"البنسلين" الأزمة .. والحل
كتب - محمود جودة
- دخل قائمة النواقص منذ 5 أشهر .. وسد العجز السوقي خلال أيام
- طرح مئات الألاف من العبوات قبل نهاية ديسمبر يشفى مرض الغلابة بعد معاناة شهور
ألقت الرقابة الإدارية مؤخرا القبض على د. مدحت شعراوي رئيس مجلس إدارة شركة أكديما أنترناشيونال السابق، والذي كان مسئولا عن استيراد عقار البنسلين الذي يطلق عليه تجاريا البنسيتارد من دولة الصين، والذي لعب في عقود الاستيراد ليصبح الاستيراد باسمه وليس بصفته رئيسا للشركة الحكومية، ومنح حق الاستيراد لشركته "تكنو فارم"، بالمخالفة واستغلال السلطة، بما يضر بالصالح العام، وتم تقديمه للنيابة العامة للتحقيق في ذلك، واتهامه بأنه المسئول عن أزمة نقص البنسلين.
جاء ذلك بعد تأجيج الشارع المصري، بسبب نقس البنسلين ومعاناة الأطفال والمرضى بالحمى الروماتيزمية من عدم توافر العلاج، وكانت الوزارة قد أعلنت سابقا بأن السوق المحلي يستهلك 500 ألف فيال سنويا، بما يعادل 6 ملايين عبوة خلال العام.
ومن جهته أثنى المركز المصري للحق في الدواء، على جهود الرقابة الإدارية في هذا الملف، أكد المركز المصري للحقوق في الدواء اليوم، واتجاه الدولة لتحقيق سيادة مبدأ الحق في الصحة كأحد أهم ملفات العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورات في يناير 2011، ويونيو 2013، منتقدا اتجاه أباطرة الدواء للانقضاض علي مقدراته بأي ثمن علي طريقة الأرباح قبل الأرواح ، ساعدها رؤيه ضبابية من وزارة الصحة التي أصبحت وزارة للأزمات للمواطن المصري.
وقال محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء: عصابات الأدوية في مصر لا تتوقف أبدا عن مص دماء المرضي وجعلهم فريسة لأهدافهم، وأخرها أضخم محاوله لمص دماء الأطفال المستخدمين للبنسلين، مما يعد مهزلة أساءت إلى سمعة مصر، وتعريض صحة مواطنيها للخطر، حيث استغل شعراوي سلطاته في التنازل عن الصنف الحيوي لصالح شركة أخري خاصة ملك زوجته وآخرين أقرباء لهما، وبعد خروجه من الشركة في شهر مايو الماضي، أبلغ الشركة الصينية المسؤولة عن توريد البنسلين إلى مصر، ألا تقوم بالعمل مع غيره تنفيذا لاتفاق بينهما ينص علي دفع غرامات كبيرة في حال الإخلال بالعقد، ولكن بعد تأكد الرقابة الإدارية من وجود شبهات استغلال سلطة للاستيلاء علي الحقوق المقررة للمرضي، تم القبض عليه قبل هروبه، واقتيد إلى مقر الهيئة، ومواجهته بمخالفته، وإحالته لجهات التحقيق تنفيذا لأمر لنائب العام للمثول أمامه، وسيتم محاسبته، وعلي كل المتورطين تنفيذا لتعليمات الرئيس كما قال بيان الرقابة.
واتهم وزارة الصحة بمعرفة الأزمة قبل حدوثها ب 5 شهور، ولم يتحرك أحد حتي حدثت الأزمة، بينما تكمن مسئولية وزارة الصحة في منع الأزمة قبل حدوثها وليس بعد حدوثها، مؤكدا على أن ملف الدواء يدار بشكل كارثي من قبل وزارة الصحة.
فيما شكا الصيادلة من أزمة نقص البنسلين، وتردد المرضى عليهم لشراءه بأي من أنواعه الثلاث المعروفة في مصر وهي البنسيتارد أو الديبوبن او الديوربن، إلا أنهم لا يجدوه على مدار 5 شهور مضت، وطالبوا نقابة الصيادلة بالتدخل لحل أزمة الدواء، والوقوف ضد الشركات المسئولة عن توزيع البنسلين لحصولها على حصص منه، بدلا من الاختيار الغير عادل لصيدليات معينة لتوزيع العقار، ولا توزع كوتة عادلة على الصيدليات، الأمر الذي يستدعي مواجهة المشكلة.
وهو ما أكده د. حسام حريرة ، أمين عام نقابة الصيادلة، بأن النقابة تلقت بلاغات من محافظة بني سويف بسوء توزيع البنسلين من قبل شركة المتحدة للتوزيع، وكذلك من نقيب صيادلة مطروح نفس السبب، وغيرهم.
وقال د. محمود قصد المتحدث الإعلامي لنقابة صيادلة المنوفية، أن نواقص الأدوية ومنها البنسلين، مشكلة تؤرق الشارع المصري بصفة عامة والصيادلة بصفة خاصة، وترجع لعدة أسباب جوهرية، أولها ضعف القطاع العام عن سد احتياجات سوق الدواء المصري مقارنة بنظيره من الشركات الخاصة متعددة الجنسيات، مما أدى إلى تغليب الطابع الاستثماري لسلعة إستراتيجية على البعد الإجتماعي والإنساني، وثانيها عدم وجود هيئة مستقلة لإدارة ملف الدواء ذات سيادة تتبع رئاسة الوزراء أو مؤسسة الرئاسة بشكل مباشر، والاكتفاء بإدارة تابعة للوزارة مما أدى الي تراكم الأزمات، وثالثها التقيد بالاسم التجاري، وعدم تطبيق تداول الأدوية بالاسم العلمي، مما ارسخ قناعات خاطئة لدى المريض عن المثائل والبدائل، وفرض سيطرة الشركات، ورابعها عدم إحكام الرقابة على مخازن الأدوية، أو متابعة حركة تداول الأدوية منذ خروجها من المصنع حتى وصولها إلى الصيدليات، والتأكد من عدم حجبها عن الصيدليات واحتكارها بتلك المخازن لاستغلالها فيما يسمى حديثا بالسوق السوداء للأدوية.
وأكد على أن النقابة تواصلت مع شركات التوزيع بالمنوفية لمحاولة سد العجز بنظام الكوتة على الصيدليات، إلا أن إحدى الشركات أكد أن الكميات الواردة إليها 1200 زجاجة خلال أسبوع علي 600 صيدلية بالمنوفية، ولكن نظرا لضعف الكمية الواردة مقابل الإستهلاك كانت المشكلة قائمة.
وكانت وزارة الصحة، قد بدأت في طرح ي 10 ديسمبر الجاري في في طرح 100 ألف عبوة بنسيتارد يوميا "بنسلين طويل المفعول من استيراد شركة أكديما إنترناشيونال"، في إطار ضخ إجمالي طرح 2.4 مليون عبوة خلال أيام، لتغطية العجز في الاحتياجات للمرضى، وهو ما واجه انتقادات كثيرة من قبل الصيادلة في البداية، بسبب حرمان الكثيرمنها من الحصول على البنسلين، وزيادة معاناة المرضى، وبدأ ذلك في محافظة بني سويف، وهو ما أكده الصيدلي محمد سمير، من المحافظة، حيث فشلت الصيدليات في الحصول على كوتة يومية من شركة المتحدة في البداية، وطالب وزارة الصحة ونقابة الصيادلة والجهات الرقابية، بالتحقيق في تلك الوقائع، وتشديد الرقابة على السوق الدوائي، وضرورة مراقبة توزيع البنسلين.
وطرح الحل المستقبلي لتلافي مثل تلك الأزمات، في مطلب طالما نادى به الصيادلة ويتمثل في إنشاء النقابة لشركة توزيع بأموال الصيادلة، وهو أمر سيحدث التوازن في التوزيع العادل للأدوية على الصيدليات، ومن ثم توافره للمريض البسيط في كل مكان.
د. هاني فكري، المدير التجاري لشركة المتحدة للصيادلة، أكد على أن الشركة تلقت تعليمات من إدارة الصيدلة مؤخرا بإسناد توزيع 5 آلاف عبوة بنسيتارد "بنسلين" من قبلها على 5 صيدليات في 5 محافظات فقط بمعدل 20 فيال لكل صيدلية يوميا، مما وضع الشركة في مأزق مع الصيدليات المتعاملة معها، وبعد أيام تلقت الشركة 50 ألف عبوة بنسلين من شركة المهن الطبية ويحمل اسم "ديبوبن"، وبدأ توزيعها فعليا بمعدل 10 عبوات لكل صيدلية يوميا في 5 آلاف صيدلية من بين 40 ألف صيدلية تتعامل معها الشركة لحين انتهاء الكمية، والشركة بصدد استلام 150 ألف عبوة ديبوبن جديدة، وسوف توزع على كافة الصيدليات المتعاملة مع الشركة في كل المحافظات، وبذلك تنتهي أزمة البنسلين خلال أيام.
وقال نخزن الدواء لحساب وزارة الصحة، وتم اختيار أكبر 3 شركات توزيع قطاع خاص لتوزيع العقار، بجانب الشركة المصرية لتجارة الأدوية التابعة لقطاع الأعمال العام، وأن وزارة الصحة هي المسيطر على توزيع الأدوية خاصة التي تعاني من النقص في الأسواق، من خلال تعليماتها للشركات والرقابة على تنفيذها.
وأصدرت الإدارة المركزية للصيدلة منشورا برقم 256 لسنة 2017 بتحديد 5 صيديات فقط لتوزيع البنسيتارد بمعدل 20 موميا لكل منها في كل محافظة من المحافظات الـ 5 التي تم تحديدها لكل شركة من الشركات الثلاث المعنية بتوزيع البنسلين وهي المتحدة للصيادلة وفارما أوفرسيز المملوكة للدكتور أحمد جزارين، وابن سينا المملوكة للدكتور محمد عبدالجواد نقيب الصيادلة الأسبق.
وتم إسناد توزيع المستحضر لابن سينا في محافظات الشرقية والبحيرة والبحر الأحمر والوادي الجديد وشمال سيناء، والمتحدة للصيادلة في محافظات المنوفية وكفر الشيخ ومطروح وبني سويف وأسوان، وفارما أوفرسيز في محافظات الدقهلية ودمياط وجنوب سيناء والاسماعيلية وأسيوط، على أن توزع الـ 20 فيال بنسيتارد يوميا لكل منها في تلك المحافظات، وعددها الإجمالي 75 صيدلية بمعدل 25 صيدلية لكل شركة، محافظات بمعدل 5 صيدليات في كل محافظة، بكمية 20 فيال يوميا لكل صيدلية.
ووضعت الوزارة ضوابط لصرف الدواء، وهي مراجعة كل روشتة يتم صرفها لضمان ختمها بشعار الصيدلية بالتاريخ لمنع تكرار الصرف سواء من نفس الصيدلية أو من صيدلية أخرى، مع احتفاظ الصيدلية بصورة من روشتة المريض.
فيما أكد الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة والسكان، على ضخ 400 ألف فيال "بنسلين" خلال الأسبوع الجاري ، وذلك بالأسواق بجميع محافظات الجمهورية، وبذلك تنتهى الأزمة تماما ، نظرا لضخ كميات كبيرة تباعا، مشيرا إلى إتخاذ الوزارة إجراءات استثنائية لتوفير العقار.
وووردت شركة المهن الطبية 200 ألف فيال من البنسلين بواقع 50 ألف للشركة المصرية ، و5 آلاف لصيدليات الشكاوى ، و60 ألف للشركة المتحدة ، و40 الف لشركة ابن سيناء ، و30 ألف لشركة الشرق الأوسط ، و14 ألف لمديريات الشئون الصحية بالمحافظات.
وسيتم توريد 200 ألف فيال آخرين من ذات الشركة الموردة للبنسلين يوم الأحد القادم، بواقع 50 ألف للشركة المصرية ، و5 آلاف لصيدليات الشكاوى ، و90 ألف للشركة المتحدة ، ، و40 الف لفارما اوفر سيز ، و14 ألف لمديريات الشئون الصحية بالمحافظات.



