عاجل
الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب: نقلـة عايز

خليل الذوادي
خليل الذوادي

عندما يحمل أحدنا أغراضًا ملء يديه بمختلف الأحجام والاثقال وتقع بعضها على الأرض لعدم القدرة والسيطرة على كل الأغراض يسمع من يقول له: "هذه نقلة عايز" بمعنى ما تنقله ينم عن عاجز لا يريد أن يحمل الأغراض على دفعات، وفي لهجتنا البحرينية تقلب الجيم إلى ياء في بعض الكلمات، وفي بعضها تكون الجيم صريحة وواضحة.



 

نعم أحيانًا نريد أن نختصر في "الروحة والجاية" فنحمل أغراضًا دفعة واحدة، وهذا أيضًا قد يكلفنا غاليًا، خصوصًا إذا كان ما نحمله قابلا للكسر.

 

في هذه الأيام التي أصبحنا أسيري التقنية الحديثة ووسائلها، فقد نحمل معنا أكثر من هاتف نقال وبما يتبعه من أدوات أخرى مساعدة فنضطر إلى حملها مرة واحدة، وكم من الهواتف سقطت وتهشمت؛ ولذلك تم صنع أدوات حماية الشاشة وحماية الجهاز نفسه، وكأنهم يعرفون أن هناك من سيقوم بدور "نقلة عايز".

 

تعودنا في طفولتنا أن نساعد الأهل في حمل الأغراض عنهم قبل أن تعرف بيوتنا خدم المنازل؛ فقد اعتمدنا على أنفسنا في جلب الماء إلى بيوتنا من العيون الارتوازية، وكانت بدايتنا عند المطوع أو المطوعة في تدريس القرآن الكريم فكان من المهام التي يتعلمها طالب حفظ القرآن أن يقوم بجلب الماء إلى بيت المطوع أو المطوعة ويجعله في "الحب" أو "الليحلة" أو ما يسمى في بعض بلداننا العربية "بالزير" لكي يشرب منه الدارسون وأيضًا صاحب أو صاحبة البيت، فهذا تعويد منذ الصغر على التعاون، وخدمة المجموع.

 

وأصبح هذا التقليد منهجًا وسلوكًا مجتمعيًا إذ يبذل الجيران والأصدقاء جهودًا مشتركة في البناء أو الترميم أو عمل أدوات صيد الأسماك أو كل ما يتطلب من جهود مشتركة دون مقابل مادي إلا من أولئك الذين امتهنوا حرفة البناء، حتى المحترفون منهم كان من ضمن التكافل الاجتماعي أنه عندما تكون عطلة المدارس الصيفية يمكن للطلبة أن يلتحقوا مع "الاستاذ" البناء الذي هو رئيس العمل لكي يتدربوا على الاعمال الجماعية ويشغلوا أوقات فراغهم بما يعود عليهم مستقبلًا بحب العمل اليدوي وربما الاحتراف فيه، ومن ضمن الدروس التي يتعلمها الصبية ألا يحمل أحدنا ما لا طاقة له به، وأن يتعلم أن يتجنب "نقلة العايز" فيحمل ما يستطيع حمله تدريجيًا، فقد يكون الاستاذ موجهًا كلامه بلطف إلى الصبية وقد يكون عنيفًا بحسب الغلطة التي يمكن أن ترتكب من غير قصد، ولكن الخطأ يجب ألا يترك للأقدار ولا بد لمعرفة الأسلوب الأنسب لتفادي عدم الوقوع فيه مستقبلًا.

 

علمتنا الحياة أن نتفادى الوقوع في المحظورات، لأن عواقبها وخيمة على المجتمعات وربما الدول، ولو اجتمعنا وتدارسنا خطواتنا، وأخذنا الأمور بالتروي والبصيرة لتوصلنا إلى حلول لم تكن تخطر في البال.

 

في زماننا الحاضر وجدنا شبابنا وقد اقتحموا مجالات لم تخطر على بالنا، وبدأوا في مشاريع تعود عليهم بالخير؛ وقد أبرز نشاطهم تليفزيون وإذاعة البحرين بالإضافة إلى وسائلنا الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الجهود بدأت تلقى الدعم من المسؤولين في الدولة كل في مجال اختصاصه والتنوع في الأنشطة يعني حيوية المجتمع، فهؤلاء الشباب أخذوا على عاتقهم اقتحام مجالات قد وجدوها في بلدان تمت زيارتها أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن قطعًا فيها لمسات بحرينية وذوق بحريني يتناسب مع حاجة المجتمع البحريني لهذا النوع من النشاط، والأهم أن يمارس هؤلاء الشباب مشاريعهم بأنفسهم أو بإشرافهم المباشر، وأعتقد أنه عندما يكون الوقت مناسبًا أن نقوم بإتاحة الفرصة لزوار البحرين من الدول الشقيقة والدول الصديقة أن يأتوا لرؤية هذه المشاريع وسيكون ذلك مبعث فخز واعتزاز لنا جميعًا، فقد أثبت شبابنا وشباتنا قدرتهم على الإبداع والتميز، واقتحام مجالات لم تكن معهودة من قبل، ولعل مشروع سوق المزارعين في مكانه الدائم بسلما باد أو سوق المزارعين الأسبوعي بحديقة البديع قد شد انتباه واهتمام البحرينيين والمقيمين وزوار البحرين، كما أصبح حافزًا للعاملين في هذه الأسواق بالحرص على التميز والتنويع في المعروضات، وبالتأكيد أننا لا نطلب منهم أن يسلكوا سلوك "نقلة العاجز" وإنما التطوير الدائم سيضفي حيوية وبهاء على المشاريع التي يضطلعون بها عن جدارة واستحقاق.

 وعلى الخير والمحبة نلتقي

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز