أيمن عبد المجيد
30 يونيو.. ثورة بناء الجمهورية الجديدة 8
مشاهد يوم واحد.. مصر قادرة ساطعة النجم
في عدة مقالات، سابقة تحدثت عن مساعي مصر الدولة، وجهودها لتعزيز القدرة الشاملة، الآخذة في التنامي، مع إنجاز المستهدفات الزمنية باستراتيجية مصر 2030.
تلك القدرة، أعم وأشمل من القوة، فالقدرة محصلة مجموعة قوى، تنمو متوازية، عسكرية، ودبلوماسية، وبشرية، واقتصادية، ولُحمة اجتماعية، تجعل من الدولة قادرة على الفعل والتأثير محليًا وإقليميًا ودوليًا، بما يعظم من مصالح الدولة ويحمي أمنها القومي.
ومناسبة التذكير بتنامي القدرة الشاملة اليوم، هي مظاهرها وآثارها التي تزامنت على أرض مصر، في جملة الأحداث التي شهدتها مصر اليوم والأمس القريب، لتؤكد تعاظم قدرة مصر الشاملة، لتصبح السمة الواضحة للجمهورية الجديدة، ساطعة النجم، باعثة شجرة الحضارة الضاربة بجذورها في عمُق التاريخ 7 آلاف عام.
اليوم التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قمة ثلاثية، شقيقيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وهو اليوم ذاته الذي تنطلق فيه أكبر مناورات تدريب عسكري دولي مشترك، في الشرق الأوسط، النجم الساطع 2021، بقاعدة محمد نجيب، وقبلها بساعات افتتاح بطولة العالم للدراجات بمضمار ستاد القاهرة الدولي.
في نفس اليوم الخميس تفعيلًا لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلنت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، علاج 23 طفلًا مصابًا بمرض الضمور العضلي الشوكي، وهو المرض الذي يعد علاجه الأعلى كلفة عالميًا، لتبلغ كلفة علاج الحالات المعلن عنها مليارًا و79 مليونًا و160 ألف جنيه مصري.
وقبل أيام كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قمة العراق، يؤكد في رسائل بالغة الأهمية على أهمية دعم استعادة الدولة الوطنية لقدراتها، وأهمية دعم العراق لاستعادة قوة مؤسساتها، موجهًا رسالة لشعب العراق العريق، للوحدة والعمل لتنمية وطنه، وهي المشاركة الفاعلة التي سبقتها بأسابيع زيارة لتدشين تعاون إقليمي "مشروع الشام الجديد"، مصر والعراق والأردن، بما له من انعكاسات إيجابية سياسية وأمنية واقتصادية، في مواجهة تحديات إقليمية.
والأكثر دلالة، التعاطي المصري الاحترافي مع الأزمة الدولية التي خلفها وصول طالبان للقصر الرئاسي في أفغانستان، والقدرة على إجلاء المصريين الراغبين في العودة، بسلاسة واحترافية، عجزت عن مثيلاتها دول توصف بالعظمى.
كل تلك المشاهد والدلالات، تؤكد أن جهد سبع سنوات قاد فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي البلاد، وفريق إنقاذ مصر؛ لم ينجح فقط في تثبيت أركان الدولة المصرية، وإنقاذها مما خُطط لها، بل وتعظيم قوة الدولة اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، ودبلوماسيًا، لنشاهد محصلة القوة في صورة قدرة على الفعل والإنجاز، الذي يحمل الخير لمصر والوطن العربي، والقارة الإفريقية.
قطعًا، كما يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، دائمًا الفضل لله أولًا، حافظ مصر وذاكر اسمها في كتابة الكريم، ولشعب مصر الذي وثق في قيادته، وتحمل أعباء العلاجات الجذرية للمشكلات المستعصية، وقبلها صحح بثورة ٣٠ يونيو مسار دولته.
وقطعًا، ووفق كل مناهج وتجارب العلوم السياسية، لم تشهد دولة تناميًا في قدرتها، دون إرادة سياسية حقيقية، لديها من العزم والقوة، والاستراتيجيات العلمية والخطط الزمنية، وقبل كل ذلك فهم الواقع بمعطياته وتحدياته، لحشد الطاقات وبلوغ الأهداف.
أولى خطوات الإصلاح تحقق الإرادة السياسية، وقدرة القائد على حشد الطاقات، وتوظيفها التوظيف الأمثل، وهو ما توافر في الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قالها صريحة في خطاب إعلان الترشح، إنه يقاتل في ميدان جديد لرفعة الوطن.
النجم الساطع 2021
في مشاركة عسكرية دولية غير مسبوقة، تجرى فعاليات التدريب العسكري المشترك النجم الساطع 2021، في قاعدة محمد نجيب العسكرية، تلك القاعدة التي تعد أحد إنجازات تعظيم القوة والقدرة العسكرية المصرية، التي افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي 2017، لتعزيز حماية الأمن القومي على الاتجاه الاستراتيجي الغربي.
قاعدة محمد نجيب العسكرية الأكبر في إفريقيا والشرق الأوسط، في حفل افتتاحها، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: "إن قوى الإرهاب والتطرف تحاول إسقاط الدولة المصرية.. مليارات تُنفق من أجل تدمير مصر والدول الأخرى.. هؤلاء لن يستطيعوا النيل من مصر أو من أشقاء مصر".
وما لبثت مصر أن وضعت خطًا أحمر في ليبيا، ودعمت رأب الصدع الليبي، حافظة أمن مصر القومي، غربًا، محققة انتصارات تاريخية على أعتى هجمة إرهابية، ليأتي اليوم قوات عسكرية من ٢١ دولة غربية وعربية، في مقدمتهم أمريكا، للتدريب ومناورات عسكرية مشتركة تعزز الشراكات والعلاقات العسكرية وتنقل الخبرات، فمصر باتت نموذجًا للخبرة العسكرية العالمية في دحر الإرهاب.
وفي اليوم ذاته الخميس 2 سبتمبر، الذي تجرى فيه ولمدة ١٥ يومًا تدريبات النجم الساطع، في قاعدة محمد نجيب، الدالة على تعاظم قدرة مصر العسكرية في حماية الأمن القومي بالاتجاه الاستراتيجي الغربي، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة ثلاثية مصرية أردنية فلسطينية، عاكسة حجم العمل لحماية الأمن القومي على الاتجاه الاستراتيجي الشرقي.
فهناك في الشرق، مصر تعيد إعمار غزة، وتعمل على رأب الصدع الفلسطيني، لتوحيد الكلمة، لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، تكثف التعاون والتشاور مع الأردن الشقيق، تفعّل مشروع الشام الجديد مع العراق، تُسهم في إعادة إعمارها، تُدعم استعادة قوة مؤسساتها.
تحرك عملي على كل الاتجاهات الاستراتيجية، برؤية عميقة، وسياسة ثابتة، مصر المؤمنة بأن قوة الأمة العربية تكمن في الحفاظ على الدولة الوطنية، وعماد الدولة الوطنية جيشها ومؤسساتها، لذا تدعم مصر استعادة الدولة السورية قوة مؤسساتها وكذا ليبيا واليمن والعراق، فغياب مؤسسات الدولة يُعطي الفرصة للميليشيات ومحركيها، وفي أفغانستان عظة وعبرة.
لم يكن تعظيم القدرة العسكرية المصرية، بتنويع مصادر السلاح، وبناء القواعد العسكرية، ورفع درجات الكفاءة والاستعداد، الإنجاز الوحيد، بل كانت البنية التحتية تتطور في كل ربوع الوطن، عاصمة و١٤ مدينة جديدة تنشأ، طرق تُعبد، إصلاح اقتصادي، بناء الإنسان المصري علميًا وصحيًا، عدالة اجتماعية تتحقق عمليًا.
إنها استراتيجية متداخلة متوازية متكاملة، فالعدالة تحقق الرضاء المجتمعي، وتقوي النسيج الوطني، وبناء الإنسان علميًا وفكريًا وصحيًا، يُعظّم القوة الأهم في معادلة القدرة، وهي القوة البشرية، في المقابل القوة الاقتصادية التي بدأت بقناة السويس الجديدة والتنمية على محوريها، مرورًا بالزراعة والصناعة، وتنمية الطاقة.
مبادرات الرئيس لحماية المصريين، وتوفير حياة كريمة لهم، لم تقتصر على القضاء على فيروس "سي"، ولا القضاء على قوائم الانتظار، ومواجهة كورونا، وتوفير الأمصال، بل تقديم العلاج الأعلى كلفة عالميًا لأطفالنا الذين يعانون من مرض ضمور العضلات النادر.
إنها الدولة الحقيقية، القادرة، ساطعة النجم، التي تنظر نظرة شاملة لشعبها، على مستوى أمنه الداخلي، قضاء على الإرهاب، ردع الجنائيين، وحتى في أخطر بقاع العالم أفغانستان، وحماية كرامته، بسكن لائق بلا عشوائيات، ودعم في مواجهة المرض، وحتى القوة العسكرية والدبلوماسية.
إنها مصر في حقبة جديدة للقدرة الشاملة المتنامية، إنها مصر الجمهورية الجديدة، فلتحيا مصر، عظيمة أبية قوية، بوعي ووحدة شعبها، وإخلاص قيادتها السياسية.