"شعب الونقارة".. تجار الذهب بمملكة غانا
د. ياسر حنفي محمود
مصطلح "الونقارة" أو "ونجرا" من الكلمات التي ترددت كثيرًا في المصادر العربية والبرتغالية، وإن اختلف رسم الكلمة، و"ونقارة" تعني في اللغات الإفريقية "الأرض التي تكون فيها الشمس منخفضة، وتغمرها دائمًا"، وقد استعمل هذا الاسم للدلالة على منطقة مناجم الذهب الموجودة فيما بين أعالي نهر النيجر ورافده الفالمي.
كما وظف لتعيين مجموعة إثنية سودانية، وفي لغة قبائل الهوسا يُطلق اسم الونقارة على قبائل الماندنجو، ويشكل الونقارة إحدى فروعها، ومن ثم انتشروا في عدة مناطق كهضاب الماندنجو العليا وحوض غمبيا في الجنوب، كما انتشروا في المناطق الصحراوية الغربية في الشمال.
وكان الونقارة في بداية أمرهم عبيدًا لملوك غانة، ولكن بفضل دورهم التجاري وتفوقهم على المالنكي تمكنوا من الحصول على امتياز منحهم الحق في ممارسة تجارة الذهب، فجعلوا من أودغست التي استقروا بها محطة تجارية، هذا بالإضافة إلى دورهم في نشر الدعوة الإسلامية، حيث جعلوا من المراكز التجارية نواة لها، ما جعل لهم مكانة كبيرة لدى ملوك غانة.
وقد هاجر الونقارة من وسط غانة واستقروا في المدن المحيطة بالنيجر، وهي مدن جني وتنبكت وجاو، وأُطلق على جماعة الونقارة في تنبكت اسم "ونقارة كوندا" Wangara Counda))، وكان الدور الأكثر وضوحًا للونقارة هو قيامهم بدور الوكلاء التجاريين بين تجار مالي وتجار صنغي، وكانت نشاطاتهم الاقتصادية ضرورية لتعزيز قوة المملكة.
ومن المفارقات أن التجار الونقارة استطاعوا أن يتسربوا إلى أرض الموشي الوثنيين متاجرين بها، بالرغم من أن الموشي دأبوا على القيام بهجمات متكررة على منطقة وادي النيجر منذ أوائل القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، وخلال القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، لكن هذا التناقض تلاشى عندما نجد أن الموشي الذين كانوا معادين للإسلام قد سمحوا للتجار المسلمين من الونقارة بدخول بلادهم نظرًا لحاجتهم الماسة إلى أهم سلعة تجارية وهي الملح، ويؤكد هذا الرأي هجوم الموشي على الأسواق الشمالية للملح والسلع الواردة من المغرب، وهو ما يفسر الاختراق التدريجي للتجار الونقارة لممالك الموشي.
مدرس التاريخ والحضارة الإسلامية – جامعة الأزهر