حكم نهائىٍ ينتصر للمرأة بعدم جواز رفض رؤساء الجامعات منحها إجازة مرافقة زوجها
عبدالباسط الرمكي
في حكم جديد يعد انتصاراً للمرأة ،وذلك للحفاظ على الأسرة المصرية بمرافقة زوجها بالخارج للمرأة الجامعية، حيث حصلت أستاذة جامعية بجامعة الإسكندرية على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا فى مارس 2022 بعدم الطعن على الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة القاضى المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة الإسكندرية فيما تضمنه من رفض منح حصول المدعية “س.ع.ا” الأستاذة بجامعة الإسكندرية على إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها لإحدى البلاد العربية بحجة ثبوت قيامها بالعمل خلال تلك الإجازة، وما يترتب على ذلك من أثار أخصها حصولها على إجازة لمرافقة زوجها دون قيد أوشرط وألزمت الجامعة مصروفاته وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
وترجع وقائع القضية أن المدعية الأستاذة الجامعية (س.ع.ا) ذكرت أمام المحكمة أن زوجى يعمل بإحدى البلاد العربية ولدينا ثلاثة أطفال وتقدمت بطلب للجامعة لحصولى على حقى الدستورى فى إجازة لمرافقة زوجى الذي سافر بالأطفال لأنه مرتبط بالعمل هناك على أساس أنى سوف ألحقه , إلا أننى فوجئت برفض الجامعة لطلبى بحجة أننى كنت أعمل أثناء الإجازة الأولى".
وأضافت الأستاذة الجامعية: "أطفالي في احتياج إلي فى بلاد الغربة والجامعة لم تجر أى تحقيق معي أو سؤالي، وزوجى هناك وحيداً مع الأطفال وأنا هنا وحيدة والأسرة مشتتة وكلى أمل فى عدلك وإنصافك إنقاذاً لأسرتي".
وقالت المحكمة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أنه أضحى على رؤساء الجامعات بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الملزم لكافة سلطات الدولة ، الموافقة دون مواربة على إجازة مرافقة الزوج الذي يعمل بالخارج بعد أن صارت من الإجازات الوجوبية التي يستحقها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات , فلا يملك رؤساء الجامعات بشأنها حولاً أو منعاً أو منحاً ، وقد رسخت فى الحق ذكراً يستمد من حق دستورى كشف عنه حكم دستورى ، بعد أن كانت فيما مضى جوازية إن شاءوا منحوها وإن رغبوا منعوها , فأصبح حصول أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية على إجازة لمرافقة الزوج حال إعارته بالخارج واجب طليق من ثمة قيد يبتدع أو شرط يختلق فكان لزاماً أن يُفرض سياج لحماية الأسرة وسائر أفرادها بما يحول دون تفرق أبنائها بين أبوين كل منهما فى طريقٍ مغاير, فيدفع دونها عوامل الوهن ومغبة الإفتراق ويعصمها من التشتت والإنزلاق وهى فى الحق فرائض وسنن أوجب بالرعاية والإغداق.
وأضافت المحكمة أن رفض جامعة الإسكندرية للزوجة عضو هيئة التدريس بالجامعة الحصول على إجازة لمرافقة زوجها بحجة أنها كانت تعمل خلال الإجازة دون إذن يخل بوحدة الأسرة وترابطها من خلال منعها لأحد الزوجين من اللحاق بالأخر ليكون انفصالهما فارقاً لبنيان الأسرة مقيما شريعتها على غير الحق والعدل، ذلك أن الأسرة لا تقوم على التباغض أو التناحر لكنها تحمل من القوة أسبابها فلا تكون حركتها انفلاتا بئيساً ولا حريتها نهباً لقهر أو طغيان ولا حقوقها انطلاقاً بلا قيد، بل يظلها حياؤها واَدابها، تعصمها صلابة الضمير ويتوج ائتلافها بنيان من الفضائل يرعى التكافل الاجتماعى بين اَحادها وكفالة وحدتها بما يحول دون تشتيتها أو تمزيق أوصالها أو بعثرة جهودها أو تنازع أفرادها كل فى طريق.
وانتهت المحكمة إلى أنه لا مراء فى أنه يجب التوازن بين رعاية أعضاء هيئة التدريس المتزوجين وصيانة أسرهم وحسن سير العمل وهو ما يعنى التمسك بمصالح الأسرة وكفالة وحدتها بما يحول دون تشتيتها أو تمزيق أواصلها أو بعثرة جهودها كى لا يكون بنيانها متهافتاً أو متهاوياً , ومن ثم فلا يجوز لرئيس جامعة الإسكندرية أن يرفض منح الزوجة الجامعية إجازة لمرافقة زوجها بحجة أنها تعمل خلال تلك الإجازة دون إذن الجامعة، إذ يجوز للجامعة إخضاعها للتحقيق وسؤالها وعقابها عن مخالفة التعليمات إن كان لها وجه وسند من القانون، لكن ليس لها أن تتخذ من ذلك سبيلاً للعدوان على حق الأسرة الدستورى فى لم شملها، فمواجهة عدم حصولها على إذن للعمل أثناء مرافقة زوجها ليس بهدم الأسرة ذاتها والتحكم فى إجازة صارت من حقوق المرأة الدستورية وإلا عد ذلك ردة إلى عصور الظلام للمرأة عندما كانت النظرة الخاطئة إليها أنها محض خادمة للزوج فى البيت , وقد تبدلت الأحوال وتقدمت المرأة المصرية كثيراً وحصلت على العديد من الحقوق بعد كفاح طويل أولته الدولة غاية الاهتمام على نحو غير مسبوق.