استغلوا المساجد والزوايا فى أهدافهم السياسية وثورة 30 يونيو أنقذت مصر من فاشية دينية
خمسة أحكام نهائية تاريخية تواجه الفكر الإرهابي للإخوان للسيطرة على المساجد
رمضان احمد
من المعلوم أن الفكر الديني للإخوان المسلمين الجماعة الإرهابية المحظورة لم يكن وليد اليوم، وإنما هو ممتد عبر تاريخ طويل من إعلان ظهورها على يد حسن البنا في مارس عام 1928، ومع ظهور الإنترنت وتقدم وسائل الاتصال الحديثة بزغ نجمهم للتواصل مع الناس عن طريق الغش والخداع في استغلال الدين لدى البسطاء في المساجد والمآذن المنتشرة في ربوع مصر مع تمركز نشاطها في القرى والأرياف حيث تظهر العادات والتقاليد والتمسك بأهداب الدين.
وعلى جانب آخر هناك قضاة لم تولدهم الصدفة أو تحركهم عوامل الثورات وتغيير الأنظمة الحاكمة وإنما هم مؤمنون بحكم فطرتهم بوطنهم وقيمة ترابه، ويدركون منذ زمن بعيد بخطورة الفكر الدينى لهذه الجماعة المارقة واستخدامها لسلاح المساجد والزوايا للتأثير على البسطاء خاصة مع بداية الألفية الجديدة حيث تزايد الحاجة إلى وسائل التواصل الاجتماعى بكافة أشكالها للتأثير على جماهير روادها.
وبرزت ذروتها في اعتلاء الإخوان المشهد لثورة الشباب في 25 يناير 2011، ورغم ذلك كان أمثال هؤلاء القضاة موقنون بزوال هذه الجماعة المارقة حتى في ظل حكمهم في عامهم الأسود على تاريخ مصر، ومن بين هؤلاء القضاة الذين واجهوا الفكر الديني للإخوان لإنهاء سيطرتهم على المساجد والزوايا حتى في أوج حكمهم هو القاضي الجليل الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة القاضى المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة خمسة أحكام قضائية برفض سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على 150 مسجداً و78 زاوية في العديد من القرى بمحافظة البحيرة معقل بعض قيادتها، وإنهاء إشرافهم عليها بغير رجعة وضمها إلى الإشراف المباشر من الدولة عن طريق مؤسساتها الدينية متمثلة في وزارة الأوقاف عبر تاريخها الطويل، وأصبحت هذه الأحكام نهائية وباتة بعدم الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا بعد استخراج خمس شهادات بعدم حصول الطعن عليها.
قالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أنه في سبيل تفكيك الفكر الإخواني والتيارات الدينية المتشددة للسيطرة على المساجد والزوايا الذي بلغ ذروته عام 2010 وأثمر عن سيطرتهم عليها للتأثير على البسطاء واستغلالهم الدين لاستقطاب الفقراء بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى قيام ثورة الشعب في 30 يونيو 2013 للخلاص من الاستغلال الديني في السياسة، أنهم استغلوا المساجد والزوايا في تحقيق أهدافهم السياسية وجاءت ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من فاشية دينية، وأن الدولة المصرية في قيادتها العليا إدراكا منها لرسالتها قامت بدعم التوجيه الديني في البلاد على وجه محكم، وتأكيدا لمسؤولياتها في التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع مبادئ عامة لجميع المساجد والزوايا في المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التي يعمل بها الخطباء والمدرسون، بما يحفظ للتوجيه الديني أثره، ويبقى للمساجد الثقة في رسالتها.
وأضافت المحكمة أنه قد تلاحظ لديها وهي تسطر أحكامها أن عددا كبيراً من المساجد والزوايا كانت تسيطر عليه جماعة الإخوان وأتباعهم من التيارات المختلفة متخذة من التطرف والتشدد والعنف نهجاً ومن كراهية فكرة الدولة وسلطاتها سبيلاً، دون خضوعها لإشراف الدولة خلال تلك الحقب، وهذه المساجد يسيطر عليها الارتجال ويترك شأنها لاستغلال الدين في الظروف السياسية ولا يوجد بها من يحمل مسؤولية التعليم والإرشاد من المتخصصين في علوم الدين، ولما كان بقاء هذه الحال قد ينقص من قيمة التوجيه الديني ويضعف الثقة برسالة المساجد، ويفسح الطريق لشتى البدع والخرافات التي تمس كيان الوطن واستقراره، خصوصاً أن ما يقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله، لذلك فإن الأمر يقتضي وضع نظام صارم للإشراف على هذه المساجد والزوايا من جانب وزارة الأوقاف وهي إحدى المؤسسات الدينية في الدولة بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الديني العام وتوجيه النشء وحمايتهم من كل تفكير دخيل او جهيل على الدين الوسطي المستنير.
وأوضحت المحكمة أن الإشراف الكامل للدولة على إدارة جميع المساجد والزوايا لتؤدي رسالتها الدينية على الوجه الصحيح، في المدن والقرى هو ما يكفل تحقيق الأغراض العليا للتعليم الديني العام وتوجيه النشء وحمايتهم من كل تفكير قائم على العنف معتد أثيم، ويقضي على مظاهر التطرف والعنف التي تنال من الفطرة السليمة للإسلام الوسطي الحنيف ويحمي الناس من الشرور والآثام، وبحسبان أن المسجد متى أقيم وأذن للناس بالصلاة فيه يخرج عن ملك البشر ويصبح في حكم ملك الله سبحانه وتعالى، ويقوم بالإشراف عليه حاكم البلاد.
واختتمت المحكمة أنه لا عبرة لما قاله المدعون من أنهم الذين أقاموا هذه المساجد والزوايا من مالهم الشخصي وأنهم لم يتنازلوا عن الأراضي المقامة عليها تلك المساجد والزاويا للدولة، فذلك القول مردود بأن المساجد والزاويا أصبحت في حكم ملك الله تعالى ولا يمكن أن تعود إلى ملك بانيها، فضلاً على أن الأمة قد أجمعت على أن بقعة الارض إذا عينت للصلاة بالقول خرجت بذلك عن جملة الأملاك المختصة بصاحبها، وصارت عامة للجميع، وبهذه المثابة فإنه في ضوء الفقه والفكر الإسلامي فإن المكان تثبت له شرعا المسجدية بالقول بتخصيصه مسجداً أو بالفعل بأداء فرائض الصلاة فيه ويعد مسجداً– والزاوية تأخذ ذات الحكم- من هذا الوقت في حكم ملك الله تعالى ولا ترد عليه تصرفات بانيه.