
المملوكي الجميل يعتلي عرش السلطان في شهر رمضان

محمد هاشم
يعد السلطان برقوق مؤسس دولة المماليك الثانية، واحدًا من مشاهير السلاطين المماليك الذين حكموا مناطق واسعة من الأرض وأمتدت فترة حكمهم لأكثر من 500 سنة، حيث تولي برقوق حكم مصر في 19 رمضان عام 784 هـ.
الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس بن عبدالله الشركسي
ولقب “برقوق” بالسلطان الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس بن عبدالله الشركسي، وُلد في القفقاس 740 هـ، وقدم للقاهرة وعمره 20 عامًا وأتقن فنون الحرب والفروسية، وترقَّى في المناصب ورُتب الإمارة؛ حيث أصبح أمير طبلخانه، ثم أمير آخور ثم أتابكا عام 779 هـ.
وبرقوق هو مؤسس دولة المماليك البرجية الجراكسة وقدم برقوق مصر بعدما اشتراه تجار الرقيق من بلاد الشراكسة ليَبيعوه في أسواق الرقيق فى مصر؛ التي أصبحت قبلة استيراد هذا النوع من العبيد لشراهة كل أمير من المماليك لتقوية حزبه بشراء أكبر عدد من الصبية لتدريبهم على القتال والانتماء إليه وكان الأستقواء بالمماليك الأشداء فى ذلك الوقت ويتم تدريبهم وتعليمهم فنون الحرب والقتال.
واشترى الأمير يلبغا برقوق وأدهش بجماله وذكائه ونشاطه، فأرسله لإحدى دور التعليم الإسلامي في مصر فبرع في الفقه وسائر العلوم الإسلامية، فرقَّاه إلى درجة أمير.
ولما تُوفي ابن الملك الأشرف بايع المماليك أخا الأشرف زين الدين خاجي ذا الستِّ سنوات الذي جلس على العرش لمدة تتراوح بين السنَة والنصف والسنتين، ولكن برقوق كان متطلعًا إلى الحكم فلم يقبل أن يتولى شؤون البلاد طفل صغير ويظل هو تحت إمرته يتلقى منه الأوامر.
وبالفعل في 19 رمضان قام برقوق بخلع الملك زين الدين ونفاه، وتولى من بعده الحكم وأصبَح هو الحاكم الفعلي للبلاد بعد أن وافق الخليفة العباسي المتوكل بالله على تنصيبه ملكًا على مصر.
وعمل السلطان برقوق على إرساء قواعد دولته، ولكن هذا الامر لم يكن بالهيِّن؛ فقد ظلَّ في صراع مستمر مع المماليك والأتراك، فعمل على إحلال الشراكسة محل الأتراك، مما أثار المماليك للتخلص منه عندما قامت ثورة الطنبغا السلطاني ولكن لم تفلح؛ حيث تمَّ القبض عليه، ولكنه استطاع الهرب إلى بلاده.
قام برقوق بخلع الخليفة المتوكل في سنة 778 هـ، وأمر برقوق بسجنه في القلعة ، ولكن ما لبث السلطان برقوق أن ندم على خلع الخليفة المتوكل فأعاده إلى الحكم مرةً ثانيةً، ولكن الخليفة لم ينسَ ما فعله السلطان برقوق به فأمر بنفيه إلى قلعة الكرك.
وشهدت تلك الفترة صراع بين الأتراك وعلى رأسهم يلبغا ومنطاش وقام برقوق بجمع أنصاره ليستولي على حكم الشام ومصر، وفرح به عامَّةُ أهلِها وخاصتهم، وخرجوا لاستقبالِه وفرشوا له الحريرَ في الطُّرقِ، وجدَّدوا له البيعةَ في القلعةِ سنة: 792 هـ / 1389م بعد أقل من سنةٍ من عزلِه، وتمكَّن من التخلُّصِ من معظمِ أعدائه ومناوئيه، وقضى على ثورةِ العربان في مصر والشَّام.