عاجل
الأربعاء 19 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
احتفال مئوية روزاليوسف
البنك الاهلي
«روزاليوسف» السيدة والجريــدة والـدار

أيامى الحلوة مع فاطمة اليوسف

«روزاليوسف» السيدة والجريــدة والـدار

نحتفل اليوم بالعيد الثمانين لميلاد «روزاليوسف».. وهذه أول تحية وفاء لصاحبة الدار والجريدة سيدة الصحافة «فاطمة اليوسف»، وهى الزجل الذي كتبه وقدمه لها الدكتور سعيد عبده تحية عبر ميلاد جريدة روزاليوسف الأول..



دنيا الصحافة يا روزا أنت باريزها

وأنت الصبية الحليوة من عواجيزها

غنى القلم يوم ميلادك والورق زغرط

يا مدرسة كلنا كنا تلاميذها

 

هذه التحية أبعثها إلى سيدة الصحافة وأستاذة الأساتذة فى رحاب الله مع كل كلمات الحب والوفاء والعرفان والدعاء لها بالرحمة والغفران مَن عمل وتتلمذ وكبر فى «روزاليوسف» الدار والصرح الصحفى الذي يحمل اسمها ومن كل مَن يعمل ويتحمل مسؤوليتها اليوم كبيرًا وصغيرًا.

 

وبكل الحب أبعث إليها اطمئنى «روزاليوسف» اليوم فى أيد أمينة على ماضيك وكفاحك عاملة جاهدة على بقاء اسمك وصحيفتك ودارك فى أعلى مكانة كما كانت وكان يتمنى أستاذ الصحافة والصحفيين إحسان عبدالقدوس الذي تحقق حلمه بإصدار «روزاليوسف» اليومية التي تصدرت المركز الأول جنبًا إلى جنب مع الأهرام وأخبار اليوم شامخة باسمك وأمانة وعلم وحب والاتزان والنزاهة من أولاد «روزاليوسف» اليوم بداية من الأخ كرم جبر رئيس مجلس الإدارة والأخ عبدالله كمال رئيس تحرير المَجلة والجرنال إلى أصغر العاملين من صحفيين وإداريين وعمال، وأنا معهم ندعوك لكل الحبايب والزملاء وأستاذنا إحسان فى رحاب الله بالرحمة والمغفرة بإذن الله.

 

أمّا العيد اليوم فهو عيد إصدار مجلة «روزاليوسف»، وأذكر كلما هلَّ شهر أكتوبر بكل الإعزاز ما كانت تخصنى به السيدة «روزاليوسف» من قصص وحكايات حتى لو جاء يوم كهذا وهى غائبة مع الغائبين فى رحاب الله أن أذكره.. وتظل الذكرى والذكريات.. وبلا ترتيب.

 

هذه أولاً:

إنه فى يوم الاثنين 26 أكتوبر عام 1925 صدر العدد الأول من مجلة «روزاليوسف» وكانت السيدة فاطمة اليوسف تعتبره يوم ميلادها لأنها كانت تقول لى أنها تعتبر كل يوم مر من حياتها قبل إصدار المَجلة ليست له قيمة عندها حتى أمجادها وإطلاق لقب «سارة برنار الشرق»، والذي أطلقته عليها سارة برنارد الممثلة الفرنسية شخصيًا عندما حضرت إلى مصر وهى مشلولة على كرسى متحرك وشاهدت «روزاليوسف» فى مسرحية «غادة الكاملييا»، كل هذا سقط من حساب سيدة الصحافة وجعلت يوم ميلاد مجلة «روزاليوسف» يوم ميلادها!

 

ونرجع ليوم الإصدار: صدرت «روزاليوسف» مجلة أدبية فنية مصورة من ورق أسمر «ستانيه»، هكذا كان نوع واسم ورق الصحف، على غلافها صورة فنية لكبار فنانى عصر النهضة ومعظم أخبارها على ست عشرة صفحة عن المسرح والتمثيل والقصة، وللمرأة باب اسمه «نسائيات»، وأشعار لشعراء مصر شوقى بك وأحمد رامى وحافظ إبراهيم وغيرهم من أشهَر الشعراء، كما كتب فيها أشهَر الكتّاب مثل العقاد والتابعى والمازنى ولطفى جمعة وزكى طليمات وحبيب جماتى.. وبدأت المَجلة تصدر من شقة السّت «روزاليوسف» التي كانت تسكنها فى عمارة يملكها أمير الشعراء شوقى فى آخر دور، وكان على كل هؤلاء وكل من عمل فى المَجلة أن يصعدوا «95» درجة حتى يصلوا إلى إدارة المَجلة.

 

 

 

العدد الأول تصدرته افتتاحية كتبتها صاحبة المَجلة.. قالت فيها: تحققت الأمنية أخيرًا وهاهى ذى صحيفتى تسعى إلى أبناء مصر الأعزاء.. ثم استمرت فى مقال طويل عن الحرب والفن والمسرح، ورسمت السّت «روزاليوسف» فى هذه الافتتاحية غاية المَجلة بأنها تسعى جاهدة ثائرة للحق والوطن والعدل والواجب.. كانت هذه أول كلمات اطلع عليها قارئ «روزاليوسف» منذ ثمانين سنة بالتمام والكمال، وكل سنة والدار ومن فيها بألف خير وازدهار!

 

أمّا عن ذكريات عمرى التي لا تفارقنى.. فهناك عِشرة الزملاء القدامى، لقد كنا إخوة أشقاء للأم «روزاليوسف» والأخ الأكبر إحسان، كنا نعيش فى المَجلة أكثر مما نقضى فى بيوت أهالينا.

 

العزيز.. أحمد بهاء الدين ما زالت كلمته الشهيرة بيننا عندما كنا أنا وعبدالغنى أبوالعينين نعمل مقلبًا فى العزيز مصطفى محمود، كان يضحك بهاء ويقول: «أمّا غجر صحيح»، ما زال صوت بهاء يرن فى أذنى وصوت العزيز يوسف السباعى وهو يغنى رايح جاى أغنيته المفضلة «ساكن فى حى السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين وعلشان أنول كل الرضا يوماتى أروح له مرتين»، وكان كل يوم يسألنى: تفتكرى يا مديحة كان بيروح لحبيبته ماشى أو راكب إيه؟! وكنت مرة أقول له: لو كان بيحبها يروح ماشى، وكان يقول لى: يا مفترية يروح مرتين ماشى! ولمّا كنت أتغاظ من السؤال أقول له: لو كان بيدّلع زَيّك كده يركب عربية بسواق يا سى يوسف!

 

والعزيز جمال كامل الفنان والإنسان الرائع، وكنت كل ما أدخل عليه حجرة الرسامين أستعجل لوحة الأسبوع أجده «ماسك» التليفون أو بيغنى «يا دنيا يا غرامى» كنت أحيانًا أخطف منه السماعة وأضربه بها.. بهزار طبعًا.

 

ولا أنسى العزيز مصطفى محمود وهو يغنى طالع نازل: «إن شا الله ما أعدمك»، ولا أنسى أشهَر مقلب عملته أنا والعزيز صلاح جاهين فى مصطفى.. ولا أظن أنه نسيه.. لقد كنا نعرف أن مصطفى كان رومانسيًا جدًا لذلك بدأنا المقلب أن بدأت أعاكسه بالتليفون وأطارده تليفونيًا مؤكدة له أنى معجبة وبحبه جدًا، وكان وأنا أكلمه يخطف «جاهين» منّى السماعة وأنا أقول بخوف بابا.. بابا.. ويزعق صلاح ويشخط فيه ويقفل السكة.. وكان مصطفى يدخل إلى الأستاذ إحسان ويقول كانت بتكلمنى ودخل أبوها، ومين عارف يمكن يقتلها.. وكان مصطفى ينتظر مكالمة المعجبة ولمّا تتأخر يشكو لإحسان من غياب «العصفرة»، وكان هذا الاسم الذي يطلقه على فتاة التليفون اللى بدأت تشغله.. ولمّا زودناها قال لنا الأستاذ إحسان يا صلاح كفاية كده لازم أنت ومديحة تقولوا لمصطفى الحقيقة. وأعطيته موعدًا فى حديقة جروبى، وذهبنا أنا وصلاح وعبدالغنى أبوالعينين، لكنه أول ما شافنا طردنا وزعق وظن أننا عايزين نطفش العصفرة، وهددنا أنه هينادى على الجرسون ويقول له الجماعة «دول» نشالين حتى نترك المكان، وفعلاً تركنا جروبى وجاء له إحسان وبهاء وقالا له الحقيقة، وبعدها صمم مصطفى قائلاً: إمّا هو أو مديحة وصلاح.. ولم يرجع عن رأيه إلا بعد أن ذهبت مع السيدة «روزاليوسف» إليه فى بيته وكان فى أرض شريف لأعتذر له، وكانت زيارة السّت له فى بيته السبب فى قبول اعتذارنا أنا وصلاح وسامحنا.. ولى صورة شهيرة وهو جالس فوق المكتب وأنا أطلب منه السماح لمّا رآها الأستاذ إحسان عنفنى وأخذ كل الصور وخصم منّى «خمسة جنيهات» وقال: علشان تبطلى مقالب!

 

ولا أنسى العزيز إسماعيل الحبروك الإنسان الراقى الفنان الذي كان مشغولاً بالشعر الغنائى، وكان كثيرًا ما يزوغ وتسأل عنه السّت «روزاليوسف» فين إسماعيل نقول نزل، وكانت الحجرة التي فيها مكتبى بين حجرة إحسان وحجرة السّت ولا تزيد على مترين فى مترين، كان بها مكتب زيادة للطوارئ، وفى يوم كان لا بُدّ أن ينتهى إسماعيل من كتابة صفحات المجتمع وقال الحاج حسن مدير المطبعة للسّت أن إسماعيل لو زوغ المَجلة ستتأخر طباعتها.. وأمرتنى أن أمنع إسماعيل الحبروك من التزويغ وأجلسه- أى إسماعيل- على مكتب الطوارئ فى حجرتى وأنا حارسة عليه وإلا ستقطم رقبتى قبل رقبته.. وفعلاً بدأ إسماعيل يكتب ثم جاءته مكالمة تليفونية فقال لى تحبى تسمعى الأغنية اللى كتبتها لك.. قلت كتبتها لى أنا قال وكمان سأعطيها لعبدالحليم حافظ يغنيها لك.. وبدأ يقول لى مطلع الأغنية وكانت: «أسمر يا أسمرانى مين قسّاك علىَّ» قلت: طيب يا سيدى شكرًا.. قال بس ممكن تسمحى لى أنزل نص ساعة فقط أعطى الأغنية لعبد الحليم وأرجع حالاً! قلت حتى لو كنت حتدى الأغنية لجمال عبدالناصر يغنيها لى مش حتنزل يا إسماعيل وكمِّل كتابة المجتمع أحسن لى ولك!

 

وكان أحلى إهداء لى كتبه إسماعيل الحبروك: «إلى مديحة أخت الجميع صديقة إبراهيم عزت»!

 

وبالمناسبة؛ لا أنسى العزيز كامل زهيرى وإبراهيم عزت «شقيقى»، كان كامل وإبراهيم يجلسان فى حجرة واحدة، كان إبراهيم متخصصًا فى السياسة الخارجية وأصدقاؤه وزواره كانوا سفراء وزوار مصر من الأجانب أو وزارة الخارجية. وكان زوار العزيز كامل زهيرى من القراء والقارئات وأصحاب الشكاوَى أحيانًا، وكان إبراهيم عزت يضع على مكتبه آلة كاتبة إنجليزى يُسَهل على نفسه كتابة ما يريد، وكان زوار العزيز كامل يظنون إبراهيم ما دام على مكتبه آلة كاتبة لازم يكون سكرتير كامل كان اللى يقوله: اكتب الجواب ده واللى يسأله أستاذ كامل فين، واللى يقوله حدد لى ميعاد معه.. وللعلم كان كامل زهيرى وإبراهيم عزت من أكثر أبناء «روزاليوسف» أدبًا وحياءً ورقّة، ومع هذا كانت بينهما مواقف طريفة، ففى كل يوم واحد منهما يقوم بإخراج مكتب الثانى أمام باب الحجرة، مرة ييجى كامل يجد مكتبه خارج الحجرة ومرة ييجى إبراهيم يجد مكتبه خارج الحجرة، وإحسان يسمع ويضحك ويطلب منهما رجوع الحال على ما كان عليه، المهم أنهما كامل وإبراهيم بعد كل هذا كانا صديقين وحبيبين؟!

 

فكلنا فى «روزاليوسف» أمس واليوم فنانون ونحب دائمًا أن نحتفظ لأنفسنا بجميع شطحات ونزوات الفنان، والفنان يبدأ عمله عندما يلهم، عندما يهبط عليه الوحى، والمشكلة هى أن وحى كل منا يهبط فى ميعاد خاص به.. ولمّا كنا أمس أقل عددًا من اليوم فقد كنا نعرف متى يهبط وحى كل منا.. أحمد بهاء الدين يهبط وحيه فى السابعة صباحًا، عبدالغنى أبوالعينين يهبط فى الحادية عشرة.. ووحى حسن فؤاد فى الثالثة بعد الظهر.. وعشرات المشاكل اليومية وعشرات الشخصيات.. شخصيات لا يمكن أن تلتقى بها فى الطريق ولا فى دور الحكومة ولا فى المقاهى ولا فى أى مكان، شخصيات لا تلتقى بها إلا فى «روزاليوسف» فقط، شخصيات فنية كأن يد فنان قد رسمت كلامها وميّزتها عن باقى الناس، إنها اختارت لنفسها عالم الصحافة والفن، لهذا كانت وحتى اليوم تجد فى كل صحيفة عربية تصدر فى أى مكان من العالم العربى شيئًا من «روزاليوسف»، وهذا هو أكثر ما تعتز به «روزاليوسف» منذ صدورها وحتى اليوم.

 

وتمر الأعوام وتتراكم الأيام وأعيش اليوم وأمس فى ذاكرتى يعيش معى، ومن أهم الذكريات عن العزيز صلاح حافظ الذي كان إحسان يعتبره أحسن صحفى فى مصر.

 

صلاح كان يعتنق المذهب الشيوعى، وكان دائم القبض عليه، وكان المرحوم صلاح إبراهيم من أهم ضباط مباحث الصحافة، وكان رحمه الله يحب ويحترم كل مَن فى «روزاليوسف»، وكان له معنا مواقف رائعة، أذكر أنه عندما كان يصدر قرار القبض على الشيوعيين كان يتصل بى ويقول لى.. وكنت مسؤولة عن باب «إعلانات الزواج»: ممكن أشوف العروسة الساعة ثمانية إلا ربع.. أفهم وأقول لصلاح حافظ أهرب يا صلاح، وفعلاً عندما تحضر الحملة لا تجده، وكان اللواء حسن مصيلحى رئيس مباحث الصحافة يقول لى:

 

هييجى يوم وأقبض عليك بدل صلاح، وكنت أقول له يا ريت.. بعد كده طلب منّى الأستاذ إحسان أن أكتب عامودًا فى «تحياتى» عنوانه «ياريت»!!

 

كان صلاح حافظ دائمًا يغنى «ياما أنت واحشنى» ولمّا أسأله مين ده يا صلاح يقول «المعتقل».

 

كان العزيز رجاء النقاش طول النهار يغنى «الحلوة دى قامت تعجن فى الفجرية، والديك بيدّن كوكوكو» كان العزيز عبدالعسميع رسام الكاريكاتير الفنان والإنسان الرائع يقول لى: خلى الديك ده يغنى بعيد عنّى..

 

وكان إحسان كلما دخلت عليه مكتبه اسمعه يغنى «من أد إيه كنا هنا من شهر فات واللاّ سَنة» وكنت أقول له من قبل الميلاد وحتى نهاية العمر!!

 

ليس هؤلاء كل «روزاليوسف» بل كان فيها كتّاب أصبحوا كبارًا وأصبحوا وزراء بل عظماء أيضًا بداية من أستاذنا العقاد ومحمود عزمى ومحمود تيمور وعبدالرحمن الشرقاوى ويوسف صديق وخالد محيى الدين والدكتور البلتاجى وزير الرياضة.

 

ومرسى سعد الدين وسعد الدين وهبه والدكتور أسامة الباز والتابعى وكامل الشناوى ومحمود أمين العالم ومحمد عودة!!

 

الذكريات كثيرة جدًا، تملأ مجلدات، والأيام بيننا بإذن الله لو كان فى العمر بقية، فهى عمرى كله بل عمرنا كلنا، فقد كنا عائلة واحدة إخوة وأمًّا وأخًا أكبر.

 

رحم الله الراحلين، وأطال الله أعمار الباقين، وأدام الله العزة والبقاء لكل العاملين والكتّاب وصحفيى روزاليوسف للجميع السلامة والسلام وللجميع تحياتى.

 

 

 

 

2

 

(نقلا عن مجلة روز اليوسف)العدد المئوى

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز