

د. خالد غريب
الطفل في مصر.. ما أشبه الماضي البعيد بالحاضر
اشرنا في المقال السابق إلي أنه بعد اتمام الزواج يكون الشغل الشاغل للجميع أن ينجب الزوجان طفلًا، وكان المحبب ان يكون ذكرًا ليساعد ابيه في العمل، وإن لم يكن هذا يعني كرهًا للانثي فالكثير من الاباء كان يحب ان ينجب فتاة وكانوا يستبشرون خيرًا إن انجبت الزوجة فتاة قبل الغلام، وهو مايقارب قولنا في الريف حتي الان "من يسعده زمانه يجيب بناته قبل صبيانه"، وكانت البنت تسمي بأسماء تعبر عن محبة والديها لها فهي مريت أي المحبوبة وهي حنوت سن أي ستهم وهي نفرتاري أي حلاوتهم.
إذا تأخر الانجاب كا الزوجان يلجئان الي العلاج واستشارة الاطباء وايضا استخدام بعض الوصفات الشعبية كما هو متبع في الكثير من قري مصر حتي الان، ومنها علي سبيل المثال وضع فص من الثوم في مهبل المرأة وتركه لأيام ومراقبة رائحة الفم فإن فاحت رائحة الثوم فهذا يعني أنها ستنجب، وان لم يظهر له رائحة فهذا يعني انها عاقر، ولهذا سبب علمي اذا مرت الرائحة للفم فقناة فالوب لا مشكله بها وإن لم تمر فإنها مغلقة.
إن كان الزوج محبًا لزوجته كان لايطلقها، بل يتم تبني طفل وهو ماسمحت به القوانين المصرية القديمة، ويمكن ان يتزوج الرجل من اخري لينجب منها، وكانت الضرة تعيش مع الزوجة الاخري أحيانا في سلام مثل السيدة التي سمت بناتها الخمس بإسم ضرتها، أو في خلاف مثل الضرة التي عضت ضرتها وضربتها وكانت تكيد لها في كل مناسبة.
حين تحمل المرأة يبدأ الإتمام والمتابعة من الأسرة، بل كان يمكن معرفة نوع الجنين وقام المصري القديم بعمل اول سونار في التاريخ من خلال تحليل لبول المرأة الحامل في انائين احدهما به قمح والاخر شعير، وتركهما لأيام فإن نما القمح اولا فستلد ذكر اما الشعير فستلد انثى.
تكتمل شهور الحمل، وتستعد الزوجة لوضع الطفل وكانت القابلة هي المنوط بها اتمام الولادة، وكان المصريون –كعادة اهلنا في الريف حتي وقت قريب- لايفضلون ان يولد الطفل بعملية جراحية، حتي انهم سخروا من كليوباترا السابعة حين وضعت احد ابنائها من زيجاتها من قادة روما بعميلة جراحية، فقالوا هذه ليست طبيعتنا بل طبيعة ولادة القياصرة وهي التي منها – ربما- جاءت تسمية العملية القيصرية.
وكان بعض الاولاد يولدوا بسهولة بدون مشكلات وحسب تعبيرنا الشائع""، "ماجبتوش ولادة"، ويقاربه في مصر القديمة العبقري ايمحتب والذي يعني اسمه الاتي في سلام، وهو ماقد يفسر بأنه ولد بلا مشاكل في الطلق. ومع اتمام الولادة كان اول شئ هو اختيار اسم الطفل او الطفلة واغلبها كان يصبغ بصبغة دينية فلازلنا حتي الان نسمي اولادنا من المسلمين محمد واحمد او عبد الله وماشابه بحسب الحديث خير الاسماء ماحمد وعبد، او في السميحية باسماء السيد المسيح او احد القديسين مثل جرجس او عبد المسيح، فكان احب الاسماء بتاح سنفروي أي المعبود بتاح جملني، وهو المعروف اختصارا باسم سنفرو، او خعفرع أي المشرق هو رع او رعمسيس مثل وليد رع او جحوتي مس أي وليد جحوتي.
كانت الاسماء احيانا ترتبط بمناسبة ومنها علي سبيبل المثال اسم نصر ونصرة نجد اغلبه ولد في فترة حرب اكتوبر المجيدة، او ناصر مع وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومن الامثلة المصرية القديمة الشهيرة الملك حور محب والذي يعني اسمه حورس في العيد أي انه ولد في يوم عيد الاله حورس، او امون ام اوبت أي المعبود امون في عيد الاوبت الشهير.
ومنها من يسمي باسم احد افراد العائلة ولدينا في الاسرة العشرين ثمانية ملوك حملوا اسم رمسيس أي ان كل منهم ارتبط باسم ابيه او جده من قبل.
هناك اسر كانت تحرص علي ابعاد الشر والحسد عن الطفل الوليد من خلال اطلاق اسم يعتقدون انه سيجعله موضع سخرية ليقيه شر أي حاسد مثال شحات وشحاتة وخيشة وماشابها الان، وومنها في مصر القديمة اسماء قد تعني الفأر او المجهول بلا معرفة.
يتم تسجيل الطفل بعد ذلك والطفل هو لابيه، إلا بعض حالات كان يقع طلاق او تكون العلاقة غير شرعية فقد اعطي المشرع المصري الحق للسيدة في نسب الطفل الوليد اليها.
انتهت مرحلة الحمل والولادة حتي تسجيل الطفل سنتناول اللقاءات القادمة ان شاء الله كيف كانت تتم تربية الطفل ومامدي التقارب بين مصر الماضي ومصر الحاضر.