د. إيمان ضاهر تكتب من فرنسا.. رواية رائعة لـ "الحرباء"
لقد اتخذت الحرب آلاف الوجوه عبر الزمان والمكان، هى "الحرباء" التي يصعب تحديدها ووصف ضراوتها، ولرؤية أكثر وضوحاً أسرد لكم رواية رائعة عبر التاريخ عن "صراع الفناء": حرب الثلاثين عاماً، حروب روسيا الأهلية، فتوحات تيمور، حرب الكونغو، وتمرد المسلمين في الصين.
حروب نابليون، الحرب العالمية الأولى والثانية، الفتوحات المغولية، وغيرها من تاريخ الحروب البشرية، الذي يعود إلى الأصول الإنسانية، والتاريخ لا يقتصر فقط على الشرق والغرب، ولا دراسات استراتيجية وتكتيكية، إنما على إثبات ما هو مستحيل، أن تكون طبيعة الإنسان في الجوهر، شبيهة بالحرب.
من الصعب أيضا إنكار أن الحرب تجسد واقع مؤلم في المجتمع وتاربخه، إذ كل أهوالها العنيفة ألحقت الدمار الذي لا يمحى بجسد الأرض، وعقول البشر على حد سواء، ساعية دوماً إلى انحطاط الإنسان إلى الحضيض، وهو بأمس الحاجة إلى أوج السمو.
أليست هي "الحرباء" مرآة الشر، لاستئصال القواعد القانونية والأخلاقية والدينية؟
ألا يكفي البشرية إتلاف وتخريب، أوبئة ومصائب، كوارث بيئية، حتى يضاف إليها مواجهة عسكرية تتعدى الوصف، وقد تنذر بحرب عالمية هالكة بعصا الخيار النووي المبيد، والذاكرة مازالت تحبس حتى اليوم صوراً أودت بحياة ملايين البشر، تاركة وراءها حطاماً وهدماً مروعاً؟!
هذه"الحرباء" تتلون بجنون العظمة، أو القوة الجبارة لفرض السيادة المطلقة.
إن اندلاع حرب جديدة سيحول العالم إلى نار ودم وحداد، إلى أمطار رهيبة ومقفرة، تنفجر بدوي عالمي، لتقتل قدرة الحياة، لتتلف وتحرق.. يا لهراء الحرب.
الحرب إذا بدأت سيشيب الحديد لهولها، ألن تكون إلقاء سهام على الضعيف؟
وسيتأثر مختلف الأطراف شرقاً وغرباً إذا أُعلنت هذه الحرب، سيُفتح الجحيم بابه على البشرية الضعيفة، وللأسف علي الاعتراف بأن سقف الجحيم مصنوع من الانتهازيين، فالحرب تشبه حرائق الغابات، وإذا لم نتوخ الحذر ستصبح برميل بارود منفجر.
تجار الحرب في عالمنا هذا تحول الانتهازيين إلى لصوص ومرتزقة لسلب الأرواح البريئة، ونفقات دمائهم ديون، الحرب ليست مغامرة، إنما مرض، إنه "التيفوس" لا شفاء منه إلا بخراب يطرق الأبواب.
غالباً، علينا أن نفتش عن الانتقام والعدوان الحالي في مظالم الأمس .
التاريخ يعيد نفسه في المعادلات الدولية الخاطئة، والحشود الميدانية الحالية تنذر بأن المعارك مكتوبة على جبين الأمم، وخوضها يعني تكثيف منابع الخطر لدى "الدب الروسي" الذي لن يهدأ باله بسهولة، ونقطة التعادل عليها أن تسود، وإلا سيؤدي بالأطراف المتنازعة إلى نتيجة سوداء، رصيدها الدم فقط، وأيضاً محاكمة هي الأعنف، تقضي على من يفوز بها.
وأخيراً، وفي مخاض ليل الحرب المظلم الذي يهدد العالم، لا يمكن للإنسان المستغرق في آلام الضيق الأبدية، إدراك كم هو نور صباح السلم والسلام لطيف وعزيز، على العين والقلب.