عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أحزاب زمن الكورونا !

أحزاب زمن الكورونا !

لا شك في أهمية دور الأحزاب في عملية التحول الديمقراطي، إلي حد بات معه التشكيك في جدواها من مآثر عهود لم تكن تملك شيئاً مُعتبراً من القيم الديمقراطية. إلا أن الأمر علي هذا النحو يُشير إلي حقوق اكتسبها مفهوم الأحزاب السياسية جراء ممارسات تركت بالفعل آثارها الطيبة علي الحياة السياسية في الدول الديمقراطية كافة؛ ومن ثم فهي ليست بالحقوق الموروثة التي تترتب بمجرد إنشاء الحزب، واستكماله الأركان القانونية الأساسية التي يتوقف أثرها علي منح الحزب شرعيتة، دون أن تمنحه دوراً فاعلاً في الحياة السياسية. 



ذلك أن الأمر مرتبط، بكل تأكيد، بما تنهض به الأحزاب من أدوار حقيقية علي أرض الواقع؛ فإذا ما تراخت الأحزاب عن وظائفها المنصوص عليها في الأدبيات السياسية، ولم تُعر اهتماماً لانقطاع صلتها بالشارع، آماله وآلامه، فقدت علة وجودها، ودواعي نشأتها، وبات ربطها بعملية التحول الديمقراطي مضيعة كبيرة للوقت.

ولا شك أن العالم مشغول بأسره الآن في جائحة كورونا، وما خلفته من تداعيات سلبية علي كافة نواحي الحياة؛ ومن ثم فإن الأحزاب، وهي كائن سياسي حي، يُفترض فيه أن يتأثر ويؤثر في محيطه ومجتمعه، مدعوة إلي تقديم ما يُبرر دواعي تطلعها إلي مكانة مرموقة في الحياة السياسية.

وبإلحاح من جائحة كورونا، تشغلني أسئلة بعينها، تغلب عليها صراحة مؤلمة، وتتعلق بها مراجعات حقيقية جادة واجبة ينبغي أن توليها الأحزاب اهتماماً متزايداً؛ إذ لن تترك جائحة كورونا آليات وأدوات العمل السياسي علي حالها، وستفرض الجائحة شروطها علي الجميع، دون مواربة أو مجاملة. 

وبصفة عامة لا يمكن الزعم بأداء الأحزاب مهامها علي نحو متكامل ما لم تقم بأداء وظائفها الحقيقية، دون التخفي في طيات الجمعيات الأهلية غير المعنية بالعمل السياسي. فهل أدت الأحزاب ما عليها من أدوار خلال أزمة جائحة كورونا؟!. أعرف أن عدداً من الأحزاب نشرت صوراً لبعض أعضائها وهم يقدمون بعض الأغذية والمطهرات والكمامات للناس في صور ساذجة مُكررة تُلح قيادات الأحزاب علي إعادة بثها من حين لآخر!. ولو أن هذا هو الدور الحقيقي للأحزاب السياسية، لما كان التفريق بينها وبين الجمعيات الأهلية مُمكناً!. وما قصرت جمعية رسالة أو الأورمان أو غيرها لنُقلق الأحزاب من غفوتها.! 

فماذا بقي من دور للأحزاب غير صور المطهرات والكمامات؟!.  في الحقيقة بقي كل شيء:

• بقي أن تقوم الأحزاب بوظيفتها في مجال التنشئة السياسية الكفيلة بإعداد كوادر شبابية علي صلة وثيقة بالقضايا الوطنية الأساسية، لا ينقصها إدراك حقيقي لمختلف القيم والاتجاهات السياسية. لا أتحدث هنا عن محاضرات نظرية تُلقي علي الشباب، لكن أصل إلي حد تقديم نماذج حزبية وطنية جديرة بأن تُحتذي، تساهم بحق في تحسين الصورة الذهنية للأحزاب لدى الرأي العام.

•    بقي أن تقوم الأحزاب، من منظور وطني بحت، وبحكم توجهات الحزب الأساسية، بوضع سياسات بديلة لما تطرحه الحكومة من سياسات. وبالمناسبة، هل عندنا فعلاً حزب يملك حكومة موازية؟. أشك، وعلي المدعين بغير ذلك من الأحزاب إعلان أسماء حكومتهم الموازية، وبيان ما قدمته من أعمال، وما أنتجته من سياسات بديلة تنتهج مبادئ وقيم الحزب.   

•    بقي أن تعرف الأحزاب أن البرلمان لا يحتكر الرقابة علي أداء الحكومة، بل للأحزاب الدور ذاته خارج البرلمان وداخله. 

   ليس فقدان الأمل فحسب هو ما يجعلني أتوقف عند هذا الحد من الوظائف الغائبة للأحزاب، بل تضيق المساحة أيضاً. وعلي هذا النحو المفقود، تصبح الأحزاب مدارس للشعوب، ترفع مستوى الوعي السياسي، وتُعلي من فعالية الرأي العام، وترتفع بشرعيتها إلي عنان حياتنا السياسية مدفوعة بشرعية الإرادة الشعبية التي أمدتها بآمالها وآلامها؛ وانتظرت منها أن تعبر عنها بصدق وتجرد، وطال الانتظار بلا جدوى. 

   أما الاكتفاء بالحديث المتواصل عن التأييد المُطلق للرئيس السيسي، والوقوف عند حد إطلاق تصريحات رنانة جوفاء، لا هدف من ورائها إلا محاولة الإيحاء بأن الحزب جزء من النظام الحاكم، فلست أري في ذلك إلا محاولات بائسة لركوب، ولو في السبنسة، قطار الرئيس السريع المنطلق بقوة نحو تحقيق المصلحة الوطنية، في زمن لم يعد يصلح فيه شعار "تكلم لأعرف من أنت"، بل "إعمل لأعرف من أنت"!.    

 

وواقع الأمر، أن كثرة المؤيدين من هذه النوعية، باتوا عبئاً ثقيلاً لست أري نفعاً في الاحتفاظ بهم، وقد سقطوا بجدارة في كثير من الاختبارات التي عقدها الشعب لهم مع توالي المنعطفات والتحديات التي تحيط بالوطن، وكان آخرها أزمة جائحة كورونا، التي أثبتت أن المطهرات والكمامات أغلي ما تملكه أحزابنا السياسية.!             

[email protected]  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز