

حسن الرشيدى
النظافة ثقافة شعب.. وعدو البيئة خائن
ليس المهم أن تقرأ مائة ألف كتاب، لكن المهم أن تستفيد من هذه القراءة، وتنفع بها المجتمع والناس.. ما فائدة أن تكون مثقفًا ملمًا بمعلومات كثيرة في مجالات مختلفة، وتدرك على سبيل المثال أهمية النظافة والحفاظ على البيئة، لكن تصرفاتك وسلوكياتك للأسف تفتقد النظافة، ويدفعك إهمالك واستهتارك لإلقاء مخلفاتك في الشارع، ولا تتردد في رمي بقايا سجائرك ومأكولاتك في نهر الطريق وأنت تقود سيارتك!
لقد استفزني وأثار غضبي تصرف شائن من شخص ضخم الجسد يستقل سيارة فارهة لا يقل ثمنها عن مليوني جنيه، وعندما قام بإلقاء مخلفاته على الطريق دون مراعاة للبشر من حوله، وحتى دون احترام لمقام سيارته الرفيع.. عندها انتابني الإحساس بأنني لو كنت أملك القرار لحكمت بجلده وتجريسه، حتى لا يكرر هذا التصرف البغيض الذي نراه يوميًا ويسود في شوارعنا، وفي مختلف الأماكن ببلادنا.
ونفس الإحساس انتابني عندما رأيت إنسانًا مثقفًا يقذف بقايا سيجارته في أي مكان يعبره، أو يجلس به وكأنه عدو للنظافة.. وأن كل ما قرأه لا قيمة له، وأن من يجهل القراءة والكتابة ويلتزم بسلوك النظافة والحفاظ على البيئة أفضل منه ألف مرة.
النظافة أخلاق وقيم وسلوك يجب أن يسود، ونعتبرها أسلوب حياة وضرورة حتمية، فنظافة شوارعنا جزء أساسي وأصيل في حياتنا اليومية، والعقول لا يمكن أن تكون نظيفة إلا إذا عاشت في بيئة نظيفة.. والقلوب أيضا.. فالقلوب الطاهرة النقية لا تقدر على الحياة في بيئة غير نظيفة.
ولم يعد غريبًا رغم خطورة فيروس كورونا اللعين أن تجد بعض الناس تلقي بالكمامات الواقية من فيروس كورونا بعد استعمالها في الشوارع، وكأنهم يتعمدون الإضرار بالأخرين، رغم أن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، قال مرارا إن إلقاء الكمامة في الطريق العام يؤذي الآخرين بنقل العدوى إليهم، وهو أمر ممنوع شرعًا ومجرم قانونًا، فلا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر غيره ضررًا مباشرًا.
في الحقيقة.. من يبصق في الشارع وأمام المارة، أو من يلقي بقاذوراته في الشارع لا يستحق أن يعيش بين الناس، وقد أعجبتني تصرفات بعض الناس في مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، قاموا برد المخلفات إلى أصحابها في سياراتهم، دفاعًا عن عامل النظافة الذي يعاني من سوء تصرفات المستهترين الذين ينتهكون حرمة الطريق دون مبالاة أو اكتراث بمعاناة عامل النظافة الغلبان، والذي يستحق كل الاحترام والتقدير.
ما أجمل وأعظم الفقير الذي يلتزم بسلوكيات النظافة، والحفاظ على البيئة بوعي العاشق لبلده وأهله، وما أسوأ الثري الفاقد لهذا السلوك وأدمن "الوساخة" وجعل منها منهجا لحياته.
ولا اتجني إذا قلت إن من لا يعتني بنظافة بلده، فهو خائن لأنه يضر بالناس والوطن.
ينبغي أن نرسخ قيم وسلوكيات النظافة في عقول أطفالنا وشبابنا، لتكون ثقافة سائدة بين الناس، وهذه مسؤولية مجتمع، وأسرة، ومدرسة، ومسجد، وكنيسة.. وغيرها.
هناك دول أكثر فقرًا لكن مدنها وشوارعها وحواريها وأزقتها أكثر نظافة.. إنها ثقافة شعب، وكل الأديان تحض على النظافة.