شيخ الأزهر: لا يجوز إطلاق "الوهاب" على البشر
السيد علي
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إن اسم الله "الوهاب" هو اسم من أسماء الله الحسنى، ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من موضع، قال تعالى "وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"، وقال تعالى "أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب"، وقال "قال رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب"، مبينا أن "الوهاب" مأخوذ من "الهبة" وهي العطاء أو الإعطاء، فإنك إن وهبت شيئا لأحد فمعناه أنك تعطيه إياه بشرط أن يكون هذا العطاء بدون مقابل.
وأكد فضيلته خلال الحلقة السابعة عشرة من برنامجه الرمضاني "حديث الإمام الطيب"، أن اسم "الوهاب" لا يتصف به إلا الله- سبحانه وتعالى- لأن الله تعالى هو من يعطي بغير مقابل، أما غيره فيعطي وينتظر مقابلا، خاصة إذا أعطي مالًا ولا عجب في ذلك، فإن المال قُدِّم على الأولاد في أكثر من موضع قال تعالى "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" وقال أيضا "والذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم"، ولذلك من يعطي من الخلق لا بد أن ينتظر مقابلا لعطائه ويصعب عليه أن يعطي من دون مقابل. وأضاف فضيلة الإمام الأكبر، أن اسم "الوهاب" لا يجوز شرعًا إطلاقه على البشر لأن طبيعتهم لا تقبل أن تعطي أبدًا بلا مقابل، حتى أنواع العطاء البشري مدفوعة الأجر سلفا، فسرورك بأولادك والبهجة التي تشعر بها كلما نظرت إليهم وكلما كبروا أمامك هي مقابل، موضحا أنه لا يمكن اعتبار عطائك لأولادك هبة لأنك تعطيهم لتفرح ولتستمتع وهذا مدفوع مقدمًا، لافتا إلى أن الكل يعطي مع الانتظار إلا "الوهاب"، سبحانه وتعالى، هو وحده فقط الذي يعطي ويمن من دون سؤال ومن دون انتظار.
وبيّن شيخ الأزهر أن من صفات هذا الفعل الإلهي أولًا أنه من دون عوض، كما أنه عام لا يختص به إنسان دون غيره، وإنما يختص به كل كائن وكل الموجودات التي يصلها رزقها، حيث هي، مؤكدا أن عطاء الله غير محدود وغير منقطع، فضلا على أن الله- تعالى- يهب من غير سؤال الأمر الذي يستوجب الحمد من المخلوق فقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- عندما يلبس شيئا جديدا يقول "الحمد لله الذي رزقنيه من غير حول مني ولا قوة، اللهم ألبسني من ثياب الجنة" ثم يذهب إلى ردائه القديم فيتصدق به.
موضحا فضيلته أن نعم الله لا تنتهي فلو نظرنا إلى جائحة كورونا ذلك الفيروس الضعيف وما تكبده العالم في اقتصاده بسببه، نستطيع أن نتخيل إذا استشرى أمره أكثر من ذلك لكانت الحياة في نهايتها، إذا فالإنسان عاجز فهو بحول الله وقوته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه بأن الأفعال التي يخلقها الله في عباده قسمين قسم تظهر خلاله مظاهر نعمة الله مثل "المال، والأولاد، والصحة، والعلم، إلى آخره"، فهذه أفعال واضح جدا أن اسم "الوهاب" ينطبق عليها تماما، لكن هناك نوعا آخر من الأفعال التي يخلقها الله- سبحانه وتعالى- في عباده، وهي أفعال في ظاهرها تترتب عليها أنواع من الآلام مثل "مرض، فقر، ألم، حزن، وغيره" وهذه من الأشياء المكروهة بالنسبة للإنسان ولا أستطيع أن أقول أن اسم "الوهاب" ينطبق عليها، لأنها ليست من النعم، بل هي من الابتلاء والاختبار.