
في اليوم العالمي للقضاء على الفقر
د. عمرو حسن: زيادة حجم الأسرة سبب ونتيجة للفقر

مروة فتحي
يحتفل العالم في 17 أكتوبر سنويا، باليوم العالمي للقضاء على الفقر، لإلقاء النظر على الطبقات الفقيرة وتلبية احتياجاتهم الضرورية للتمتع بحياة كريمة.
ويعود الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى عام 1987، حينما اجتمع ما يزيد على 100 ألف شخص تكريماً لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة تروكاديرو بباريس، التي وقع فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وقد أعلنوا أن الفقر يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بغية ضمان احترام تلك الحقوق. وقد نُقشت تلك الآراء على النصب التذكاري الذي رُفع عنه الستار ذلك اليوم، وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 47/196 الذي اعتمدته بتاريخ 22 يناير 1992، السابع عشر من أكتوبر، يوماً دولياً للقضاء على الفقر.
ويحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نسبة الفقراء بناء على تعريفه للفقر المادي ويقول إن " الفقر المادي هو عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد أو الأسرة"، والاحتياجات الأساسية هي الطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات، ولكي يتم تحديد نسبة الفقر لابد أن يتم وضع خطا للفقر وهو " تكلفة الحصول على السلع والخدمات الأساسية للفرد أو الأسرة "، أو ما يسمى بخط الفقر القومي"، ويعتمد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء مؤشر أخر للفقر، وهو الفقر المدقع ، والذي يقول إنه " نسبة السكان الذين يقل استهلاكهم الكلي عن خط الفقر الغذائي"، ويمثل خط الفقر الغذائي إلى حد كبير كلفة البقاء على قيد الحياة ، بحسب تعريف الجهاز.
يؤكد دكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق أستاذ مساعد النساء و التوليد و العقم بقصر العيني، أن نسبة الفقراء تزيد مع زيادة حجم الأسرة، وأن زيادة حجم الأسرة هو سبب ونتيجة للفقر في نفس الوقت، فهو نتيجة لأنه ليس لدى الأسر الفقيرة الحماية الاجتماعية الكافية وبالتالي تلجأ هذه الأسر إلى زيادة عدد الأطفال كنوع من الحماية الاجتماعية عند التقدم في السن أو الإصابة بالمرض باعتبارهم مصدر للدخل، كما أن الأسرة لديها مسؤولية كبيرة في زيادة نسب الفقر بسبب زيادة عدد أفراده، لافتا إلى أن ۷ ٪ فقط من الأفراد الذين يعيشون في أسر بها أقل من أربعة أفراد هم من الفقراء عام ۲۰۱۸/۲۰۱۷، بينما تزيد تلك النسبة إلى ٤٩,۳ % للأفراد الذين يقيمون في أسر بها ٦- ٧ أفراد، وأن ٥٧.٨٪ من الأفراد الذين يعيشون في أسر بها ١٠ أفراد أو أكثرهم من الفقراء، فيما يوجد ٤ محافظات في مصر نسبة الفقر بهم أكثر من ٥٠٪، هم أسيوط، سوهاج، الأقصر، المنيا.
وأوضح د.عمرو حسن أن أفقر 10 محافظات في مصر هم أعلى المحافظات خصوبة، إذ يرى أن الفقر إذا كان نتيجة لزيادة عدد السكان فإنه سبباً أيضاً، ونحن الآن أمام خيارين إما تنظيم الإنجاب أو زيادة الفقر و الجوع والأمية، فمصر لديها فائضاً ضخماً من السكان يزيد على إمكانيات البلد الراهنة، فالمجتمع المصري يتناسل بصورة مذهلة تحرمه من أن يتمتع بمستوى معيشة المجتمعات العصرية، وإذا كان جيلنا قد ورث مشكلة الزيادة الكبيرة في عدد السكان من الأجيال السابقة، فعلينا نحن أن نحسم هذه المشكلة ونغلق هذا الملف نهائياً حتى لا نظلم الأجيال القادمة إذا ما تركنا لهم المشكلة مضاعفة.
وتابع: لن تنطلق مصر وتتحق شخصيتها الكامنة بوجهها الحقيقي، إلا إذا تحررت من عبء الزيادة السكانية التي تشل حركتها وتثقل خطاها، وتضغط على أخلاقيات الشعب ونفسيته وشخصيته، بما يهدد جوهر معدنه في الصميم، فإذا كان بناء السد العالي قد حررنا من فيضانات النهر العشوائية، و إذا كان تنويع الإنتاج يحررنا من ذبذبات السوق العالمية، وإنتاج السلاح وتنويع مصادره لاستقلال قرارنا السياسى والعسكرى، فإن ضبط النمو السكاني الكبير يجب أن يكون هو كلمة المستقبل، وأن يكون شعارنا الاجتماعي" الحياة الجيدة قبل الجديدة"، وأن يكون لدينا التخطيط السكاني، وتخطيط الأرض، هو أول وأهم فصول التخطيط القومي.
الجدير بالذكر أنه عند وضع أهداف وأنشطة الاستراتيجية القومية للسكان و التنمية ( ٢٠١٥ - ٢٠٣٠ ) كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى وصول عدد السكان فى مصر فى 2020 إلى 94 مليون نسمة ولكن الواقع أن عدد السكان فى مصر وصل إلى 101 مليون نسمة فى 3 أكتوبر 2020 أى بواقع زيادة 7 ملايين نسمة عما كان مخطط له و هذا يطلق جرس الإنذار بضرورة تضافر جهود الدولة، وأن تتبنى القيادة السياسية هذه القضية.
ونتذكر جميعا ما قاله السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية منذ ٣ أعوام تقريباً في مؤتمر الشباب بالإسكندرية، عندما قال إن الإرهاب والزيادة السكانية هما أكبر خطرين تواجههما مصر.
ولفت مقرر المجلس القومي للسكان السابق، إلى أن العلاقة واضحة بين الإرهاب والزيادة السكانية، فالسكان في تزايد سريع وضغط السكان على الموارد والإنتاج كبير ومن ثم على حياتهم اليومية، فلا يكاد يوجد قطاع في مصر إلا وتغلغلت فيه مشكلة الزيادة السكانية، حتى إنها قد أثرت على مستوى التعليم وزيادة الأمية، وتسببت في زيادة الفقر وانخفاض مستوى المعيشة، فكانت بذلك سبباً وتربة خصبة لوجود أشخاص عقولهم خالية، وجيوبهم خاوية، وأوقاتهم فارغة بسبب البطالة التي هي نتيجة مباشرة لمشكلة الزيادة السكانية، فأصبح من السهل على أعداء الوطن، السيطرة على عقول هؤلاء وإقناعهم بأن ما يفعلونه هو " جهاد في سبيل الله "، والجهاد منهم براء.
يشار إلى أن استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر "2030" من أهم أهدافها هي الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته ومن أهدافها الفرعية الحد من الفقر بجميع أشكاله وضبط النمو السكاني وتحسين الخصائص السكانية كالتسرب من التعليم وزواج الأطفال والبطالة والأمية والفقر وعمالة الأطفال، وقد أطلقت الدولة المصرية العديد من المبادرات التي تعمل على تحقيق ذلك مثل مبادرة حياة كريمة لتحسين مستوى المعيشة للفئات الأكثر احتياجا وتوفير فرص عمل بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في المناطق الأكثر احتياجا وأقل حظا مثل القرى، كما تبذل الدولة جهود للحد من العشوائيات كأحد آليات الحد من الفقر متعدد الأبعاد، وإطلاق مبادرة "نتشارك هنعدي الأزمة" من قبل صندوق تحيا مصر لدعم العمالة غير المنتظمة في ظل تداعيات فيروس كورونا.