عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
المشير حسين طنطاوي
البنك الاهلي
القابض على جمر الوطنية والشهادة التاريخية

القابض على جمر الوطنية والشهادة التاريخية

في سنوات الفتن السياسية، القابض على وطنيته، مُغلبًا المصالح العليا للبلاد، كالقابض على جمر.



 

فما بالنا بمن يقود البلاد لاستعادة توازنها، في مواجهة أعنف هزة سياسية، هددت بنيانها، فهو سيد القابضين على الجمر، فداءً للوطن.

 

لم تكن المعركة الأخيرة للحفاظ على مصر، هي المعركة الوحيدة التي خاضها، فقد خاض مقاتلًا باسلًا كل معارك مصر، من العدوان الثلاثي مرورًا، بحرب ١٩٦٧، وحرب الاستنزاف وحتى انتصار أكتوبر ١٩٧٣.

 

بيد أن المعركة الأخيرة كانت الأخطر، فلم تكن أسلحتها هي ذاتها التي اعتاد مواجهتها مقاتلًا في معارك مصر العسكرية، ثم قائدًا سنوات للجيش، فالمعركة التي قاد دفة البلاد فيها، جيل جديد من الحروب، ألغامها زرعت منذ العام ٢٠٠٨، وصولًا إلى ساعة الصفر يناير ٢٠١١ وما تلاها، حرب جديدة أسلحتها تفكيك المجتمع، وهدم الدولة من داخلها، الأعداء فيها عملاء، يشعلون الصراعات والانقسامات بالوكالة.

 

ألقت الأقدار قيادة البلاد في يده، بعد أن بلغت الأحداث ذروتها، فكان مقاتلًا صلبًا حكيمًا، لا يعرف لغير الوطن والشعب بديلًا، قبض على الجمر من أجل قيادة الدفة بحكمة، لتثبيت أركان الدولة، والقفز على مؤامرات المتآمرين، فنجح في معركته الأخيرة، رغم كيد الكائدين.

 

إنه المُشير محمد حسين طنطاوي، القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع الأسبق، الذي قاد البلاد على رأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك.

 

إنه المشير محمد حسين طنطاوي، الفارس الذي ترجل اليوم عن جواده بعد مسيرة وطنية حافلة بالعطاء، قضى فيها جل عمره مقاتلًا وقائدًا بالقوات المسلحة المصرية عرين الأسود، مصنع الرجال، مدرسة الوطنية.

 

شاءت الأقدار أن يرحل المشير في ساعة مبكرة من فجر اليوم الثلاثاء، ٢١ سبتمبر، وهو اليوم ذاته الذي رحل فيه فخر العسكرية الوطنية، أحمد عرابي، وهي المصادفة التي أشار إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، في كلمته عن الراحل العظيم المشير محمد حسين طنطاوي.

 

فقد شاءت الأقدار أن تصادف الوفاة يوم افتتاح مجموعة من المشروعات القومية في السويس وسيناء، ليذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي، المشير بكل خير في شهادة للتاريخ، كاشفًا عن مشاعر المشير في أوقات عصيبة في عمر الوطن.

 

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: أذكر نبذة صغيرة من خلال معرفتي الشخصية بالراحل المشير محمد حسين طنطاوي- رحمه الله- فقد تولى مسؤولية هائلة عام ٢٠١١، وحتى تسليم السلطة بعد الانتخابات في ٢٠١٢، وهي فترة قاسية وصعبة للغاية.

 

وأضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي: شهادتي للتاريخ، قاد المشير طنطاوي هذه المرحلة الحرجة بإخلاص وتفانٍ شديد، وبفضل توفيق الله سبحانه وتعالى له استطاعت الدولة المصرية، أن تعبر بأمان الأحداث المتواترة التي شهدتها تلك الفترة، فقد باتت مصر مطمئنة آمنة بعد أن كانت معرضة للانهيار والحرب الأهلية.

 

وأضاف الرئيس في شهادته للتاريخ: "إن المشير طنطاوي بريء من أي دم أريق في الأحداث الدامية التي شهدتها مصر، في تلك الفترة مثل أحداث ماسبيرو ومحمد محمود، واستاد بورسعيد، والمجمع، وكذلك كل من كان معه بريء".

 

وأكد الرئيس، أن تلك الدماء معلقة في رقبة من تآمر لإسقاط الدولة، إن الله لا يُصلح عمل المفسدين.

 

وذكر الرئيس كيف كان المشير يتألم نفسيًا، عندما تشير تقديرات نتائج الانتخابات الرئاسية إلى إمكانية وصول أهل الشر للحكم، في الانتخابات الرئاسية 2012 ويفكر في أن التاريخ سيسجل أنه سلم الدولة للإخوان، لكن كنا نقول إن البديل يعطيهم فرصة حرق الدولة، ووصولهم للحكم أهون.

 

وهذا يعكس الصراع النفسي لقائد يُدرك من تقديرات الموقف خطورة وصول تنظيم الإخوان الإرهابي للحكم، وفي الوقت ذاته يُدرك مدى خطورة أن يمنحوا فرصة ادعاء المظلومية وتحريك الشباب في اتجاه حرب أهلية تحرق الوطن.

 

وكشف الرئيس السيسي عن كلمة كان يرددها المشير، واصفًا بها عظم المسؤولية، وآلام حملها، حفاظًا على سلامة الوطن فكان يقول: "أنا كالقابض على جمرة في يدي، بقاؤها في يدي يؤلمني، وإن ألقيتها الدنيا هتولع".

 

وهنا يشير الرئيس عبد الفتاح السيسي، لعظم المسؤولية، والتضحية من أجل الحفاظ على سلامة الوطن وأمنه.

 

وها هي مصر ولادة، يكمل أبناؤها بطولات بعضهم البعض، فقد صحح الشعب بثورة ٣٠ يونيو مسيرته، وحافظ على هوية دولته من تنظيم "فاشي"، لكن بعد أن تنامى الوعي في غضون ١٢ شهرًا حكموا فيها البلاد انفضحت خلالها مؤامراتهم وهتكت أفعالهم ستر عوراتهم، لفظهم الشعب إلى غير عودة.

 

وسخر الله لمصر الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليعيد تثبيت مؤسساتها، يبني في أعوام ما لم ينجز في عقود، يعيد لمصر ريادتها وقوتها، ويؤسس لجمهورية جديدة، يواصل ما بناه عظماء الأجداد.

 

إنها المؤسسة العسكرية، جيش مصر العظيم الدرع والسيف، مفرخة الأبطال العظماء من مينا موحد القطرين، إلى جيل أكتوبر العظيم، ومنه هذا البطل الراحل المشير محمد حسين طنطاوي، بطل المزرعة الصينية ١٦ أكتوبر ١٩٧٣، وبطل عبور مصر أزمات ٢٠١١ الأخطر في عصرنا الحديث، وصولًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، حامي الهوية المصرية، مؤسس الجمهورية الحديثة.

 

خالص العزاء لأسرة الراحل المشير محمد حسين طنطاوي، ولأسرته الكبيرة المؤسسة العسكرية جيش مصر العظيم، قيادة وضباطًا وجنودًا، وللرئيس عبد الفتاح السيسي زعيم مصر ولشعب مصر الذي حفظه الله بفضل وعيه وقياداته المخلصة، ذرية بعضها من بعض.

 

نسأل الله للفقيد الذي عاش قابضًا على جمر الوطنية، جنات النعيم مع النبيين والشهداء والصديقين، نحسبه ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولا نزكي على الله أحدًا، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز