عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
«حقيبة» وزارية فقدت ظلها

«حقيبة» وزارية فقدت ظلها

شردتُ لحظات ومقولة الرئيس السيسي أثناء تفقُّده لمحور المحمودية بالإسكندرية عندما ذَكَرَ (قالوا لى لا تتحدث واترك الإعلام يقوم بهذا)، وكان ذلك بخصوص موضوع مخالفات البناء والتعدّى على أراضى الدولة، ولكن الرئيس أبَى أن يصمت وتحدث بتلقائيته وحماسه المعهود منذ كان وزيرًا للدفاع، وفى أحيان كثيرة أستشعر قوله: اتركونى وشعبى فنحن كفلاء ببعض ولا أريد وسيطًا.



بالطبع كنتُ أودُّ وأنا أنتمى إلى المجتمع الإعلامى أن نكون عوامل مساعدة للرئيس وأن نحمل معه الرساله وأن نبرهن على فلسفته فى بناء (أمّة مصرية حديثة قوية بمواردها البشرية والعسكرية والاقتصادية) وهم قاطرة التوجُّه السياسى الخارجى لحماية حقوق الدولة ودعم سيادتها، ولكن ما هو المانع الذي جعلنا نتراجع عن هذا الدور؟ بكل شفافية ووضوح غياب الرؤية لمعنى (الدّور) وأيضًا الخوف والتوارى، ما جعلنا ننقَضّ على ما هو متاح دون بذل جهد أو تقدير موقف (نترقب ولا نتجرأ).

تركنا المعافرة المهنية للوصول إلى المواطن حتى فقد ثقته فينا ليس هو وحسب، بل أيضًا القيادة السياسية التي قالت لنا ذات يوم فى جلسة إعلامية مغلقة: ( ياريتكم تقولوا اللى أنا بأقوله) قاصدًا الحقيقة باستخدام التبسيط، ولكى أكون منصفة فبعضنا يقوم بهذا، ولكنهم قِلّة ربما لا تُعرض على الرئيس مقالاتُهم أو ما يكتبون سواء عن قصد أوغير، ولكن ماذا حدث للإعلام؟ الحقيقة تأثَّرَ عندما عدت العدة للفوضى الخلاقة، بل كان هو الأداة للأسف عندما حشرت شخصيات لا حيثية لها فى مجال الإعلام وتلميعهم ليصيروا نجومًا يلتف حول برامجهم المُشاهد وأصحاب أعمدة ومقالات فى كبرى الصحف والمجلات وكان يتم تجهيزهم لساعة الصفر المنتظرة لهدم أواصر الدولة وقد قاموا بدورهم وزوّدوا العيار من أجل المال وبيع الأوطان.

ولكن، هل وقفت الدولة مكتوفة الأيدى فى ملف الإعلام؟ البداية (آه)، فقد كانت التركة مثقلة وكانت الدراسة المتأنية له مطلوبة، وهذا لم يكن متاحًا فى ظل إدارة شؤون البلاد فى ظروف استثنائية ثم حُكم جماعة (الإرهاب والنار) وبَعدها مرحلة انتقالية حتى تم استرداد الدولة وأركانها، وعند ذلك تم تطبيق الدستور بإنشاء هيئات مَعنية بالإعلام بكل أنواعه ويُعد أول تشكيل بمثابة التجربة، ولكن فى التشكيل الثانى، وهو ما نحن بصدده، جاء بشخصيات تمارس دورَها كاملًا وبحماس ونشاط لإنقاذ الدَّور الإعلامى ليواكب الحركة الفكرية الحديثة التي يتبنّاها الرئيسُ، ولكن فى مرحلة التجربة الأولى ظل دَورُ الإعلام منقوصًا وتعالت أصواتنا هناك شىء ما يجب أن يكون؟ وقدّمت الاقتراحات بأشكال مختلفة ترى أن الحل رجوع وزير إعلام الذي تم إلغاؤه، وأن الهيئات ليست بديلًا عنه، ولكن أخذت من اختصاصات دوره؛ خصوصًا فى المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، أمّا الهيئة الوطنية للصحافة فإن دورَها بعيدٌ عنه تمامًا؛ لأن ما أسند إليها هو دور المجلس الأعلى للصحافة الذي كان يتبع مجلس الشورى سابقًا، وكان وقتها يترأسه «صفوت الشريف»، فى حين كان وزير الإعلام «أنس الفقى» يعنى لكل منهم اختصاصاته، ولأن منصب وزير الإعلام لم يعد مذكورًا وأيضًا لم يُلغَ فى الدستور فكرت الدولة فى حل وسط يحل لها المعادلة المنقوصة، فأتت بمسمى (وزير الدولة لشؤون الإعلام) وانتظرت الدولة من هذا الوزير الذي استجدت حقيبته بَعد فترة انقطاع لعدة سنوات أن يأتى لها بمهام مستحدثة ودراسة لرفع الكفاءة الإعلامية وقبلهم أن يكون القناة الشرعية للتواصل بين القيادة السياسية والشعب بكل ما تعنى الكلمة، يعنى يشمّر عن ساعديه ويذاكر كويس القضايا الداخلية والخارجية التي تشغل الرأى العام.

ولكن ما حدث أن وزير الدولة الذي تم تعيينه فَقَدَ ظله ودورَه ومهامَّه ولم يذاكر ولم يكلف نفسه أدنى مجهود وأخذ ينقَضّ على مهام غيره بطريقة بدائية جدّا، فنجده مثلًا يأخذ بيانات وزارة الصحة عن وباء «كورونا» التي صرّحت بها الوزيرة ليُعيدها على مسامعنا عبر ما أطلق عليه مؤتمر صحفى أو تصريحات أى وزير آخر كان يكلف بها متحدثه الرسمي بإذاعتها، وكأنه للأسف يقوم بدور المتحدث الرسمي للوزارات المختلفة، وليته عند هذا ووقف بل تمادى ليدس أنفَه فى اختصاصات كل الهيئات بما فيها الصحافة، التي هى لم تكن فى يوم ما ضمْن اختصاص أى وزير إعلام فى مصر إلّا من منطلق أن الوزير كان الأجندة المعلوماتية والقناة الموصلة للقضايا والأحداث بين القيادة السياسية ورؤساء التحرير المصاحبين للرئيس فى الجولات الخارجية أو الداخلية فيثرى العمل الصحفى من هذا المنطلق لا غير، وكان دورُه الأكبر فى منح القنوات الفضائية المملوكة للدولة أو الخاصة المعلومات وتقنين أفعالهم وأوضاعهم، وبَعد وجود مجلس وهيئة لهم فإن وزير الإعلام لم يَعد له هذا الدور، إذن ماهو دورُه وما يجب أن يقوم به؟ 

أتوقّع أن الدولة انتظرت من وزيرها أن يقدم عملًا لا يتداخل مع الهيئات الصحفية والإعلامية وأيضًا يثرى العمل الإعلامى، وأنه هو شخصيّا يكون لديه القبول المجتمعى ليصل إلى الجمهور المستهدف.. المَنصبُ فكرٌ ورؤية وليس وجاهة اجتماعية، إننا نبنى دولتنا الحديثة ونريد فكرًا جديدًا واستنهاض همّة ومَن يجد نفسه غير أهل لذلك يعتذر ويترك غيره يتقدم، فوجود أى وزير ليس فرضًا علينا، بل عمله وهمّته ورؤيته هى مفتاح تواجُده وعلى الوزير التحرك ولا ينتظر مَن يغششه، فالحقيبة مليئة والأهم مَن يعلم محتواها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز