عاجل
السبت 12 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

سليم الأول وشاه إيران تاريخ مشترك في السطو على الأقطار العربية

في تقرير نشرته "تركيا الآن "علي صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تكشف خروقات النظامين العثماني و الشاه بإيران منذ قرون ولفتت الي ان الدولتان «العثمانية في تركيا، والصفوية في إيران»، اعتادت السطو على الثروة البشرية للأقطار العربية، من الحرفيين والعمال المهرة، إلى الفنانين والأدباء، وحتى القضاة والتجار، الأمر الذي أورث المدن العربية، كسادًا ثقافيًا، وركودًا فنيًا، استمر حتى إنشاء العرب دولهم القومية الحديثة، وتوقف الأتراك والإيرانيين عن التدخل المباشر في عالمهم.



 

و أشارت تركيا الآن الي ان من عمليات السطو تلك، عندما غزا سليم الأول، ، مصر أثناء حكم المماليك في العام 1517، وعمد قبل رحيله إلى إسطنبول، إلى جمع نحو 2000 من «أعيان الناس من القضاة والشهود والمباشرين والتجار، وأعيان تجار المغاربة، وتجار الوراقين، وتجار الشرب والباسطية، وجماعة من البرددارية والرسل، وطائفة من السوقة المتسببين في البضائع، وطائفة من البنائين والنجارين والمرخمين والمبلطين والحدادين وغير ذلك من المعلمين».

 

وعلى مثال مصر، عانى العراق، الذي ظل بين القرنين الـ16 والـ18 الميلاديين ساحة مفتوحة للصراع الجيوسياسي بين العثمانيين والصفويين، من استنفاد قدراته البشرية، كلما تمكنت الجيوش التركية أو الإيرانية من السيطرة عليه. 

 

وتركز السطو العثماني أو الإيراني في الحالة العراقية، على مشاهير الخطاطين، بحكم أن العراق كان لديه ميراث طويل من العظمة من رسم الخط العربي منذ زمن العباسيين، وكذلك على كبار الأدباء والشعراء.

 

كان الغزو الصفوي لبغداد على يد الشاه عباس الأول في العام 1623، إحدى تلك اللحظات التي أفرغ العراق فيها من فنانيها الأكابر. 

 

كان الشاه قد تمكن من الاستيلاء على المدينة، بعد أن استدعاه إليها بكر صوباشي، وهو قائد إنكشاري انقلب على العثمانيين في بغداد. 

 

ولم يكد عباس يستقر في مدينة السلام، حتى استدعى خطاطًا بغداديًا مشهورًا يدعى عبد الباقي المولوي، وأمره بالرحيل معه عند العودة إلى العاصمة الصفوية أصفهان، للعمل في مسجدها الجامع.

 

يقول المؤرخ العراقي عباس العزاوي، في كتابه «تاريخ العراق بين احتلالين»: «إثر واقعة بغداد، أخذ الشاه عبد الباقي المولوي خطاطا لجامع أصفهان وكان من أساتذة الخط ومشاهيره».

 

وجد العزاوي حادثة الاستحواذ الصفوي على عبد الباقي الخطاط، فرصة لتبيان حقيقة التنافس التركي الإيراني على ثروة العراق من الفنانين والأدباء، ثم مد الكلام مشيرًا إلى إمداد العراق للعالم التركي حتى بمشاهير شعرائه وأدبائه إلى اليوم الحاضر. يقول: «ولا تزال إيران و تركيا تنتفع من العراق، من أدبائه و علمائه و خطاطيه كما وقع أيام عالي أفندي الدفتري و غيره بل ولا يزال الترك يتغذون بشعر فضولي، وبشعر روحي وأضرابهما إلى هذه الأيام. وإن الإيرانيين كانوا أقرب إلى الأخذ وألصق بالعراق، فكان أخذ هذا الخطاط (عبد الباقي المولوي) من الوقائع المهمة، ولعله آخر من أخذ من العراق».

 

وعالي الدفتري الذي يذكره عباس العزاوي، شاعر بغدادي أرخ للأدباء في العراق العثماني بكتاب اسمه «هنر وهنروران». أما روحي البغدادي وفضولي البغدادي، فكليهما شاعر ولد في العراق، وقرض الشعر بالتركية. وفضولي البغدادي تحديدا، والمدفون في كربلاء جنوب العراق العام 1555، ينظر إليه حتى اللحظة الحاضرة في تركيا وأذربيجان وأفغانستان وإيران والهند بالكثير من التبجيل والاحترام، حتى لقب في الأوساط التركية بـ«رئيس الشعراء»، و«أستاذ الكل».

 

ظل السطو (التركي- الإيراني) مستمرًا على الثقافة العراقية، حتى بدأت بغداد، معقل تلك الثقافة وموردها الأبرز، في التخلص من السطوة العثمانية ابتداء من منتصف القرن الـ18 الميلادي على يد الأمراء المماليك، الذين أحيوا الثقافة العربية قدر الاستطاعة، وشجعوا المشتغلين فيها على الإبداع، كي يحفزوا النزوع الإقليمي المضاد للمركزية العثمانية.

 

يقول عباس العزاوي في مقالته «مختصر تاريخ الخط العربي في العراق»:  «لم يخل العراق من فتن ولكنه لم يخل في وقت من خطاطين بارعين في الصنعة متمكنين منها فثبتوا خطوطهم في آثار عديدة، فمال الخط إلى الرغبة في الممالك التي تمكنت فيها الثقافة أكثر. فبعد أن بلغ في العراق الذروة وانتهى إلى الغاية من الإتقان مال إلى الأقطار الأخرى وصار هناك مقتدى الأقوام».

 

يتابع: «وفي أيام تلك النكبات والمحن التي أصابت العراق، عاد العراقيون يأخذون عن من كانوا تلامذتهم بالأمس فصاروا أساتذتهم اليوم، أخذوا عن الترك والإيرانيين فظهرت في العراق دولة المماليك المعروفة بالكولات بين عامي 1749 و1831. وهذه رعت الآداب والعلوم كما عنيت بالخط العربي فأولته جانبا من اهتمامها، فانتعش بعد أن طرأ عليه ما طرأ من توقف وصار يستعيد مكانته رويدا رويدا. ونماذج الخطوط لأكابر الخطاطين ماثلة أمام أعيننا».

 

ثم يختتم: «في أيام هؤلاء المماليك، حدث بعض الطمأنينة وأعيد بناء المدارس الكثيرة فقوي النشاط العلمي والأدبي. وفي هذا العهد برز خطاطون أعاظم كانوا زينة العراق ومظهر ذوقه وإتقانه.. فكان من آخر هؤلاء أستاذ الخطاطين ونابغتهم سفيان الوهبي».

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز