عاجل
الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أعمار البشر.. منهم من عاش 3 آلاف سنة!

أعمار البشر.. منهم من عاش 3 آلاف سنة!

هل تعرف اسم الرجل الذي عاش أكثر من ثلاثة آلاف عام، وفي أي زمن ولد، وفي أي وقت قٌتل، ومن النبي الذي قتله، وقد دلنا القرآن الكريم عن اسمه وكيفية قتله؟ وهل تعلم كلمات أغرب وصية، وصَّاها أب لأولاده، وهو على فراش الموت؟ ثم هل تعرف اسم أول ملوك الأرض وجنسيته؟ 



لن أطيل في ما يشبه الألغاز، أو اختبار المعلومات، فالحقيقة أننا أمام كتاب طريف، مدهش في آن واحد؛ يحوي الكثير والكثير من المعلومات التي تهتم بأعمار الأعيان أو المشاهير، من عاش منهم ثلاثة آلاف سنة، ومن عاش عشرة أعوام فقط، وما بينهما من عدد السنين، فهؤلاء توفوا في الأربعين، وهؤلاء في المئة وخمسين، وغيرهم في الألف أو الألفين من السنين وهكذا. وهو كتاب "أعمار الأعيان" لمؤلفه جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي. المولود في عام 510 وتوفي 597 من الهجرة. ويرجع نسبه إلى أول خلفاء الإسلام أبي بكر الصديق كما يؤكد محقق الكتاب الدكتور محمود محمـد الطناحي.

 

وعلم التاريخ عند المسلمين من العلوم الضخمة، ويُوشك هذا العلم أن يكون نصف المكتبة العربية، ولقد تفنن المؤرخون المسلمون- كما يقول المحقق، الدكتور الطناحي في طبعة مكتبة الخانجي بالقاهرة المحروسة- في كتب التراجم تفنُّنًا عجيبًا، وأخذت تصانيفهم في هذا الفن طرق شتى، فبعد كتاباتهم الأولى في السيرة النبوية والمغازي، جاءت تصانيفهم على تراجم الصحابة والتابعين، والقرَّاء والمفسرين، والمحدَّثين والرواة، وفقهاء المذاهب والأصوليين، والأدباء والشعراء، واللغويين والنحاة، والأطباء والحكماء والفلاسفة، والمؤرخين والنَّسّابين وتراجم النساء، وهكذا في كل الفنون من أخبار البلدان والتراجم المرتبة على السنين، وتراجم الأسماء، وغير ذلك الكثير والكثير.

 

 

ولأننا أمام كتاب مختلف فستكون قراءتنا له مختلفة، يعني سنبدأ من الصفحة الأخيرة بالكتاب، وتحوي معلومة مدهشة لا يعلمها كثير من الناس، وقد جاء ذكر أبطالها في سورة القصص الآية 15، يقول الحق: "ودخلَ المدينةَ على حِينِ غفلةِ من أَهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوهِ فاستغَاثهُ الذي من شيعته على الذي من عدوّهِ فوكزهُ مُوسى فقضى عليهِ قال هذا من عملِ الشيطانِ إِنَّهُ عدُوٌّ مٌّضِلٌّ مٌّبِينٌ".

 

 

في الصفحة الأخيرة من كتاب أعمار الأعيان، وفي أطول البشر عمرًا، قال محمد بن إسحق: عُوج بن شيحان، قد وُلد في دار آدم. وعاش ثلاثة آلاف سنة وستمائة سنة، قتله موسى بن عِمران. وعُوج الذي ولد في دار آدم، وبقي إلى أيام موسى- عليه السلام- ثم قتله موسى، هو عوج بن عنق، وقيل: ابن عناق، وكان بالغ الطول.

 

 

والذين يقولون: ابن عناق، يستشهدون بقول عَرْقَلة الكَلْبي الدمشقي المتوفى سنة 567، يصف غلام طويل، وكان عَرْقلة قصيرًا أعور:

 

 

لى حبيبٌ قَدُّه قُدَّ :: من السُّمْر الرِّقاقِ مَن رآه ورآني ::  قال ذا غير اتفاقِ أعور الدَّجال يمشي :: خلف عُوج بن عَناقِ

 

 

وفي باب آخر ينقلنا الكتاب إلى أعمار أقل مما سبق طولًا، وهذا الباب لا يخلو من طرافة، فها نحن نعرف جيدًا خبر لقمان الحكيم، من الكتب السماوية خاصة القرآن الكريم. لكننا لا نعرف أن هناك لقمانا آخر يسميه الكتاب "لقمان الأكبر"، وهو ابن عاد بن عاديا، من بقية قوم عاد الأولى، ولقمان الأكبر عاش ألفين وأربعمائة ونّيفًا وخمسين سنة. وهو معمر جاهلي قديم، وبعض الناس يخلط بينه وبين "لقمان" صاحب الحكمة، الذي قال عنه الحق عزو جل: "ولقد آتينا لقمان الحكمة" وسُمَّيت السُّورةُ باسمه، وكان في زمن نبي الله داود عليه السلام، رجلاَ صالحاَ، ولم يكن نبيًا، في قول أكثر المؤرخين والمفسرين.

 

 

ويسمى لقمان الأكبر "صاحب النسور" وكان قد ذهب مع قومه "عاد"، إلى البيت الحرام- على عادة أهل زمانه- يستسقون، ويتضرعون إلى معبوداتهم لسقط المطر، واختار البقاء بجوار البيت، ومعه سبعة أَنْسُر، كلما هلك نسر منها خَلفَ بعده نَسْرُ، فكان يأخذ النسر وهو فرخ صغير، فيربيه إلى أن يموت، ثم يأخذ آخر، إلى أن تمت سبعة. 

 

 

أما من عاش أكثر من الف عام، فهو أبو البشر آدم عليه السلام. فقد عاش ألف سنة وأربعمائة وخمسينا. ومنهم أيضًا رجلًا كنيته الضَّحَّاك، وهو بيوراسب الفارسي، قد ملك مُلك طهمورث ألف سنة. وهو من ملوك الفرس الأولى. وهو ابن جيومرث أول ملوك الأرض، في زعم الفرس، ولكن لأبي العلاء المعري، الشاعر العربي الأشهر، رأي في الفرس، قائلًا: الفرس كثيرة الكذب. وذلك في تعليقه على شعر لأبي تمام في هذا الشأن.

 

 

وممن عاشوا أكثر من ألف عام، نبي الله نوح- عليه السلام- فقد عاش ألف سنة وأربعمائة وخمسينا. وقد اختلف العلماء في عمره، ولكنه تراوح نحو هذا العدد من السنين. ذكر القرآن الكريم منها ألف سنة إلا خمسين عامًا، مكثها في قومه يدعوهم لطاعة الله، ولكن أكثرهم رفضوا دعوته، فأخذهم الطوفان وهم ظالمون.

 

 

هناك أيضًا رجل ذكره القرآن الكريم، والكتب السماوية في غير موضع، وهو "ذو القرنين" عاش ألف سنة وستمائة سنة، وأهل الكتاب يقولون عاش ثلاثة آلاف سنة.

 

 

واختلف المؤرخون في أمره وزمنه، هل هو أفريدون، الذي كان صاحب إبراهيم عليه السلام، أم هو الإسكندر الذي كان في زمن الفَتْرة بعد عيسى عليه السلام. وقد ذكره القرآن الكريم في سورة الكهف "ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا".

 

 

نأتي إلى الأعرابي صاحب أغرب وصية لأولاده وهو على فراش الموت، واسمه دُوَيْد بن زيد بن نَهْد، عاش أربعمائة وستًّا وخمسين سنة. وعند موته جمع اولاده وقال لهم: "أُوصيكم بالناس شرًا، لا تقبلوا لهم معذرة، ولا تقيلوهم عثرة، أوصيكم بالناس شرًا، طعنًا وضربًا، قَصِّروا الأعِنَّة وأشرعوا الأسنة، {أعنة الخيول، وأسنة الرماح} وارْعوا الكلأ، وإن كان على الصفا {جبل الصفا، القريب جدًا من البيت الحرام، دون الأخذ في الاعتبار لحرمة البيت} وما احتجتم إليه فصونوه، وما استغنيتم عنه فافسدوه على من سواكم، فإن غش الناس يدعو إلى سوء الظن، وسوء الظن يدعو إلى الاحتراس".

 

 

يقول المحقق: هكذا قال ووصى، وسبحان خالق الطباع ومُصَرّفِ القلوب! وما أصدق كتبنا ومؤرخينا في تسجيل خير الحياة وشَّرها، وحَسَنها وسيّئها.

 

 

ونقفز إلى الذين عاشوا ثلاثمائة سنة وما زاد، ومنهم شاعر وفارس سُمَّى بذي الإصبع العَدواني، لأنه- حسب الروايات- نهشته حيَّة من اصبعه، وقيل كانت له إصبع زائدة. واسمه حُرثان بن مُحرث بن الحارث بن ربيعة، وهو أحد حكام العرب في الجاهلية.

 

 

ومنهم عَمْرو بن لُحَيّ وقد عاش ثلاثمائة وأربعين سنة، وهو من أدخل عبادة الأصنام في جزيرة العرب وحول البيت العتيق بمكة المكرمة، وغير دِين إسماعيل- عليه السلام- ودَعا العرب إلى عبادة الأوثان- كما أسلفنا- وهو أول من سَيَّبَ السَّوائب. وهي عبارة عن نذر يجعله الرجل لطلب شفاء من مرض أو حاجة يتمناها، فإذا قضيت قال: ناقتي سائبة، ومعنى ذلك ألا تحلب أو تذبح أو تمنع من ماءٍ ولا مرعى، تذهب وتجيء كيف شاءت حتى موتها. وكان يركب معه في السفر أو المعارك ألف مقاتل من أولاده واحفاده. 

 

 

وقد عاش نبي الله إدريس- عليه السلام- ثلاثمائة وستين سنه. ومثل ذلك عاش عاش بليغ العرب قُس بن ساعدة.

 

 

واذا تكلمنا عمن عاشوا عقد المائتين وما زاد، فنرى أبا الانبياء إبراهيم الخليل- عليه السلام- فقد عاش مائتي سنة.

 

 

وعاش زهير بن جناب مائتي سنة وعشرين سنة، وكان سيدًا مطاع في قومه، ويقال: كانت فيه عشر خصال لم يجتمعن في غيره، من أهل زمانه: كان سيد قومه، وشريفهم وخطيبهم وشاعرهم، ووافَدهم إلى الملوك، وطبيبهم، وحازيهم- والحازي هو الكاهن- وفارسهم، وله البيت الكبير فيهم، وهو القائل: 

 

 

لقد عُمَّرْتُ حتى ما أُبالي :: أحتفي في صباحي أو مسائي  وحُقَّ لمن أَتت مائتان عامًا :: عليه أن يَمَلَّ من الثَّواءِ وعاش نبي الله صالح- عليه السلام- مائتين وسبعين سنة. ومن طريف ما حدث من أحد المعمرين وهو أبو وَجزة بن أبى عمرو بن أمية بن عبد شمس، وقد عاش مائتين وثمانين سنه، وصلى خلف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقرأ عمر في الصلاة: "كَأَنهُم خُشُبٌ مُسنَّدة" فقال معاتبًا: أَبِي تُعَرِّض يا ابن الخطاب؟!".

 

 

أما الذين عاشوا مائة عام وما زاد فهم كثر، فقد توفي نبي الله داود- عليه السلام- ابن مائة سنة. وعاش حسان بن ثابت الصحابي الشهير وشاعر الرسول- صلى الله عليه وسلم- ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام، وتوفي سنة 54 من الهجرة، وكذلك عاش أبوه وجده. وتوفي يوشع عليه السلام، ابن مائة وعشر سنين، قيل: أنه فتى موسى المذكور في القرآن الكريم "وإذ قال موسى لفتاه" الكهف. وقيل: أنه النبي بعد موسى عليهما السلام. أما نبي الله موسى عليه السلام فقد عاش مائة وعشرين سنة، وكذلك هارون، وقيل: أن هارون مات بعد موسى بثلاث سنين. وفي مثل هذا السن مات نبي الله يوسف الصديق. والشاعر الفحل الحطيئة وقد عاش إلى خلافة معاوية.

 

 

وتوفيت سارة زوج الخليل إبراهيم ولها مائة وسبع وعشرون سنة. ومات نبي الله اسماعيل عليه السلام ابن مائة وسبع وثلاثين سنة. أما نبي الله يعقوب عليه السلام ابن مائة وسبع وأربعين. أما نبي الله هود فقد توفي ابن مائة وخمسين سنة.

 

 

عند وفاته جمع الحارث بن كعب أولاده وقال: قد أتت عليَّ سِتُّون ومائة سنة، ما صافحت يميني يمين غادر، ولا قنعت نفسي بخل فاجر، ولا طرحت عندي مومسة قناعها، ولا بحت بسر صديق، وإني على دين شعيب النبي، عليه السلام، وما عليه أحد من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة وتميم بن مُرّ. فأحفظوا وصيتي وتربُّوا على شريعتي. إلهكم فاتقوه يكفكم المهم من أموركم، ويصلح لكم أعمالكم، وإياكم ومعصية لا يحل بكم الدمار، كونوا جميعًا ولا تتفرقوا، وإن موتًا في عز، خير من حياة في ذل وعجز، وتجنبوا الحمقاء، فإن ولدها إلى أَفنٍ. أي فساد وحمق. وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوهم منهم.

 

 

ونصل إلى عقد التسعين، ومن الطريف أن هناك حديثًا منسوب للنبي- صلى الله عليه وسلم- عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا بلغ العبدُ التَّسعين، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وسمي أسير الله في أرضه، ويشفع لأهل بيته".

 

 

تُوفيت هاجر أم إسماعيل- عليه السلام- لتسعين سنة. وأبو عبد الرحمن السُّلمى، مقرئ الكوفة وقد روي عنه القراءة عاصم بن أبي النَّجود، أحد السبعة، وهي قراءتنا الآن نحن المصريين، وكثير من بلاد الإسلام، برواية حفص بن سليمان، عن عاصم.

 

 

وتوفي عبد القادر الجيلي، الشيخ الزاهد الصوفي العارف الحنبلي، سنة 561 من الهجرة عن تسعين سنة، وكذا توفي الصحابي الجليل عمار بن ياسر ابن إحدى وتسعين سنة، وكذلك إسحق ابن حنبل، عم الإمام أحمد بن حنبل.

 

 

وتوفي نبي الله أيوب- عليه السلام- ابن ثلاث وتسعين سنة. وتوفي أبو قُحافة ابن سبع وتسعين سنة، وهو والد أبي بكر الصديق- رضي الله عنهما، تأخر إسلامه إلى يوم فتح مكة، فجاء به أبو بكر في هذا اليوم يحمله، حتى وضعه بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. توفي في العام الرابع عشر للهجرة، وكانت وفاته بعد وفاة ابنه أبي بكر بسِتة أشهر وأيام.

 

 

توفي أنس بن مالك خادم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وآخِرُ أصحابه موتًا بالبصرة، وكان مفتيًا محدثًا مقرئًا، وهو ابن تسعٍ وتسعين سنة.

 

 

وهكذا يأخذنا الكتاب في صفحاته لنعرف الكثير والكثير عن أعمار الأعيان الذين أمكن رصدهم، لنعرف على سبيل المثال، إن أول مولود للمهاجرين بالمدينة المنورة، وهو عبد الله بن الزبير بن العوام، مات مقتولًا وهو ابن اثنين وسبعين، في السنة الثالثة والسبعين للهجرة، في حربه مع الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان عبد الله قد احتمي ورجاله بالكعبة المشرفة، فقذفها الحجاج بالمنجنيق، فهدم أجزاء منها، وقتل عبد الله وعلق جثته على مقربة منها منكثًا- بعد أن قطع رأسه وأرسلها لمولاه "أمير المؤمنين" عبد الملك بن مروان في الشام- أكثر من عامين حتى عششت الطيور في عظام قفصه الصدري، بغية إذلال أمه اسماء بنت أبي بكر. وعن ثلاث وسبعين عامًا توفي الصوفي الكبير، سلطان العارفين أبي يزيد البسطامي. وتوفي نبي الله ذو الكفِل- عليه السلام- ابن خمس وسبعين. وكذلك عبد الرحمن بن عوف، أحد المبشرين من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالجنة. وكذلك توفي معاوية بن أبي سفيان في السبعين.

 

 

وتوفي النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- عن ثلاث وستين سنة، وكذلك أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وسفيان الثوري وبلال بن رباح.

 

 

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "مُعْتَركُ المنايا ما بين الستين إلى السبعين". وهكذا يمضي الكتاب نزولًا حتى يصل إلى عقد العشرة سنوات فما زاد، من هؤلاء الشهيد عُمير بن أبي وقاص، شقيق سعد، قتل ببدر وهو ابن ستَّ عشرة سنة، قتله عمرو بن وُدّ، يقول سعد- رضي الله عنه- كنت أعقِدُ له حَمائل سيفه من صِغره. ولما استصغره رسول الله، بكي عمير، فأجازه رسول الله.

 

 

ونختم بخير من توفي في عقد العشرين وما زاد، وهي أم أبيها كما كان يناديها سيد الخلق- صلى الله عليه وسلم-أم الإمامين الحسن والحسين، سبطي النبي الكريم، وزوج الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فاطمة بنت رسول الله، فقد ماتت لتسع وعشرين سنة.. وتلك معلومة قد لا يعرفها الكثير من الناس.  

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز