ناهد إمام
ثقافة العمل الحر .. والفئات المتميزة!
كان زمان يرتبط بدرجة التعليم ، ومن يتوجه إليه يكون ذو تعليم منخفض أو متوسط أو بدون تعليم ، نتيجة عدم وجود مخرج آخر أمامه ...ولكن تغير الوضع الراهن وأثبتت السنوات والعلم الحديث أن ذلك الفكر كان خاطئا ...ومن يتفوق فى ذلك المجال من ذى المؤهلات العليا والفئات المتميزة...بطبيعة الحال التساؤل عن من أتحدث ، أنه العمل الحر !!!
فعندما أجد مثال وفخر للعمل الحر وريادة الأعمال من خريجى كليات التفوق كلية " الهندسة" تعمل "ميكانيكى" إنها المهندسة "ريهام " فرغم أنها درست هندسة الفلزات والتعدين ... إلا أنها عشقت عالم الميكانيكا ونجحت في أن تصبح أول سيدة تغزو عالم إصلاح السيارات .. لتخرج من عباءة المؤهل الجامعى والإنتظار للوظيفة الحكومية ، إلى العمل الحر لتكون قدوة لشباب جيلها وتحقق طموحاتها من خلال العزيمة والإصرار على النجاح .
ولاشك أن مثال "ريهام " وغيرها ، يؤكد أن هناك أهمية كبيرة نحو ترسيخ مبدأ أن العمل الحر أصبح من أهم مقومات الحياة ، و يدعم الأفكار الريادية والمشاريع البسيطة ، كما إنه مجال خصب لإثبات الذات وتأكيد الثقة بالنفس وإظهار القدرات الفردية وتحقيق الطموحات الشخصية علاوة على أنَّه ميدان واسع تتنوع فيه مجالات العمل.
كما يستطيع المرء أن يتسلح بالثقافة والإبداع بعيدا عن أي عمل تقليدي، إلى جانب تعدد الفرص الوظيفية التي تناسب قدرات وإمكانية كل شخص بعينه .
ولا جدال أننا كمجتمع ؛ لابد من النظر إلى ما حولنا من مجتمعات تعطى اولوية كبيرة لريادة الأعمال من بينها أمريكا وأوروبا التي يوجد بهم حوالي 20 مليون مواطن يعملون بالعمل الحر.
وهذا يحتاج إلى إتباع صورة عملية وسريعة ، لنشر ثقافة العمل الحر... من خلال إيضاح الآثار الإيجابية له والتي تعد حافزا على انتشاره ، و يأتى فى مقدمتها إمكانية اختيار الفرد للعمل الذي سوف يقوم به بغض النظر عن مجال دراسته ، إلى جانب الربح المادي الغير محدد بقيمة معينة مثل الوظائف الأخرى والقدرة على تحقيق النجاح في مجال عمل معين في وقت قصير وغيرها ...
كما آان الأوان أن تبدأ غرس نشر ثقافة العمل الحر لدعم الأفكار الريادية والمشاريع الصغيرة... منذ المراحل التعليمية المختلفة وخاصة لدى طلاب التعليم الجامعي وتعريفه أن من أهم مقاييس نجاح التعليم علاقته بسوق العمل ، والتي تعد صورة واضحة للكفاءة الخارجية للتعليم.
كما أن تصاعد مخاطر مشكلة البطالة وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة و بدأت الدول تحد من دورها في توظيف ، مما كان لابد من تأهيل الشباب لفكر وثقافة العمل الحر دون انتظار طابور القوى العاملة.
وعلى ذلك لابد من وجود تغيير ثقافى واجتماعى للمجتمع لدعم العمل الحر دون خجل أو تقليل من أهميته وقيمته .
وعندما أجد الكنيسة الأرثوذكسية منذ أيام قليلة ، تتجه نحو توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة القوى العاملة لنشر ثقافة العمل الحر وإتاحة فرص تدريب للشباب والاطلاع على الأفكار الحديثة لريادة الأعمال. .. هذا يمثل إعتراف بأهمية ووعى المجتمع بنشر تلك الثقافة على كافة المستويات ، وتوفير حياة كريمة للمواطن ،إلى جانب فتح مجال للتدريب في مراكز التدريب التابعة للوزارة.
فنحن بالفعل بحاجة إلى المزيد من مبادرات تنمية ثقافة العمل الحر ودعم الحملات الراهنة مثل "أبدأ مستقبلك" التي أطلقتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مؤخرا ومع تداعيات فيروس" كورونا " للتوعية بأهمية ريادة الأعمال بحيث يتم رفع وعي الطلاب للفكر الإبتكاري بما يضمن تربية أجيال جديدة من رواد الأعمال المبتكرين القادرين على تحقيق التنمية.
أولستم معى ، أن لجوء الشباب إلى العمل الحر يحتاج الى تكاتف جميع قطاعات المجتمع الرسمي والمدني لبث وتفعيل ثقافة العمل الحر لدى الشباب ، فالجهود المشتركة بين كل أركان المجتمع سواء الجهات الحكومية ممثلة في الوزارات أو الجهود التي يقوم بها المجتمع المدني ستسهم في زيادة فرص العمل و حل مشكلة البطالة التي تعد آفة المجتمعات، ولا سيما مع التقدم التكنولوجي الذي يؤدي إلى تقليل أعداد العاملين!