عاجل
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
التجربة المصرية في مواجهة "كورونا"

التجربة المصرية في مواجهة "كورونا"

تلقى التجربة المصرية في مواجهة انتشار فيروس "كورونا"، استحسانا حتى الآن، من حيث الإجراءات الاستباقية، التي تتخذها الحكومة للحفاظ على صحة المواطنين، في ظل أجواء كانت مفتوحة يتقاطر عبرها المصريون المنتشرون في معظم دول العالم، وهو ما يشكل خطرا مضاعفا على مصريي الداخل، ويلقي بأعباء أكبر على الدولة التي تتعافى اقتصاديا.



 

هل نجحت الحكومة المصرية، حتى الآن، في إدارة الأزمة الناتجة عن فيروس كورونا؟ السؤال الذي وجدتني مطالبا بالإجابة عنه أمام نخبة من رجالات الفكر، كان ردي بالتأكيد نعم، فالأرقام التي تصدرها وزارة الصحة المصرية، يوميا، بأعداد المصابين والمتعافين والوفيات تعد قليلة جدا، إذا ما قورنت بشعب تجاوز تعداده حاجز 100 مليون نسمة، وبأعداد الإصابات والوفيات التي ضربت دولا عديدة أقل سكانا، وأقوى اقتصادا، وأفضل كثيرا من حيث الإمكانيات الصحية، لقد نجحت مصر بامتياز في الوقت الذي فشلت فيه دول مثل إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، بسبب التباطؤ في اتخاذ القرارات، وإحجام أو تأخر الحكومات عن مصارحة شعبها بالحقائق منذ البداية.

 

جاءت المعالجة المصرية للأزمات الطارئة الناتجة عن فيروس كورونا، والتي أربكت العالم، وحوّلت مدنه إلى أشباح، وأوقفت بل أطاحت بكل خطط الدول التنموية والاقتصادية، لتؤكد أن الدولة المصرية بكل أجهزتها تحسبت لمثل هذه الأزمات بحزمة من الإجراءات الاقتصادية، التي تخفف من آثار التباطؤ الاقتصادي وتعيل فئات الشعب التي تأثرت بالإجراءات، التي اتخذتها الحكومة لحمايتهم من احتمالات الإصابة بهذا الفيروس الغامض، الأرقام التي صدرت مؤخرا عن هيئات دولية رصينة، وإن لم تشر صراحة إلى الإجراءات المصرية، إلا أنها تؤكد نجاعتها، وأن الدولة المصرية كانت أسبق دول العالم في المعالجات الاقتصادية والاجتماعية، الأرقام التي قدمها موقع بلومبرج الاقتصادي الأمريكي، تشير إلى حقائق صادمة ناتجة عن قرارات خاطئة اتخذتها الدول في أوروبا وأمريكا، وأن تأثيراتها السلبية على الاقتصاد العالمي سوف تتجاوز الكساد الكبير، الذي ضرب العالم عام 1929.

 

تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (الإسكوا)، الصادر مؤخرا من جانبه، أكد أن المنطقة العربية ستعاني إلى جانب العدد المتزايد من الضحايا والإصابات، والعبء الهائل على القطاع الصحي، من خسائر فادحة في الوظائف، نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد.

 

التقرير توقع، أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، بأكثر من 42 مليار دولار، وأن تخسر المنطقة أكثر من 1.7 مليون وظيفة في عام 2020، مع ارتفاع معدل البطالة بمقدار 1.2 %، خلافًا لآثار الأزمة المالية العالمية في عام 2008، من المتوقع أن تتأثر فرص العمل في جميع القطاعات، وفي مقدمتها قطاع الخدمات، وهو المصدر الرئيسي لفرص العمل في المنطقة العربية.

 

الإسكوا، أوصت الحكومات العربية باتخاذ تدابير (مماثلة للتدابير المصرية) لتقديم الدعم على المستويين الكلّيّ والجزئي، بحيث تعمل على تحسين الحماية الاجتماعية، خصوصًا للفقراء والفئات الضعيفة، ودعت الحكومات بالمنطقة الى اعتماد سياسات مالية نشطة لدعم الشركات، مثل تقديم الإعفاءات الضريبية ودعم الأجور وتمديد آجال سداد الديون ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.

 

كل هذه الأرقام تؤكد أهمية قرارات الحكومة المصرية، التي تعاملت مع الأزمة والآثار المترتبة عليها بحكمة وحنكة ومسؤولية وموضوعية لم نشهدها، خلال العقود الطويلة الماضية وقت أن كانت الحكومات تترك الشعب وحده في مواجهة آثار الأزمات الاقتصادية أو الصحية أو الاجتماعية، نحن الآن أمام حكومة نستطيع أن نصفها بلا مبالغة، أنها حكومة إدارة أزمات بعد أن حققت نجاحات كبيرة في ظل ميراث اقتصادي يعاني من الترهل، واجتماعي مثقل بتراث من الموروثات الخاطئة والبعيدة عن صحيح الدين، ناتجة عن ممارسات الإخوان والسلفيين والأحزاب طيلة القرن الماضي. حتما كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الاحتفال بيوم المرأة العالمي، إن عالم ما بعد كورونا لن يكون أبدا كما قبله، هذا يعني أن كورونا سوف تغير شكل العالم الذي عهدناه، وتحيل العولمة، لأن تكون جزءا من الماضي، وتغير من مفاهيم الاستهلاك والإنتاج لدى الشعوب، وتحد بشكل كبير من التقارب الاجتماعي، وكما في تقرير بلومبرج سوف تخفض من النمو السنوي العالمي، وقد تتسبب في عجز الدخل العالمي بأكثر من 2 تريليون دولار، وعمليات إفلاس على نطاق واسع.

 

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا يتسبب فيروس كورونا المستجد بكل هذه الخسائر وربما الكساد للبشرية؟ رغم أن كل التقارير الطبية والأبحاث العلمية تؤكد أن أكثر الاحتمالات واقعية لمعدل الوفاة بفيروس "كورونا"، هو موت تسعة أشخاص من كل 1000 حالة إصابة، أي بنسبة تسعة من مائة في المائة أي أقل من 1%، فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يثير كورونا الرعب، وهو ليس أسوأ من الأنفلونزا العادية، التي تقتل سنويا أكثر من 600 ألف إنسان سنويا؟، يجيب العلماء أن للأنفلونزا لقاحا، أما الكورونا فلاتزال بغير لقاح.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز