلى دعوات الحوار التي شهدناها طوال الـ70 سنة السابقة وكيف نتجنب سلبياتها.. وأيضًا محاولات الإخوان لعَقد صفقة جديدة بحسب تعبيره.. وعن رؤيته لدعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني فى سياقها السياسى والتاريخى.

قال:

- فكرة الحوار بذاتها فكرة إيجابية.. وأول ملاحَظة رئيسية أنه بَعد إطلاق فكرة الحوار أن هناك جدلاً فى المجتمع كله، ولا أتحدّث فقط عن داخل الأحزب السياسية والمعارَضة، رُغْمَ أن لدينا شبه أحزاب؛ فإن هناك حالة كبيرة من النقاش التي خَلقتها الدعوة للحوار فى المجتمع، وهذا مُهم لأن نصف السياسة كلام، وإذا امتنع الكلام امتنعت السياسة، إذا حدث ذلك فإننا أمام أزمة حقيقية فى المجتمع.

وبالتالى فإن الحوار قبل أن ينطلق خَلق حالة إيجابية من الحديث عن أولوياته، وحتى الناس على المَقاهى يتساءلون: هل يصبح ذلك الحوار مُجديًا وجدّيًا أمْ مجرد فرقعة فى الهواء؟.

وفى رأيك.. متى يصبح الحوار مُجديًا وجدّيًا؟

- أنا أظن أن هناك شروطًا رئيسية.. هناك شبه توافُق على أن مقدمة الحوار هى الإفراج عن كل مَن لم يتورط فى عنف أو إرهاب، ولذلك أرجو من النائب العام الإسراع بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا، وهنا مستوى آخر تقوم به لجنة العفو الرئاسى، وما أعرفه أنها قامت بحصر قائمة بالأسماء التي تستحق العفو وبلغت 1024 اسمًا، ويضعون فى الأولوية لـ250 اسمًا الآن، أنا فى رأيى يكفى لو أقدَمنا خلال أسبوع بالإفراج عن 20 اسمًا لها رنين ولها معنى لتحسين البيئة العامة، واتساع دائرة المشارَكة.

وأتصور أننا لا بُدّ أن نتأنّى إذا لم يكن هناك اتهامٌ جدّى يمس أمن الدولة أن نتوقف عن الملاحقات؛ لأن ذلك سيساعد الرئيسَ والدولة فى تحسين البيئة العامة؛ خصوصًا أن أسوأ ما حدث فى مصر خلال الفترة الأخيرة هو أن البيئة العامة تسمّمَت بالكامل، وأهمية الحوار أنه يساعد البلد على أن يتنفس.

وليس مطلوبًا أن نتفق على كل شىء، والمهم أن نعرف كيف ندير اختلافنا.

 الحوار ارتبط بمفهوم الجمهورية الجديدة.. ما هو مفهوم الجمهورية الجديدة بالنسبة لك.. وكيف ترى ارتباط هذا الحوار بعملية البناء الديمقراطى للجمهورية الجديدة؟

- طبعًا لا يوجد تعريفٌ واضحٌ فى كل الكلام الدائر عن الجمهورية الجديدة، وتطرح كشعار عام.

وبالتالى من المهم أن نتفق أولاً على مفهوم الجمهورية الجديدة لأنه مرتبط بصلب الحوار، نحن نحتاج إلى جمهورية جديدة بشرط أن ندقق ما المقصود بالضبط.

أنا أعتقد أن الجمهورية الجديدة هى الجمهورية الدستورية، التي تتأسّس على احترام الدستور لبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، وهذا منصوصٌ عليه فى الدستور، الذي يمثل الشرعية الدستورية والعَقد الاجتماعى الجديد.

ومشكلتنا فى مصر من بعد ثورة 1919 هى عدم احترام الدستور.

وبَعد 30 يونيو جاء دستور 2014 ليمثل قيمة كبيرة وحالة من التوافق المجتمعى ومُرضِيًا للجميع.

أنا أعجبنى إن حضرتك أسقطت دستور الإخوان فى حديثك..

- لم يكن هناك دستور؛ لأن الدستور يعتمد على التوافق، وما جرَى فى فترة الإخوان هو إبعاد التوافق الوطني، كما أنه شمل بعض البنود الخطيرة على هويّة الدولة.

ولكن ما أريد قوله إن شرعية دستور 2014 هى أساسُ الحُكم، وبالتالى إذا أردنا تأسيس الجمهورية الجديدة كجمهورية دستورية لا يصح المَسّ بالدستور مَرّة أخرى على الأقل 10 سنوات لنعطى فرصة للبلد لإنفاذ الدستور فى كل المجالات.

كما أنه من المهم تطبيق فكرة التعددية التي نص عليها الدستورُ فى البَند الخامس الذي يتحدث عن أن نظام الحُكم يقوم على التعددية الحزبية والسياسية، فضلاً عن حقوق التقاضى والفصل بين السُّلطات.

وبالتالى إعطاء فرصة لإنفاذ دستور 2014 هو تجديدٌ للعهد الاجتماعى من دون فلسفة ومماحكات كثيرة؛ خصوصًا أنه لم يكن لدينا جمهورية دستورية قبل ذلك، وبالتالى هذه فرصة لتأسيسها.

غالبية من يتحدثون عن الحوار الوطني يتحدثون عن أهميته وهو أمرٌ منطقى.. لكن هل ترى أن الحوار من المفترض أن يكون سياسيًا صرفًا أو اقتصاديًا أمْ يكون إطارًا شاملاً؟

- حتى اللحظة الحالية لم تحكم التصورات الأخيرة، هناك جدل وحوارات مع الأحزاب وكل منها يقدم مقترحاته، لكن إذا حاولنا نساعد الحوار العام فيما هو عاجل، كما قلنا الإفراجات تأتى أولوية، وفى الوقت نفسه لا نريد تحويل الحوار إلى مساءلة للنظام أو تهليل ومبايعات.

نحتاج إلى حوار جاد لأن المجتمع مأزوم، والبلد كله يحتاج إلى التنفس السياسى، والتفاهم، وتحت وطأة الأزمة الاقتصادية فإن الوطن كله يحتاج إلى التماسُك فى أوضاع خطرة، وأن نتفاهم على الخطوط الرئيسية التي يجب أن تمضى فيها السياسات، وطبعًا هناك مراجعات لا بُدّ أن تتم.

وأحذر من تحويل الطاقة الإيجابية إلى طاقة مشاحنات، كما أتوقع أن الحوار يحتاج مدى زمنيًا 6 أشهُر على الأقل لمناقشة كل المشكلات التي تواجه القطاعات المختلفة من الملفات الخارجية وإعادة الاعتبار للصناعة فضلاً عن القطاع الصحي والأطباء.

 حضرتك لم تذكر الصحافة وسط كل هذه القطاعات..

- لا أريد فقط أن أوجع قلب الناس بمشاكلنا الداخلية، لكن طبعًا الصحافة متراجعة وهناك جفاف صحفى وتراجُع للمَدارس؛ لأن الصحافة تحتاج إلى حرية وهى مهنة الحرية. وأنت رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» تحتاج إلى مساحة حرية حتى تتألق، وأتذكر جملة أحمد سعيد وهو أستاذ التعبئة العامة ومؤسّس صوت العرب عندما قال: «حتى إعلام التعبئة يحتاج إلى حرية»، ويمكن أن يكون الحوار إشارة إيجابية لإعطاء الفرصة للناس أن تتحدث ولا تخاف وأن تكون هناك حصانة دستورية لأصحاب الرأى، ما يعطى فرصة لتبادل الآراء والتحليلات حتى تستقيم أحوال البلد ومهنتنا.

ولا أتصور الحوارَ مقصورًا بين السُّلطة والمعارَضة؛ لكننى أرى أنه يجب التوسع فى حوار مجتمعى أيضًا، لكن فى النهاية يجب أن يكون هناك حوارٌ سياسىٌ محكومٌ بإدارة وتوازنات حكيمة حتى لا ييأس الناس من فرصة أمل قد أتيحت.

وعمليًا؛ فإن الإصلاح السياسى والإصلاح الاقتصادى هما الملفان الأساسيان على طاولة الحوار السياسى، والاعتراف بالأزمة بخصوص تلك الملفات مدخل طبيعى للحوار؛ خصوصًا أننا فى فترة نعانى من أنين اجتماعى نتيجة التحديات الاقتصادية والغلاء الكبير، ولا نستبعد حدوث اضطرابات اجتماعية.

وأقترح فيما يخص الأزمة الاقتصادية أننا نحتاج لتشكيل لجنة تمهيدية من أفضل العقول المصرية للخروج بتصور مُحَدد يمكن أن يتحول إلى سياسات وليس مجرد نظريات.

 فكرة الحوار ليست جديدة على السياسة المصرية.. كيف نتجنب أخطاء الماضى فى الحوار الراهن ونجعله بَحثًا عن مستقبل أفضل وجودة حياة أفضل؟

- كما أشرت إلى أن فكرة الحوار ليست جديدة، الرئيس «عبدالناصر» أدار حوارَيْن بَعد فض الوحدة بين مصر وسوريا وبَعد نكسة يونيو، ما أسْفَر عن بيان 30 مارس وإدانة الدولة المغلقة، كما أن «السادات» أدار حوارًا فى السبعينيات أيضًا. ففكرة الحوار ليست غريبة أصلاً.

أمّا «مبارك» فكان قضية أخرى؛ حيث أدار حوارًا فى 2005، لكنه لم يسفر عن شىء لأن المخطط كان يسير فى اتجاه توريث الحُكم.

وباختلاف العهود؛ فإن فكرة الحوار موجودة دائمًا فى قصور الحُكم.

والرئيس «السيسي» نفسُه فى 2016 أدار حوارًا مع المثقفين، وكان مستوى الحوار عاليًا جدًا، وأظن أن هذه الآلية يمكن استعادتها مرّة أخرى أن يدير الرئيس بنفسه الحوارات وأن يكون الحوار منتجًا فى قرارات جرى التوافق عليها.

والحوار الحالى أخذ دفعة قوية كونه دعوة من رأس الحُكم فى البلاد ما يعطيه مصداقية وجدّيّة كبيرة.

 ألا ترى أن إطلاق دعوة الحوار بالشكل الذي جاءت عليه فى إفطار الأسرة المصرية علامة استقرار؟

- الاستقرارُ والتماسُك منتجٌ للدعوة وللحوار إذا سارت الأمور بشكل جيد؛ خصوصًا أنه مَهما كانت خلافاتنا مع نظام الحُكم؛ فإن الولاءَ للدولة يجب أن يكون مطلقًا، وبالتالى فإن الاستقرار يعنى إجماعًا شعبيًا وسط المَخاطر والتحديات التي نواجهها سواء اقتصاديًا أو سياسيًا، لذلك التفاهمات تجعل الناسَ لديها أمل فى المستقبل، وكما أقول دائمًا فإن حرية الصحافة ضمانٌ لاستقرار الدولة.

وسألت قبل ذلك وزيرَ الإعلام الأسبق أنس الفقى: مَن المستفيد من حرية الإعلام؟.. فقال لى: نظام الحُكم.. وهذا كلامٌ دقيقٌ وصحيحٌ جدًا لأننى أظن أن نظام «مبارك» كان قد انتهَى إكلينيكيًا فى 2005 والذي أمَدّ فى عمره كان الهامش الواسع من الحريات الصحفية.  

بالطبع لا أحد يجادل على أهمية حرية الصحافة.. ولكن القياس هنا مع الفارق بين نظام يبحث عن صيغة تمد فى عمره ونظام يبغى الإصلاح الآن..

- أنا لا أقارن بين النُّظم، ولكن أعطى معنى لجوهرية حرية الصحافة كرئيس تحرير لجريدة معارَضة وقتها ساهمت فى رفع هامش الحرية.

وبالتالى أنا أقول فى كل النُّظم من المهم أن تكون الصحافة، وأنا ناصرى كما تعلم ولكن أحد العيوب الجوهرية فى نظام الرئيس جمال عبدالناصر كان قضية حقوق الإنسان وملف الحريات، وبالتالى كان مشروع عبدالناصر قوته فى مشروعه وضعفًا فى نظامه، ونحن لا نريد تكرار أخطاء الماضى نريد مشروعًا جديدًا يستفيد من الخبرة المصرية فى الـ70 سنة الماضية فى إطار دستورى.

بالنظر إلى حجم التحدى عند تولى الرئيس «السيسي» وحجم الطموح مقارنة بحقيقة المقدرات الفعلية للدولة.. كيف تقيّم ما جرَى من إنجاز ومواجهة التحديات؟ 

- لدَىّ هنا مدخلات متعددة، بَعد 30 يونيو كان لدَىّ 3 معضلات جوهرية قبل انتخاب الرئيس «السيسي» خلال الفترة الانتقالية وهى الموازنة بين: «الأمن والحرية» و«تنشيط الاقتصاد المجهد والعدل الاجتماعى» و«إدارة السياسة الخارجية والوضع الداخلى».. وبشكل أو بآخر لا تزال هذه التحديات الكبيرة ماثلة حتى الآن، وبالتالى يجب أن يشارك الحوار بشكل غير مباشر فى حَلحَلة هذه الأزمات وينشط فكرة الإبداع والتجديد.

لكن فى المُجمل فإن التحديات التي رصدتها من 8 سنوات ماثلة حتى الآن.

 ولكن حصل تقدُّم فى الكثير من المَحاور التي ذكرتها.. من المؤكد أن محور الأمن العام فى مصر ومواجهة الإرهاب ليست كما كانت منذ 8 سنوات.

- لو هتتكلم فى «الأمن والحرية» فهناك تراجُع كبير طبعًا منسوب الحرية، لأسباب قد تراها ضاغطة، لكن فى رأيى أنه جرت مبالغة فى هذا الجانب وجرت مَظالم، وفى الحالتين نحن نتحدث الآن أننا لم نَعد نحتاج لإجراءات استثنائية، وبالتالى توضع هذه الأمور على أولويات هذا الحوار لتحسين البيئة العامة من خلال مناقشة ضرورات اللحظة.

وطبعًا أتمنى فى جمهورية جديدة دستورية أن يلتزم الأمن بدوره الدستورى ولا يتجاوزه، وفى المقابل نلتزم نحن بالدستور والقانون، ومواجهة كل مَن يستخدمون الإرهاب أو يرغبون فى هدم الدولة.

كل ما أريده هو فتح المجال العام؛ لأنه ليس هناك خطر بالمفهوم الأمنى من فتح الإعلام فى إطار الإصلاح السياسى.

إذا نظرنا للصورة من زاوية أبعد.. الكل الآن يتحدث ويطرح أفكارَه ووجهات نظره، لكن الكل أيضًا هو مكوّن طيف ثورة 30 يونيو وهذه الثورة لها خصم لهذه الثورة خرجت عليه وهم جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولى.. بين حين وآخر يرسل التنظيم الدولى للإخوان إشارات غامضة للرغبة فى الحوار وواقع الأمر أنه تنظيم لا يجيد سوى عَقد صفقات.. كيف ترصد الآن حالة الإخوان من الحوار الوطني فى مصر؟

- عندما نتحدث عن أن جميع تيارات المجتمع السياسية فى حالة أزمة، ففى الحقيقة أزمة الإخوان المسلمين أكبر وأفدح؛ خصوصًا أنهم يعانون من انشقاق كبير فى صفوفهم بين مجموعة فى لندن بقيادة إبراهيم منير وأخرى فى اسطنبول بقيادة محمود حسين وبينهما تصارُع كبيرٌ على الحصص والأموال، وهذا انهيار أخلاقى وسياسى غير مسبوق فى الجماعة؛ خصوصًا أنهم يتصورون أن أموالهم ربانية ومبارَكة.

كما أن هناك روحًا منخفضة بين شبابهم، كما أن بعض شباب الجماعة فى السجون يطلبون الحوار، كما أن هناك ضغوطًا دولية لإغلاق هذا الملف.. لا يوجد تصور واضح عمّا يطلبونه، ولكنّ هناك ضغطًا.

وسط كل ذلك هناك تناقُضٌ مُهمٌ وهو أن بعضَ المنابر الإعلامية للإخوان تهاجم الحوار وتستبيح الأطراف التي وافقت عليه، وفى الوقت نفسه نجد أكبر رمزَيْن للإخوان خارج السجون: يوسف ندا، ومحمود حسين بطلب ومبادرة للحوار، كما أن أيمن نور وهو قريب من الإخوان طالب رسميًا بالعودة والمشاركة فى الحوار فى رسالة غير معلنة.

المشكلة أن التجربة مع الإخوان كانت سلبية جدًا خلال سَنة حُكمهم من فكرة التكويش على الدولة والتعريض بالجيش واختراق الشرطة والعلاقة مع الإرهابيين فى سيناء، وأنا سمّيت هذه التجربة فى وقتها «دولة الهواة»؛ لأنها كانت تجربة بدائية وصعبة كما كنا على وشَك حرب أهلية.. وبالتالى فإن الإخوان يعانون من مشكلة كبيرة مع الشعب والجيش والشرطة؛ لأن هناك دماء كثيرة سالت وليس من السهل تجاوزها؛ خصوصًا أنهم لم يراجعوا تجربتهم ولا حتى اعتذروا عنها أو اعترفوا بالدستور وثورة 30 يونيو.

الحدث نفسه الذي دعا فيه الرئيس للحوار تم فيه أيضًا الإعلان عن عدد شهداء مصر..

- طبعًا.. لذلك هناك مشكلة كبيرة ليس من السهل تجاوزها.

لذلك يمكن الاتفاق أن الحوار وضع خطوطًا فاصلة للتميز بين مُعارض يقف على أرضية هذا الوطن وهناك خصوم كانوا يرتدون عباءة المُعارَضة..

- الخصوم يطرقون الأبواب الآن، وبالتالى يجب أن يكون لديك تصورات أكثر وضوحًا وتحديدًا..

نجد مثلاً أن القيادى الإخوانى يوسف ندا عندما قدّم مبادرته يتحدث عن الصفح رُغْمَ أنه ليس فى وضْع مَن يصفح، لكنه يخاطب جمهور الجماعة؛ خصوصًا أن طلبه للحوار جاء بَعد فترة من التشهير بنظام الحُكم فى مصر.. والحقيقى أنه يطلب صفقة كعَهد الجماعة دائمًا ولنا تاريخ طويل ومرير فى هذا الشأن منها ما حدث فى أول السبعينيات عندما عقد الرئيس «السادات» صفقة مع الجماعة عادت بمقتضاها من الخارج وكانت عواقبها هى اغتياله بَعدها بـ10 سنوات.

وفى عهد الرئيس «مبارك» فى 2005 كانت هناك فكرة تأسيس جبهة وطنية تضم الإخوان لخوض الانتخابات النيابية وحضرت بعض الاجتماعات التي جرت فى حزب الوفد تحت رئاسة د.عزيز صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، لكن فجأة انسحب الإخوان وتكشّف أنهم عَقدوا صفقة وتنكروا لكل العهود والاتفاقات.

فى هذه الواقعة التي تذكرها.. كيف يجد الناصرى أرضية مشتركة مع الإخوان؟

- لا وجود لأرضية مشتركة بهذا المعنى، لكن علينا النظر لكل شىء فى سياقه، ووقتها كانت هناك فكرة موجودة فى العالم العربى كله عن تشكيل تحالف عربى إسلامى وتكوين سبيكة تاريخية تستطيع أن تنهض بالأمّة العربية، وهى فكرة كانت موجودة فى المؤتمر القومى العربى وتبنّاها الراحل د.خير الدين حسيب.

وفْق حديثك فإن هذه السبيكة أضرّت بالقومية وأضرّت بالإسلام نفسه.

- أنا موافق.. فهذا المشروع تقوّض وأتذكر أن تنظيم المؤتمر القومى العربى هنا فى مصر فترة حُكم الإخوان وهناك مجموعة من الشباب هتفوا ضد حُكم المرشد.. وقلت إن هؤلاء الشباب هم أمَلنا فى المستقبل، وبالمناسبة كانوا هم مَن شكّلوا حركة تَمَرُّد.

وبالتالى فإن فكرة التحالف الإسلامى هذه كانت موجودة، لكن التجربة العملية أثبتت فشلها.

والمهم الآن أن هناك حاجزًا جليديًا كبيرًا لا يسمح بالثقة فى الإخوان مرّة أخرى.. وكما فعلوا فى كل العهود فإن تنظيم الإخوان يسعى الآن لعَقد صفقة الآن، وهذا لا يصح أن يتكرّر مرّة أخرَى، وعلينا التعلم من التاريخ.

وهنا من المهم أن أؤكد أن الشباب هم قوة التيار المدنى السياسى.

واسمح لى أن أقول إن هناك الكثير من الأمراض النفسية الآن ويمكن أن قيمة الحوار الكبرى فى معالجتها، فهناك مَن لديه مشكلة مع الشباب نتيجة ما حدث فى 28 يناير، وهناك عُقَد نفسية أخرى عند الشباب نتيجة ما تعرّضوا له دون ذنب.

وأيضًا هناك أزمة نفسية عند الإخوان المسلمين بَعد أن وصلوا لقمّة الجبل ووجدوا أنفسَهم فجأةً فى السّفح والمجتمع لا يتقبلهم، وهذه ليس لنا علاقة بها، عليهم هم حلها مع أنفسهم.  

 

أخيرًا.. هناك من يقول إن قلم الأستاذ عبدالله السناوى قد فقَدَ بوصلته منذ رحيل الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل..

- رحيل الأستاذ هيكل أفقَدَ البلدَ كله والعالم العربى كله بوصلته؛ لأنه كان يمثل بوصلة عاملة ومؤثرة ونافذة.. تتفق أو تختلف معه فإن وجوده كان يمثل مرجعية حقيقية فى البلد.

أنا مفتقده بالطبع، لكن أعتقد أن بوصلتى لم تتحول.. أنا كاتب يتبع ضميره، أتفق وأختلف حسب المصلحة العامة ولست حزبيًا، أنا كاتبٌ صحفىٌ.

اتفقتُ مع نظام الحُكم الحالى ودعّمته.. وأعتقد أنه إذا التزمت الموضوعية فإنك تساعد بلدَك على النجاح وتساعد الرئيس على النجاح.

وإذا كانت هناك فرصة الآن لحوار وطني يضبط البوصلات والسياسات ويصنع التوافقات؛ فأنا أؤيده بكل قوة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز