8 مبادئ قضائية بتخليد الوفاء بين الأزواج واستحقاق الزوج لمعاش زوجته المتوفاة
عبدالباسط الرمكي
أرست المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص في حكمها بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من التأميات الاجتماعية والمعاشات ضد الزوج “م.أ.م” وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة القاضى المصري المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بإلزام الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات بأن تؤدي لزوج أرمل “م.أ.م” معاشه المستحق له عن زوجته المرحومة “ن.ع.أ” لكون واقعة زواجه بأخرى كانت قبل صدور القانون الملزم بحظر الزواج على الزوجة المتوفاة لاستحقاق معاشها لزوجها الأرمل بعدة سنوات، وصرف الفروق المالية له وإعفاء الهيئة من المصروفات ، 8 مبادئ قضائية بتخليد الوفاء بين الأزواج وأستحقاق الزوج لمعاش زوجتة المتوفاة.
أكدت المحكمة برئاسة القاضى المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على ثمانية مبادئ للحكم بتخليد الوفاء لروح الشريك فى الحياة الزوجية لاستحقاق المعاش:
1- إذا كان من العدل أن يستحق الزوج الأرمل معاش زوجته المتوفاة , فليس من العدل أن يستفيد بمعاشها لتنعم به زوجة جديدة على فراشها بعد أن رحلت عن الدنيا .
2- الإنسان روح وجسد واستحلال الزوج مع زوجته الجديدة بمعاش الزوجة المتوفاة على فراشها يؤرق روحها وهى مضجعة فى قبرها .
3- حظر الزواج بأخرى لاستحقاق معاش الزوجة المتوفاة يسرى على وقائع الزواج للمصريين اعتباراً من 24 ديسمبر 2006 ولا يسرى على المتزوجين بأكثر من واحدة قبل هذا التاريخ ومنهم الطاعن.
4- للأرملة الحق فى أن تجمع بين معاشها عن زوجها وبين معاشها بصفتها منتفعة وحقها أن تجمع بين معاشها عن زوجها وبين دخلها من العمل أو المهنة دون حدود , وللأزواج الأرمل ذات الحقوق.
5- توحيد الحكم بين الزوج والزوجة فى حقوقهما التأمينية وفى الأسس التي يتم على ضوئها حساب معاشيهما.
6- القانون يشترط لاستحقاق الزوج الأرمل معاش زوجته المتوفاة ألا يكون متزوجاً بأخرى في تاريخ وفاة المؤمن عليها أو صاحبة المعاش وإعمالا لمبدأ المعاملة بالمثل وعلواً للوفاء الإنسانى ألا يتزوج عليها بعد وفاتها .
7- الطبيعة البشرية للمرأة تتأبى أن يشاركها فى زوجها حال حياتها زوجة أخرى فأولى بها وفاءً وعرفاناً ألا يتزوج عليها بعد رحيلها لتنتفع بمعاشها زوجة أخرى على فراشها مما يمثل قهراً روحياً.
8- كثير من الأزواج أوفياء لزوجاتهم وإن فارق جسدهن الحياة , فروحهن ما تزال تسكنهم رغم الرحيل والوفاء ليس مرتبطاً بالرجل أو المرأة بل بالنفس أياً كان نوعها , ومن حق الأرمل أن يتزوج بعد وفاة شريكته , لكنه لا يستحق مقابل الوفاء لمعاش زوجته المتوفاة لتنعم به أخرى على قيد الحياة .
قالت المحكمة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إذا كان القانون يشترط لاستحقاق الزوج الأرمل معاش زوجته المتوفاة ألا يكون متزوجاً بأخرى في تاريخ وفاة المؤمن عليها أو صاحبة المعاش فإنه من باب أولى وإعمالا لمبدأ المعاملة بالمثل وعلواً للوفاء الإنسانى ألا يتزوج عليها بعد وفاتها بحسبان أن الإنسان روح وجسد وليس جسداً فحسب ، ذلك أن الطبيعة البشرية للمرأة تتأبى أن يشاركها فى زوجها حال حياتها زوجة أخرى فأولى بها وفاءً وعرفاناً ألا يتزوج عليها بعد رحيلها لتنتفع بمعاشها زوجة أخرى على فراشها , وإذا كان من العدل أن يستحق الزوج الأرمل معاش زوجته المتوفاة , فليس من العدل أن يستفيد الزوج الأرمل بمعاش زوجته المتوفاة لتنعم به زوجة جديدة على فراشها بعد أن رحلت عن الدنيا , لأن منطق الحياة يتأبى أن تقبل الزوجة بأخرى ضرة لها حال حياتها ولا أن تستفيد بمعاشها , ومن ثم فلا يمكن أن تنصرف إرادتها حال رحيلها عن الدنيا إلى أن الزوجة الجديدة تستحل معاشها فذلك أدعى أن يؤرق روحها وهى مضجعة فى قبرها .
وأضافت المحكمة أن الكثير من الأزواج أوفياء لزوجاتهم وإن فارق جسدهن الحياة , فروحهن ما تزال تسكنهم رغم الرحيل , حيث يعيشون باقي حياتهم على ذكرى زوجاتهن ملتزمين بقيم الوفاء ومعانى المودة والرحمة وأصول العشرة التي جمعتهما لأعوام طويلة في حياتهم المديدة , والوفاء ليس مرتبطاً بالرجل أو المرأة وإنما يعتمد على النفس أياً كان نوعها , وإذا كان الوفاء بين الزوجين حال الحياة يضفي على دنياهم معنى الأمل فى حفظ العهد والبعد عن الغدر والخيانة وإيثار الأخر، فإن الوفاء بعد الوفاة يحمل معاني أعمق أثراً فى صدق المحبة والاعتراف بحسن العشرة ، شعوراً من الزوج بالوفاء لزوجته وابقاءً على الذكرى الطيبة من ناحية وعدم التأثير على شعور الأبناء من ناحية أخرى , وهذا لا يمنع الزوج من أن يتزوج بعد وفاة شريكته فى الحياة , لكنه حينئذ لا يستحق مقابل الوفاء المتمثل فى تقاضى معاش زوجته التي فارقت الحياة لتنعم به زوجة أخرى على قيد الحياة . وأشارت المحكمة أن توحيد الحكم بين الزوج والزوجة الخاضعين لأحكام قانون التأمين الأجتماعى سواء فى حقوقهما التأمينية أو التزاماتها المالية وفى الأسس التي يتم على ضوئها حساب معاشيهما، حيث أن استحقاق كل منهما للمعاش المستحق عن الآخر يكون دون اشتراط أن يكون الزوج عاجزأ عن الكسب أم لا ، وكما أنه يحق للأرملة أن تجمع بين معاشها عن زوجها وبين معاشها بصفتها منتفعة بأحكام قانون التأمين الاجتماعى ، وأنها تجمع بين معاشها عن زوجها وبين دخلها من العمل أو المهنة وذلك دون حدود , بذات المثابة يحق للزوج الجمع بين معاشه عن زوجته وبين معاشه بصفته منتفعا بأحكام هذا القانون، وكذا الجمع بين معاشه عن زوجته وبين دخله من العمل أو المهنة وذلك دون حدود.
وأوضحت المحكمة ان هذا التوحيد بين الزوج والزوجة فى المعاش يأتى انبثاقاً من مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون الذي رددته الدساتير المصرية كافة بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساساً للعدل والسلام الأجتماعى، وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافلة للحقوق جميعها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها , ذلك أنه إذا قام التماثل فى المراكز القانونية التي تنظم بعض فئات المواطنين وتساووا فى العناصر التي تكونها، استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغى أن تنتظمهم لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة.
وانتهت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المدعي كان قد تزوج من المرحومة (ن.ع.ا) عام 1975 بوثيقة زواج رسمية وكانت تعمل حال حياتها بالتربية والتعليم واُحيلت إلى المعاش عام 1992 وانتقلت إلى رحمة مولاها فى 1998 فإنه يكون مستحقاً لمعاش زوجته المتوفاة دون أن ينال من ذلك ما نص عليه القانون رقم 153 لسنة 2006 الذي استحدث لاستحقاق معاش الزوجة المتوفاة ألا يكون الزوج متزوجاً من أخرى بحسبان كون المدعي متزوجاً من السيدة الأخرى (ف.أ.ح) قبل سريان هذا القانون بعدة أعوام , ذلك أن القانون المشار إليه لا يطبق إلا على الوقائع اللاحقة عليه ولا يسرى بأثر رجعى على تعدد الزوجات قبل صدوره , وقد صدر هذا القانون بتاريخ 23 ديسمبر 2006 ويسرى على وقائع الزواج فى اليوم التالى من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية أى اعتبارا من 24 ديسمبر 2006 ومن ثم فلا يكون هذا الشرط مانعاً من استحقاق المدعي للمعاش المستحق له عن زوجته المتوفاة بحسبان أن واقعة الزواج الأخرى سابقة على القانون المشار إليه.