عقب إطلاق اسمه على المسابقة العالمية الـ32 للقرآن الكريم
القارئ الشحات محمد أنور.. صوتٌ خُلِّد في وجدان الأمة
صبحي مجاهد
حين تحمل النسخة الثانية والثلاثون من المسابقة العالمية للقرآن الكريم اسم القارئ الكبير الشيخ الشحات محمد أنور، فإن هذا الاختيار لا يكرّم شخصًا بقدر ما يستدعي تاريخًا كاملًا من الجمال القرآني وروح دولة التلاوة المصرية التي صاغت وجدان الأمة لعقود طويلة.
فاسم الشيخ الشحات ليس مجرد ذكرى، بل رمز لصوت جمع بين القوة والجلال والرهافة الروحية، وأصبح جزءًا من ذاكرة المستمعين في العالم الإسلامي.
وُلد الشيخ الشحات محمد أنور بمحافظة الشرقية عام 1950 في بيئة ريفية محبة للقرآن، وحفظ كتاب الله صغيرًا ثم تفرغ لصقل موهبته حتى أصبح واحدًا من أبرز قراء الجيل الذهبي.
امتلك صوتًا قادرًا على النفاذ إلى القلب بقوة الأداء ورحابة النفس، وبتمكنٍ واضح من المقامات الشرقية وفهم عميق لمعاني الآيات. ومع صعوده السريع إلى الصف الأول من قرّاء الإذاعة المصرية، صار اسمه حاضرًا في البيوت، وفي المحافل الكبرى، وفي ليالي رمضان التي ارتبطت تلاواته بها لسنوات.
وامتد صوته إلى خارج مصر، متنقلًا بين دول الخليج وتركيا وإندونيسيا ودول أفريقية وآسيوية، حيث قدم أسلوبًا مصريًا أصيلاً في الأداء جمع بين جلال التلاوة وعمق التعبير.
كان المستمع يجد في قراءته قدرة فريدة على الجمع بين الدقة الفنية والخشوع القلبي، وهو ما رسخ حضوره بين كبار مدرسة التلاوة عبر العقود، وقد تحولت طريقته في التلاوة إلى مدرسة كاملة خرّجت قراءً كثيرين، يأتي في مقدمتهم نجله الشيخ محمود الشحات أنور، الذي ورث عنه قوة الأداء وبراعة الانتقال بين المقامات، ليصبح امتدادًا حديثًا لأسلوب أبيه.
ظل الشيخ الشحات رمزًا للمحبة والتواضع بين الناس والعلماء على حد سواء، وعرف بخلقه الرفيع وارتباطه الوثيق بكتاب الله.
وظل حاضرًا في المناسبات الدينية الكبرى حتى رحيله عام 2008، تاركًا وراءه إرثًا صوتيًا واسعًا لا يزال محفورًا في ذاكرة المستمعين، ويُعاد تداوله يوميًا في الإذاعات والمنصات المختلفة.
ويأتي تكريمه اليوم عبر إطلاق النسخة الـ32 من المسابقة العالمية للقرآن الكريم باسمه، في احتفالية كبرى افتتحها وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري بمسجد مصر الكبير، بحضور رفيع من كبار العلماء والوزراء وممثلي أكثر من سبعين دولة.
وهو تكريم يليق برجل ظل طوال حياته صوتًا من نور، حمل تلاوة القرآن إلى الآفاق، وأسّس مدرسة لا تزال قائمة تنقل جمال الأداء المصري للأجيال الجديدة.
وتزداد رمزية هذا التكريم مع حضور نجله الشيخ محمود الشحات أنور لافتتاح المسابقة، تأكيدًا لامتداد هذا الإرث وتقديرًا للمسيرة التي بدأها والده منذ عقود.
في نسخة تأتي تحت شعار «نور وكتاب مبين»، يظل اسم الشيخ الشحات محمد أنور شاهدًا على مدرسة صوتية فريدة صنعت وجدان الملايين، ولا يزال صوته ينبض في ذاكرة الأمة كأحد أعظم رواد دولة التلاوة المصرية.
















