

جمال عبدالصمد
أسماء المواليد في خطر
تشهد مجتمعاتنا العربية ظاهرة جديدة لافتة للنظر، وهي انتشار أسماء غريبة وغير مألوفة للمواليد الجدد، والتي غالباً ما تكون مستمدة من ثقافات أخرى، وذلك من خلال متابعة بعض القنوات المختلفة، أو من خلال العاملين أو المهاجرين بالمجتمعات الغربية، حيث يقوم بعض هؤلاء بتسمية أبنائهم بأسماء شائعة بمجتمعاتهم الجديدة التي يندمجون ويعيشون فيها، وقد أثارت تلك الظاهرة جدلاً واسعاً حول هويتنا الثقافية ولغتنا العربية، وأدت إلى ظهور عدة تساؤلات حول الأسباب والدوافع التي تكمن خلف هذا التوجه في اختيار تلك الأسماء، وما عواقب ذلك على مجتمعاتنا العربية.
تعددت الأسباب التي أسهمت في انتشار الأسماء الغريبة بمجتمعنا المصري بصفة خاصة والعربي بصفة عامة، حيث يسعى بعض الآباء والأمهات إلى إعطاء أبنائهم أسماء فريدة ومميزة تجعلهم يبرزون عن الآخرين، ويرون أن الأسماء الغربية تحقق لهم الهدف المرجو من خلال تميزهم واختلافهم عن الآخرين، وقد لعب الإنترنت والإعلام دورًا مهمًا في التأثير على اختيارات تسمية الأبناء، من خلال التعرف على مجتمعات وثقافات مختلفة، مثل المسلسلات الكورية والتركية والهندية وغيرها من الأعمال الدرامية المدبلجة باللهجة العربية.
يعتقد البعض أن الاتجاه في اختيار الأسماء الجديدة والغريبة نوع من الانفتاح على العالم الخارجي، والتباهي بتعرفهم الثقافات المختلفة، برغم سعي بعد الأسر إلى توسيع آفاق المعرفة لديهم من خلال التطلع والتواصل مع الثقافات الأخرى، في اختيار أسماء غريبة ومستحدثة على محالهم وشركاتهم التجارية، بالإضافة إلى اختيار الأسماء لمواليدهم، إلا أن انتشار الأسماء الغريبة قد يؤدي إلى العديد من التحديات المختلفة، منها تآكل الهوية الثقافية للمجتمع، وفقدان الارتباط بالجذور والتراث، حيث تفتقد الكثير من تلك الأسماء الغريبة إلى المعاني والدلالات التي تحملها الأسماء العربية، بالإضافة إلى أن انتشار الأسماء الغريبة هذه قد يسفر عنه تعقيد في الإجراءات الإدارية، خاصة في الدول التي لا تعترف بجميع اللغات والأحرف الأبجدية، وللأسف أن هناك بعض الأسماء الغريبة التي تحمل معاني غير لائقة أو تتناقض مع الدين الإسلامي أو القيم والمبادئ المجتمعية.
ختامًا.. بعد أن استعراضنا الأخطار المحتمل حدوثها نظرًا لانتشار ظاهرة الأسماء الغريبة والتي لا تتناسب مع مجتمعاتنا الشرقية، هنا السؤال يطرح نفسه.. هل ما يحدث مخطط مدروس من أجل اخفاء الأسماء العربية من السجلات.. خاصة أسماء البنات؟، وهل سيصبح من النادر سماعنا للأسماء التالية في السنوات المقبلة ومنها: "فاطمة، خديجة، اسماء، رقية، زينب، عائشة، مريم، شيماء، سمية وغيرها من الاسماء العربية الأصيلة".
أخيرًا.. ربما يعتقد البعض أن هذا الموضوع ليس ذا أهمية، وقد يظن البعض أنه ليس خطيرًا لهذه الدرجة، ولكني في الحقيقة أؤكد لهؤلاء أن هذه الظاهرة مخطط مدروس يستهدف البعد عن الهوية الإسلامية والعربية وطمسها، والاتجاه إلى التبعية الثقافية الغربية، لذا يجب علينا أن نحقق التوازن فيما بين الحفاظ على هويتنا الثقافية والانفتاح على العالم الخارجي، من الضروري أن نعمل جميعاً على حماية لغتنا العربية وثقافتنا الأصيلة، احذروا طمس الهوية واختفاء الأسماء العربية.