داليا طه
أنا و«روزاليوسف»
منذ طفولتى كانت لمجلة «روزاليوسف» مكانة خاصة فى قلبى. لم تكن إجازات المدرسة بالنسبة لى وقتًا للراحة فقط؛ بل كانت أجمل أوقاتى حين أذهب لشراء المجلة، وأجلس فى ركن هادئ أتصفح صفحاتها بشغف. كنت أقرأ مقالات الكبار وأتأمل صورهم، وأحلم أن أكون يومًا ما واحدة من كُتّابها العظام. كان ذلك الحلم الصغير يرافقنى دائمًا، يكبر معى ويمنحنى شعورًا مختلفًا عن أقرانى.
مع مرور السنوات، جاء وقت تحديد المصير واختيار الطريق. كان عليَّ أن أقرّر أى مجال سأدخل. لم أتردد كثيرًا، فقد كنت أعرف أن الطريق الذي يقودنى إلى الصحافة، هو وحده الذي قد يقربنى من حلم الالتحاق بـ«روزاليوسف».
وفى أول يوم من حياتى الجامعية، شعرت أن الانتظار انتهى. قررت أن أخطو أول خطوة حقيقية، فتوجهت إلى المجلة أبحث عن فرصة تدريب، ساعدنى وقتها السياسى والدبلوماسى المخضرم محمد فايق، الذي كان بمثابة الدليل والمرشد، فى الوصول إلى السيدة العظيمة الحاجة «سعاد رضا»، المدير العام للمؤسّسة آنذاك. استقبلتنى بابتسامة دافئة وروح مشجعة، ومنحتنى شعورًا بأن الباب قد فُتح بالفعل.
بدأت رحلتى العملية مع الصحفى المخضرم «عبدالله كمال»، وكانت تلك بداية مختلفة مليئة بالحماس، لكن الطريق لم يكن سهلًا، فقد واجهتنى عقبات عدة فى البداية، حتى إن الحلم بدا وكأنه يتبدد. غير أن الأستاذ «عبدالله كمال» لم يتركنى؛ بل رشحنى لمكان آخر لأكمل التجربة. وعلى الرغم من أن التجربة لم تكتمل؛ فإنها جعلته يشعر بإصرارى، وكأن الحلم بداخلى لم يخفت لحظة.
وبعد فترة، حين أصبح رئيسًا لتحرير المجلة، تذكّرنى ولم يتردد فى أن يصطحبنى معه. وهناك بدأ الحلم يتجسد على أرض الواقع. عملت بالجريدة اليومية والمجلة ووجدت نفسى وسط نخبة من الأساتذة الكبار الذين تعلمت منهم الكثير، مثل الصحفية القديرة الدكتورة «فاطمة سيد أحمد»، ومديرى التحرير الأكفاء «محمد هانى ومحمد حمدى وحازم منير».
كانت أيامًا مليئة بالعمل الجاد والتعب، لكنها أيضًا كانت مليئة بالتجارب الثرية والإنجازات التي صنعت الفارق فى مسيرتى. كان البعض يردد آنذاك أن «الشباب لا يجدون فرصًا»، غير أن تجربتى كانت شاهدًا على العكس. لقد وجدت الفرصة، وتمسكت بها، وتدرجت فى المناصب حتى وصلت إلى موقع مدير تحرير.
واليوم، وأنا أكتب هذه السطور بمناسبة «مئوية روزاليوسف»، أستعيد كل تلك اللحظات التي ربطت بين الحلم والواقع. إن هذه المجلة العريقة لم تكن مجرد منبر صحفى؛ بل كانت مَدرسة حقيقية خرَّجت أجيالًا من الصحفيين والمبدعين. أمّا بالنسبة لى، فقد كانت بوابة العمر التي دخلت منها إلى عالم الصحافة، وبداية الحكاية التي لم ولن تنتهى.
إنها رسالة أود أن أوجّهها لكل شاب وشابة: تمسكوا بأحلامكم، لا تخشوا العقبات، وامنحوا أنفسكم الفرصة لتجعلوا المستحيل واقعًا. فما بدأ يوم بحلم طفلة صغيرة مع مجلة؛ انتهى بمسيرة مهنية تحمل نفس الاسم العريق: «روزاليوسف».
نقلاً عن مجلة روزاليوسف (العدد المئوي)
















