أبو الغيط: سوريا بلد عربي الهوية والانتماء
شاهيناز عزام
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الخمسة عشر شهراً الماضية قد شهدت نوعاً من الهدوء الهش وخفض التصعيد العسكري كنتيجة لحلول مؤقتة وأشكال مختلفة من التنسيق بين عدد من القوى التي لها وجود عسكري على الأرض السورية، رغم أننا نتفق جميعاً في أن أي تراجع في العنف هو أمرٌ جيد في ذاته، إلا أن ذلك لا ينفي أن ما يتم من ترتيبات يظل مؤقتاً وهشاً، يعكس حالة نرفضها من تقسيم البلد عملياً إلى مناطق نفوذ بين قوات وجيوش أجنبية تتواجد على الأرض السورية.
وقال إن هذه الترتيبات لا تنفي حقيقة ما يواجهه السوريون من تدهور متسارع في كافة ظروف الحياة، وبحيث صار 11 مليوناً منهم –في داخل سوريا-في حاجة إلى مساعدات إنسانية وغذائية، فضلاً عن أن ما يقرب من نصف السوريين صار -للأسف-خارج سوريا.
لقد تبنت الجامعة العربية، ومنذ وقتٍ مبكر، مبدأين أساسيين في التعامل مع الأزمة السورية، الأول هو الحفاظ على سيادة سوريا وكامل ترابها الوطني عبر رفض التدخل الأجنبي والتواجد العسكري الأجنبي على أرضها.
والثاني هو أن الحل السياسي يبقى السبيل الوحيد لمعالجة جذور الأزمة السورية بدلاً من معالجة مظاهرها أو تسكين أعراضها.
وأكد أنه برغم الاختلافٍ في وجهات نظرنا حيال النزاع الدائر في سوريا، نتفق في شعورنا بخيبة الأمل إزاء عدم وجود أي تقدم على المسار السياسي لتسوية الأزمة حتى الآن. إن المرحلة الحالية تقتضي منا التفكير بعمق في المسار والآليات التي تم اتباعها عبر العامين الماضيين لإيجاد حل سياسي للأزمة. وما إذا كانت هذه الآليات ما زالت مناسبة. أخذاً في الاعتبار التطورات الميدانية التي طرأت على طبيعة الصراع في سوريا وعلى موازين القوى المختلفة في هذا الصراع.
وبالإضافة إلى ذلك ينبغي التفكير بجدية في اشراكٍ أكبر وأوسع في تسوية الأزمة لأطرافٍ من أصحاب المصلحة في استقرار سوريا، بما في ذلك الأطراف العربية ذات الاهتمام بالأزمة السورية، والتي تأثرت أكثر من غيرها، وعلى مستويات مختلفة، بما جرى في هذا البلد خلال العشرية الماضية.
وقال إن سوريا بلدٌ عربي الهوية والانتماء، بالتاريخ والجغرافيا والثقافة. والدول الأعضاء في الجامعة العربية حريصةٌ كل الحرص على استقراره وعروبته، والتي تبقى حقيقة راسخة برغم أية تغيرات طارئة أو محاولات لسلخ سوريا بعيداً عن عروبتها، أو دفعها دفعاً لتلبية أجندات أخرى أو مصالح إقليمية غريبة عنها.
ومن دون استقرار سوريا، لن ينعم المشرق العربي بالاستقرار. فما يجري في هذا البلد، تتردد أصداؤه وآثاره فيما وراء حدوده. ولنا في ظاهرة داعش العابرة للحدود خيرُ دليل، كما أن آثار أزمة اللاجئين السوريين في دول الجوار ليست خافية على أحد. إن سوريا، وطناً وشعباً، تستحق كل سعيٍ من أجل الدفع بمسار سياسي جاد، وذي مصداقية، تتحمل فيه كل من الحكومة السورية والمعارضة بأطيافها، وكذلك كافة الأطراف غير السورية، مسؤولياتها التاريخية أمام الملايين من أبناء الشعب السوري. هذا الشعب الذي يتطلع -بعد طول معاناة -لمستقبل أفضل لأبنائه، ويسعي لتحقيق طموحاته بالعيش بحرية في بلد آمن ومستقل ومستقر بلا عنف أو قهر أو حروب.