أيمن عبد المجيد
هل أتاك حديث الوطن؟!
للوطن قائد، يؤمن بأن المواطن أغلى ما فيه، والأحق بالحماية والرعاية، داخل وخارج أراضيه.
للوطن، درع وسيف، جيش وطني، يحمي ترابه الوطني، وأمن مواطنيه، في مواجهة العدائيات، مسلحة كانت أو فيروسات، يخوض معارك البناء، والتنمية، والحماية والوقاية.
للوطن، شرطة تؤمن، وتسهر، وأطباء، يواجهون «الكورونا»، بشجاعة، يقاتلون في معركة الوقاية والعلاج، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، هم المؤمنون بواجبهم الوطني.
للوطن استخبارات، تحمي أمنه القومي، التقليدي، وغير التقليدي، ورقابة إدارية تُحاصر الفساد، ليتعافى الوطن، باقتصاده، ومؤسساته، ليظهر كما هو الآن أكثر قدرة على التعاطي مع الأزمات، تعاطٍ علمي عملي.
مصر بها شعب، تحمّل الجراحات الاقتصادية، بوعي وصلابة، فتحسنت الأحوال، وتراجعت مؤشرات الخطر، وتمكن من توفير ١٠٠ مليار جنيه، لتمويل خطة المواجهة الشاملة، في معركة «كورونا»، وما يلزمها من قرارات اقتصادية للحد من آثارها السلبية.
مصر تتغير، تقفز مساحات واسعة إلى مصاف الدول المتقدمة، بل تخطت في إدارتها للأزمات، الكثير من الدول الموصوفة بالمتقدمة، مصر ٣٠ يونيو، مصر العلم والإيمان والتقدم.
أزمتان غير مسبوقتين، مرت بهما البلاد، في الأسابيع القليلة الماضية، أظهرت فيهما الدولة كفاءة، لا يُنكرها إلا جاحد، أو في قلبه مرض.
الأولى: منخفض التنين، الذي مرت معه البلاد، بحالة طقس غير مسبوق في العصر الحديث، وما سبقها من إجراءات استباقية، احترازية، وتنبيه الحكومة للمواطنين، ومنحهم إجازة رسمية، وغيرها من الإجراءات التي حدت من الآثار السلبية، إلى أدنى مستوياتها.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجّه اليوم الشكر للحكومة وأجهزة الدولة، وأشار إلى تعويض المواطنين، الذين أصابتهم أضرار، ببناء مساكن تليق بالمواطن المصري، في اليوم التالي لتضررهم، وهو تعاطٍ سريع سابق ومتزامن مع الأحداث.
الأزمة الثانية، حرب "كورونا"، حقًا هي حرب، في مواجهة عدو خفي، يُهاجم بلا سابق إنذار، يتجوّل بين دول العالم، بلا تأشيرات سفر.
في تلك الحرب، مصر التقطت مؤشراتها مبكرًا، فور ظهور الفيروس في المقاطعة الصينية، بدأت التعامل عبر غرفة عمليات لإدارة الأزمة باحترافية، وكان المواطن وسلامته في الداخل والخارج، هو الهدف الرئيس.
فقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم على هامش لقائه عددًا من الأمهات المصريات في عيدهن، بقصر الاتحادية، إلى حرص الدولة على استعادة المصريين الراغبين في العودة لوطنهم، والتعامل العلمي مع الأزمة عبر إجراءات الحجر، وما تلى ذلك من قرارات وإجراءات تُسهم في الحد من الاختلاط والزحام.
مرورًا بالإجراءات الحمائية، للمواطنين البسطاء، الذين أضيروا من الآثار الاقتصادية السلبية للأزمة، وكذلك المستثمرين، للحفاظ على قدرتهم الإنتاجية، وقدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم حيال العمالة.
وقبلها كانت القرارات الحكومية، سواء بمنح الموظفين أصحاب الأمراض المزمنة، إجازة بأجر، وما سبقها من إجازات للسيدات، ومرورًا بالعمالة المؤقتة، وحقها في صرف إعانات، وحتى ما أعلنه الرئيس اليوم من علاوة ١٤٪ لأصحاب المعاشات، بما يتجاوز حد التضخم بـ ٤٪، فضلًا على ضم العلاوات المتأخرة.
الرسالة الأهم، والأقوى، هي الشفافية، فالدولة ليس لديها ما تخفيه، تُعلن الحقائق، لإدراكها أن المعركة أساسها الوعي، وسلاح العدو قنابل التشكيك في مصداقية الدولة، قالها الرئيس بوضوح اليوم، محاولات هدم جدار الثقة بين المواطن ودولته، ليست وليدة السنوات الست الماضية، بل هي سلاح الأعداء على مدار ثمانين عامًا.
مصر دولة حديثة، تحترم عقول مواطنيها، تؤمن بالله، وقدرته على حفظ مصر، التي قال عنها في كتابه الكريم، لسيدنا يعقوب، وآله أجمعين: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. صدق الله العظيم.
دولة تؤمن بأسباب العلم، وتأخذ بالإجراءات الاحترازية، تخطط للمستقبل، فهل نحن بقدر التحدي- نحن المواطنين- نحن جنود المعركة، في كل الحروب الجندي درع واقية لأمته يفتديها بروحه، وهو في الوقت ذاته هدف للعدو، شهيد إذا فقد حياته مقبلًا غير مدبر، الأطباء يواجهون مقبلين.
بينما من يرمي نفسه في التهلكة بالإهمال، يقتل رفاقه بالتخاذل، فهو خائن، كن أمينًا على بيتك، وأسرتك، ووطنك، التزم بتعليمات الأمن والسلامة، عزيزي القارئ، وليَسعُك بيتك، أمسك عليك لسانك، لا تردد الشائعات، ولا تنصح بما لا تعلم. احمِ نفسك، بجلوسك في بيتك، واحمِ أسرتك بإلزام أبنائك وذويك، بالجلوس في البيت، أسبوعين، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
من يضطر للخروج، يأخذ باحتياطاته، يلتزم غسل الأيدي، وتجنب العادات السيئة، استخدم المناديل، إياك والعطس في الهواء، أو البصق على الأرض، أو الانخراط في زحام.
دعونا نُحاصر العدو، ذلك الفيروس اللعين، إذا لم يجد أجسادًا ينتقل إليها ويتكاثر بها، سنقتله في أجساد المصابين، ويُباد بلا رجعة، الانتصار في تقليل التلامس، في المكوث في البيوت، واتخاذ إجراءات النظافة الشخصية، وتعقيم المؤسسات، ووسائل المواصلات.
إياكم والبحث عن الثراء، في زمن الحرب، بالاحتكار أو المغالاة في أسعار السلع، أو المنظفات والكمامات، فهي خيانة، يستحق مرتكبها الإعدام المعنوي قبل المحاكمة الجنائية، فهو سلب للسلاح لتمكين العدو من أبناء وطنك.
هناك الكثير من الأمهات اللاتي، ضحين بفلذات أكبادهن، شهداء في الحرب ضد الإرهاب، قالت أم الشهيد، إنها تحتفظ بعلم مصر، الذي جاء فلذة كبدها ملفوفًا فيه، ولديها ابن آخر، يتمنى أن يواصل مكان أخيه.
هناك من ضحى بالدماء، من أجل أن يحمي حياتك، فلا تكن أنت من تلقي بالإهمال، بنفسك ووطنك إلى التهلكة، إياك وأهل الإفك، هؤلاء الناعقين بالخراب والأكاذيب، على فضائيات الإرهاب، إخوان الإرهاب، الشامتين، الذين يتمنون الخراب، ليتاجروا بآلام المصريين.
مصر رغم كيد الحاقدين، محفوظة، ببركة طور سيناء، وآل بيت رسول الله، ببركة نبي الله يوسف، وعيسى وأمه مريم، عليهم السلام، مصر محفوظة بجهد المخلصين، بوعي شعبها، بأطفالها الرضع، وشيوخها الركع، وقيادتها الحكيمة. "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا"، فكن من المحسنين، لا تكن مستهترًا، فتكون من "الأخْسَرين أعمالًا".
هل أتاك حديث الوطن؟!
حفظ الله مصر