

عيسى جاد الكريم
قرية الشهيدة سونيا عبد العظيم
حدث جلل ومؤلم، ذلك الذي شاهدناه من قلة منفلتة تلبسها الجهل وقلة الوعي فى قرية شبرا البهو فى مركز أجا محافظة الدقهلية، جعلتهم ينتهكون حرمة الموت ويمنعون دفن الدكتورة سونيا عبد العظيم التي تخطت عامها الستين وماتت متأثره بإصابتها بفيروس كورونا، فصاروا أقل شأنا من الغراب الذي دفن جثمان أخيه فى التراب.
ما إن شاهدت المشهد وصورة وصوت أشخاص يمنعون السيارة التي تحمل الجثمان من الدخول للمقابر حتى يوارى الجثمان الثرى إلا وصدمت وسقطت الدموع من عيوني، وشعرت بمن غرس خنجرا حادا النصل فى إنسانيتنا وقلوبنا وشهامتنا وفطرتنا كبشر وكرامتنا كمصريين لدينا نخوة وشهامة نفتخر بها، ولدينا حرمة وقدسية للموت ومصيبته.
تسمية قرية شبرا البهو باسم الشهيدة سونيا عبد العظيم هو الأمر الكافي والقادر على إزالة آثار العدوان النفسي الذي سببه ما حدث للمصريين فى الداخل والخارج من منع قلة جاهلة منعت جثمانها من الدفن قبل أن يتم دفنها إجبارياً بقوة من الشرطة، القرار يجب أن يحدث، فقرية شبرا البهو ليست قرية مقدسة أو اسما منزلا من السماء ممنوعا تغييره وإن كان القرار ليس بيد المحافظ فى ظل توقف المجالس المحلية يجب أن يتخذ سواء بقرار من وزير التنمية المحلية أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تغيير اسم القرية هو تكريم لكل المصريين وإنسانيتهم وليس للدكتورة سونيا عبد العظيم رحمها الله أو أسرتها فقط ، هو تكريم رمزى لكل من فقدوا أحبتهم بسبب فيروس كورونا، تكريم لكل طبيب فى منظومتنا الصحية سواء شارك فى علاج مصابي كورونا أو حتى لم يشارك مثل الدكتورة سونيا، تكريم لكل شهيد مات بسبب إصابته بكورونا ومنعت الإجراءات الصحية تشييع جنازته بشكل عادى، يجب أن يدوَّن اسم سونيا عبد العظيم فى بطاقات سكان القرية ليتذكر الجميع أنه يجب أن تتحلى إنسانيتهم بالرحمة، يجب أن تتعلم الأجيال القادمة احترام الحرمات، واحترام الوطن واحترام أفراده، رغم اتخاذ محافظ الدقهلية أيمن مختار قرارا بإطلاق اسم الدكتورة سونيا عبد العظيم على المدرسة الابتدائية بالقرية وهو قرار محمود ولكنه ليس كافياً.
القلة المنفلتة لا مبرر لجهلها، بعدما تجرأت وأفزعت الناس واطلقت الرصاص على قلب وضمير حى ، فجرمهم ليس فقط هو منع دفن ميت ولكن جرمهم تجاوز الحدود لوصم شعب بأكمله وقرية كاملة ومحافظة بأسرها بالتجرد من الرحمة والإنسانية يجب أن يحاسب هؤلاء على فعلتهم ولا تأخذ الدولة بهم شفقة أو رحمة، وذلك تأكيد لمبدأ المواطنة الذين ننشده بأننا جميعاً فى هذا الوطن لنا حقوق وحريات يجب أن يحترمها الآخرون وأن الدولة هى من تصون تلك الحريات والشعائر والمقدسات، وأبسطها هي الحق فى إكرام المتوفى لرحمة الله الذي لم يخون هذا البلد وظل يخدمه لآخر لحظة فى حياته بدفنه فى طنه.
الدولة القوية التي يجب أن تظهر الشدة والحزم تجاه القلة المنفلتة يجب ان تقتص لأهالى قرية شبرا البهو ممن حاول أن يوصموهم بصفات ليست فيهم، وأنا على علم أن كثيرا من أبناء القرية ساءهم ما حدث وكانوا يشعرون بالحزن والخزي مما حدث، فالطبطبة فى مثل هذا الحدث قد يغرى آخرين على الانفلات عن منظومة القيم الجماعية للمجتمع وقوانين الدولة، نحن فى ظروف استثنائية والدولة الأمينة على المجتمع يجب أن تقتص له وتتعامل بكل حزم وشدة مع أي خروج على القانون.
نحن الآن فى حالة حرب غير معلنة وفى ظل قانون الطوارئ يجب أن يكون كل من يرتكب مخالفات متعمدة عبرة لغيره، فالدولة كما تحمي يجب أن تعاقب لتضبط منظومة القيم للمجتمع فهي الأمينة عليها.
وأخيرا بقي أن نقول كلمة: التوعية مطلوبة ومستمرة واتخاذ الإجراءات الصحية لحماية أرواح الناس ومنع نقل العدوى شيء ضروري والتوعية مهمة الإعلام والدولة ومنع انتشار الشائعات، والتوعية بإجراءات دفن ضحايا فيروس كورونا وغيرها من الأمراض المعدية مهم والشفافية مطلوبة، حفظ الله مصر وحفظ شعبها.