عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

خالد البليسى يكتب: الاستهزاء بالأديان والإساءة إلى النبي العدنان

خالد البليسى
خالد البليسى

لقد جاءت رسالة الإسلام إلى البشرية كلها، تلك الرسالة التي تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وترسي دعائم السلام في الأرض، وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً، على اختلاف عقائدهم، في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس، بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم.



 

كما جاء في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ...)  فمن سماحة الإسلام أنه أقر التعايش مع الآخر، فحينما هاجر النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة كان أول ما فعله بعد بناء المسجد والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وضع صحيفة المعاهدة مع اليهود الذين كانوا يسكنون المدينة، وهذه الصحيفة تدل بوضوح وجلاء على عبقرية الرسول، صلى الله عليه وسلم، في صياغة موادها وتحديد علاقات الأطراف بعضها ببعض، فقد كانت موادها مترابطة وشاملة، وتصلح لعلاج الأوضاع في المدينة آنذاك، وفيها من القواعد والمبادئ ما يحقق العدالة والمساواة التامة بين البشر، وأن يتمتع بنو الإنسان على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأديانهم بالحقوق والحريات بأنواعها.

 

ففي أول وثيقة سياسية دونها الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى المدينة المنورة، فقد أعلنت أن الحريات مصونة، كحرية العقيدة والعبادة وحق الأمن، فحرية الدين مكفولة، للمسلمين دينهم ولليهود دينهم، قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وما فعله النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أول تطبيق عملي للدولة الإسلامية في حسن التعايش مع الآخرين من غير المسلمين، ودلالة على أن الإسلام دين لا ينفي الآخر على الإطلاق وأنه يقر أن الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم هو سنة إلهية

 

ومن هذا المنطلق جاءت آيات القرآن الكريم، لتؤكد النهي عن الاستهزاء أو احتقار اى شريعه أو دين ولتبين ايضا النهى عن الاستهزاء بكلام الله سبحانه فقال جل وعلا:

 

«وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْكُمْ فِى الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَكُمْ إِذا مِثْلُهُمْ إِنَ اللَهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى جَهَنَمَ جَمِيعا».

 

و فى سورة الأنعام فقال جل شأنه «وَإِذَا رَأَيْتَ الَذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ، وَإِمَا يُنسِيَنَكَ الشَيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَالِمِينَ».

 

وكلتا الآيتين لا ترتب عقوبة دنيوية على هذا الاستهزاء ولا تدعوان إلا إلى المقاطعة الوقتية لهؤلاء الناس الذين «يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا» أو «يكفرون بها ويستهزئون بها»، أى أننا مأمورون بأنه إذا رأينا أو سمعنا ونحن فى مجلس معين آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها فكل ما علينا هو مغادرة هذا المجلس وعدم العودة إليه إلا إذا تغير موضوع الحديث

 

 وإذا كنا فى هذا الايام أيضا نواجه حربًا شرسة ضروس للنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه، فإن ذلك يعد جريمة كبرى فالإيمان بالرسل وتوقيرهم وتنزيههم عن السب والاستهزاء ركن من أركان الإيمان، قال الله تعالى:( قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ولقد حذّر اللّه عزّ وجلّ تحذيرًا شديدًا من إيذاء سيّد الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، بأيّ صورة من صور الإيذاء، فقال تعالى مخاطبًا المؤمنين: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّه) وقال سبحانه مخاطبًا المنافقين: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّه وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّه لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

 

وجعل اللّه سبحانه وتعالى إيذاء رسوله الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم إيذاءً له سبحانه، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّه وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) بل نهى اللّه عزّ وجلّ المؤمنين عن مجرّد رفع أصواتهم فوق صوت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّ رفع الصّوت فيه إشعار بالاستخفاف، فجعله اللّه محبطًا للعمل وإن لم يشعر صاحبه بذلك، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) فكيف بمَن يُصرِّح بسبِّه أو الانتقاص منه؟!

 

ومازالت الإساءات للنّبيّ الكريم محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم مستمرّة، ولن تنتهي طالمَا كان هناك من يبغض الإسلام ويحقد على الرّسول الكريم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وإذا تخاذل المسلمون أو ضعفوا عن نصرة نبيّهم ممّن يؤذيه ويستهزئ به، فإن اللّه عزّ وجلّ منتقم له وكافيه.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز