الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الدبلوماسي الأول في الإسلام

الدبلوماسي الأول
الدبلوماسي الأول في الإسلام
كتبت - شيماء الحصري

أبو عبد الله مصعب بن عمير (المتوفى سنة 3 هـ) من السابقين إلى الإسلام، ومبعوث النبي محمد صلي الله عليه وسلم للدعوة إلى الإسلام في يثرب بعد بيعة العقبة الأولى، وحامل لواء المهاجرين في غزوتي " بدر وأحد".

أول سفير في الإسلام إنه الصحابي الكريم مصعب بن عمير - رضي الله عنه- أو مصعب الخير.

نشأ مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي في مكة شابًّا جميلًا مترفًا، يرتدي أحسن الثياب، ويتعطر بأفضل العطور، رقيق البشرة حسن اللّمة ليس بالقصير ولا بالطويل، إلا أنه ما أن بلغت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وعَلِم باجتماعه في دار الأرقم بأصحابه، سارع إليه ليسمع منه آياتٍ من القرآن الكريم فكان له مع الإسلام موعدًا وإعلان إسلامه سرًا في دار الأرقم خوفًا من أمه خناس بنت مالك بن المضرب العامرية ومن قومه، فكان من السابقين إلى الإسلام، بقى مصعب على تلك الحالة إلى أن أبصره عثمان بن طلحة يصلى، فأخبر قومه، فأخذوه وحبسوه.

وهو ممن هاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة المنورة، وكان أول سفير في الإسلام، وأول من صلى الجمعة في المدينة.

بعثه النبي محمد صلي الله عليه وسلم بعد عودته مع نقباء الأنصار الاثني عشر الذين بايعوا النبي محمد بيعة العقبة الأولى ليعلم من أسلم من أهل يثرب القرآن، ويدعوا للإسلام، ويصلى بهم، فنزل ضيفًا على أسعد بن زرارة، ويعد بذلك أول من هاجر إلى يثرب من المسلمين.

وبعد الهجرة النبوية، صاحب مصعب النبي محمد الذي آخى بينه وبين سعد بن أبى وقاص، وقيل أبى أيوب الأنصاري، وقيل ذكوان بن عبد قيس.

 

 شهد مصعب مع النبي محمد "غزوتي بدر وأحد"، لم يمض عام على بدر وإذ بقريش تجمع رجالها وترفع المعنويات، وتقوم بتعبئة رهيبة للثأر لما حصل في بدر.

ويخرج جيش جرار ويلتقى جيش التوحيد بجيش الشرك في "أحد"، ويتخلى الرماة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزلون من على ظهر الجبل ليجمعوا الغنائم بعد ما رءوا أهل الشرك يفرون، ولكن هذا كان مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فغير دفة المعركة، وإذ بهم يرون خالد بن الوليد ينقض مع جموع من الفرسان، ينقضون على المسلمين لتتحول كفة المعركة بين غمضة عين وانتباهتها، وينتشر الذعر والرعب بين صفوف المسلمين، ولما رأى المشركون ذلك جعلوا هدفهم الأوحد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلتفت مصعب إلى الأمر ويعرف الخبر، ويرفع اللواء خفاقًا عاليًا، ويزأر كالأسد في عرينه، وترتفع صيحات التكبير، وإنما يريد بذلك أن يلفت أنظار الأعداء إليه حتى لا يصلون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فينقض عليه الفارس ابن قمئة ليطعن مصعبًا رضي الله عنه طعنة في يمينه، فيقع اللواء فيأخذ مصعب اللواء بشماله، فيطعنه طعنة أخرى فيقطع يده اليسرى، فينقض مصعب رضى الله عنه على اللواء بعضديه ليضل اللواء خفاقًا عاليًا شاهقًا فينقض عليه الفارس مرة أخرى ليطعنه في صدره، فيسقط اللواء ويسقط كوكب الشهداء، يسقط مصعب رضى الله عنه وأرضاه.

وبعد انتهاء المعركة يأتي الحبيب صلى الله عليه وسلم ليتفقد أحوال الشهداء، ويقف أمام جثة حمزة التي مثل بها، ويبكى بكاء طويلًا، وتنزل الدمعات غزيرة من عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالرغم من أن كل الأبطال الذين سقطوا كانوا يمثلون الطهر والعفاف والعظمة، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف أمام جثمان سيد الدعاة وسيد الشهداء وأول السفراء مصعب بن عمير ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ"  [الأحزاب:23].

  لم يترك مصعب عند مقتله إلا نمرة، أرادوا تكفينه بها، فكانوا إذا غطوا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطوا رجليه بدا رأسه، فقال النبي محمد: "غطوا رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر"، وتولى دفنه يومها أخوه أبو الروم بن عمير وعامر بن ربيعة وسويبط بن سعد، وكان عمر مصعب حين أستشهد 40 سنة أو يزيد. ولم يكن لمصعب سوى زوجة واحدة وهي حمنة بنت جحش، وله منها ابنة واحدة اسمها زينب، كان قد زوّجها عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة.

 

تم نسخ الرابط