في حوار خاص لـبوابة روزاليوسف
قنصل عام الصين بالإسكندرية: تعاون صيني مصري في مجال الموانئ والنقل البحري
نسرين عبد الرحيم
تلاقٍ عميق بين مبادرة الحزام والطريق ومشروعات الجمهورية الجديدة ورؤية مصر 2030
الصين وشركاؤها الدوليون يدعمون قيام الدولة الفلسطينية
تزايد الشركات والسائحين الصينيين يكشف جاذبية الإسكندرية التنموية
قريبًا.. إنشاء المركز الصيني – المصري للآثار البحرية بالإسكندرية
مصر أول دولة عربية وأفريقية تُدخل تعليم اللغة الصينية
تبرز العلاقات المصرية - الصينية كأحد النماذج الأكثر توازنًا واستقرارًا في العلاقات الدولية المعاصرة.. بين القاهرة وبكين شراكة استراتيجية شاملة، تمتد جذورها إلى سبعين عامًا من التعاون المتواصل، وتتعزز اليوم برؤية مشتركة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس شي جين بينغ، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وفي ظل هذه التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تتعمق مكانة مصر كشريك محوري في مبادرة "الحزام والطريق"، فيما تمثل الإسكندرية بمينائها التاريخي وموقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط جسرًا مهمًا للتعاون الاقتصادي والثقافي بين البلدين.
وللتعرف على أبعاد هذه العلاقة المتنامية، ورؤية الصين لمستقبل التعاون مع مصر في مجالات الاقتصاد، والثقافة، والطاقة، والبنية التحتية، كان هذا الحوار الخاص مع يانج يي، القنصل العام لجمهورية الصين الشعبية، في الإسكندرية، الذي استعرض خلاله واقع العلاقات الثنائية، ومجالات التعاون المستقبلية، ودور مصر المتصاعد في دعم الاستقرار الإقليمي وتعزيز التفاهم الحضاري بين الشرق والغرب.
كيف تقيّمون طبيعة العلاقات المصرية - الصينية في ظل التطورات الإقليمية والدولية الراهنة؟
العلاقات الصينية - المصرية تعيش أفضل فتراتها التاريخية، ففي ظل التخطيط والتوجيه من الرئيس شي جينبينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، يحرص الجانبان على النظر إلى العلاقة من منظور استراتيجي وبعيد المدى، ويدعمان بعضهما البعض في القضايا التي تمس المصالح الجوهرية والأساسية لكل طرف وفي القضايا الإقليمية الساخنة مثل القضية الفلسطينية- الاسرائيلية ، لدى الصين ومصر توافق عالٍ في السعي إلى التهدئة ودفع المفاوضات وتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وفي ظل الاضطرابات الدولية الراهنة، تتمسك الصين ومصر بدعم مواقف بعضهما البعض، وترفضان الهيمنة والأحادية وسياسة القوة، وتدافعان عن الحقوق المشروعة للدول النامية، وتعملان على بناء نظام عالمي أكثر عدلاً وإنصافاً.
العلاقات الصينية-المصرية لها دلالة تتجاوز الإطار الثنائي، فمصر هي أول دولة عربية وأفريقية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، وهي أيضًا أول دولة عربية تُدخل هدف "بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية" في البيان المشترك للعلاقات الثنائية. الصداقة التقليدية بين الصين ومصر تجددت في العصر الحديث، وأصبحت نموذجاً للتعاون والتضامن والمنفعة المتبادلة بين الدول النامية.
ما أبرز مجالات التعاون التي تركز عليها القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية بالإسكندرية لتعزيز العلاقات الثنائية؟
الإسكندرية هي أكبر مدينة موانئ في مصر، وقد أقامت ميناء تشينغداو وميناء قوانغتشو علاقات توأمة مع ميناء الإسكندرية. هناك تعاون عميق بين الجانبين في مجالات البنية التحتية، والموانئ، واللوجستيات البحرية، والنقل بالسكك الحديدية، والتعليم، والسياحة والثقافة، والإعلام، والتبادلات الإنسانية. ونتطلع إلى بناء علاقة تعاون أعمق وأكثر تقدماً واتساعاً مع الإسكندرية بما يعود بالنفع على شعبي البلدين وباعتبارهما حضارتين عريقتين، لدى الجانبين لغة مشتركة في مجال التبادل الثقافي. والإسكندرية مدينة تاريخية وثقافية، وهي تتصدر التبادلات الثقافية بين الصين ومصر في إطار "المبادرة العالمية للحضارة" والتفاهم المتبادل بين الثقافات وغيرها من المجالات .
وقد أقامت مكتبة الإسكندرية، والمتحف اليوناني الروماني، وقلعة قايتباي، والمتحف القومي، ومتحف المجوهرات الملكية، أشكالاً متعددة من التعاون والتبادل مع نظرائهم في الصين ومنذ عام 2025، استضافت أوبرا الإسكندرية ومركز الإبداع في الإسكندرية عروضاً ثقافية صينية رفيعة المستوى، كما تعاونت القنصلية عدة مرات مع هيئة تنشيط السياحة بالإسكندرية لتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين الصيني والمصري.
كيف تنظر الصين إلى الدور التي تلعبه مصر في مبادرة ”الحزام والطريق “ ؟
منذ إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر عام 2014، شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين "عقداً ذهبياً" من النمو السريع. وقد تحقق تلاقٍ عميق بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ومشروعات "الجمهورية الجديدة" و"رؤية مصر 2030"، مما أتاح نموذجاً تعاونياً قائماً على الكسب المشترك يقود الشراكة نحو التنمية المشتركة ويضخ زخماً قوياً في التعاون العملي بين الصين ومصر وفي ظل تيار العولمة الاقتصادية، يسعى البلدان إلى التعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة، وهو ما جلب بالفعل فوائد ملموسة للشعبين.
في ظل الأوضاع الدولية الراهنة، كيف يمكن للصين ومصر التعاون من أجل الإسهام في استقرار العالم؟
اليوم يواجه المجتمع الدولي تحديات كبرى مثل الاضطرابات الإقليمية المتكررة، وتصاعد نزعات معاداة العولمة، وغياب القواعد وسيادة القانون وقد طرح الرئيس شي جينبينغ "المبادرة العالمية للحوكمة"، التي تدعو إلى المساواة في السيادة، واحترام سيادة القانون الدولي، والتمسك بالتعددية، ووضع الإنسان في المقام الأول، والتركيز على العمل الفعلي، بما يسهم في تحسين الحوكمة العالمية من خلال الحكمة والرؤية الصينية. وقد أقيمت في بكين يوم 3 سبتمبر مراسم إحياء الذكرى الثمانين للانتصار في حرب المقاومة ضد اليابان، والاستعراض العسكري الكبير، في رسالة واضحة للعالم مفادها أن الصين ــ مهما تغيرت الأوضاع الدولية ــ ستظل دائماً تقف إلى جانب السلام والاستقرار، والعدالة والإنصاف، وستكون بانية للسلام العالمي والتنمية العالمية ومساهمة في التنمية العالمية ، ومحافظة على النظام الدولي، وقد لاقت مبادرة الحوكمة العالمية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ تقييماً إيجابياً من المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر. ونحن نتطلع إلى العمل مع الجانب المصري للمساهمة المشتركة في الحوكمة العالمية في ظل ما يحاط العالم من عوامل عدم اليقين.
ما المشروعات أو البرامج التي أطلقتها القنصلية العامة لدعم التنمية أو التبادل الثقافي في الإسكندرية؟
أقامت القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية بالإسكندرية العديد من الفعاليات الثقافية، مثل عروض الغناء في حفل استقبال عيد الربيع، والأغاني الشهيرة المشتركة بين الأطفال الصينيين والمصريين في حفل استقبال العيد الوطني، بهدف عرض السحر الفريد والعمق العريق للثقافة الصينية أمام أبناء المناطق التي تشمل نطاق عمل القنصلية كما عملت القنصلية على تعزيز التبادلات والتعاون الثقافي، ودفع المؤسسات الثقافية والفرق الفنية في الصين ومصر إلى المزيد من التواصل والتعاون، بما يعمق التفاهم المتبادل والتعلم الثقافي بين الجانبين.
وفي الوقت ذاته، ساعدت القنصلية في تنظيم ندوات أكاديمية ومحاضرات ثقافية، فتحت المجال للنقاش المتعمق مع نظرائها المحليين وأبناء الشعب حول مختلف جوانب الثقافة الصينية والمصرية، بما عزز التفاعل في المجالين الثقافي والأكاديمي كذلك استفادت القنصلية من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث حافظت على علاقة طيبة مع وسائل الإعلام المصرية، وتعاونت معها بشكل فعّال عبر إجراء مقابلات ونشر مقالات للتعريف بالثقافة الصينية كما قامت بنشر مقالات وصور ومقاطع فيديو عن الثقافة الصينية عبر الموقع الرسمي وحسابات التواصل الاجتماعي.
ما مدى إقبال المصريين على تعلم اللغة الصينية، وكيف تدعم القنصلية هذا الاتجاه؟
يشهد تعليم اللغة الصينية في مصر تاريخًا طويلًا وطلبًا واقعيًا متزايدًا، فيما تستمر "موجة تعلم اللغة الصينية" في التصاعد وتعد مصر أول دولة عربية وأفريقية تُدخل تعليم اللغة الصينية، حيث بدأت في عام 1958 بتخريج كوادر متخصصة في الصينية وبعد عقود من التطور، حققت مصر إنجازات بارزة في هذا المجال: إذ تقدم 28 جامعة برامج تخصصية أو مقررات في اللغة الصينية، موزعة على معظم المدن الكبرى، فضلًا عن إنشاء 4 معاهد كونفوشيوس و2 من فصول كونفوشيوس، وأكثر من 20 مدرسة ثانوية واعدادية تتيح اللغة الصينية كمادة اختيارية وبذلك دخلت الصينية بشكل كامل في منظومة التعليم الوطني المصري، ليصبح هناك نظام متكامل لإعداد الكوادر يبدأ من المرحلة الابتدائية وصولًا إلى الدكتوراه كما حقق الطلاب المصريون مراكز متقدمة عالميًا في مسابقات "جسر اللغة الصينية" لطلاب الجامعات والمدارس، وحازوا مرارًا المراتب الثلاث الأولى.
وقد دعمت القنصلية العامة منذ فترة طويلة تعليم اللغة الصينية في مدرستين ثانويتين وجامعتين في الإسكندرية، ومع التوسع المستقبلي، ستفتح المزيد من المدارس أبوابها لتدريس اللغة الصينية كما نظمت القنصلية التصفيات الإقليمية لمسابقة "جسر اللغة الصينية" في الإسماعيلية، لتوفر للطلاب المصريين المتميزين منصة لإبراز مواهبهم.
هل هناك خطط مستقبلية لتعزيز التعاون في مجالات السياحة بين الإسكندرية والمدن الصينية؟
الإسكندرية مدينة تاريخية، ووجهة رئيسية ومحطة وسيطة على طريق الحرير القديم، كما أنها مقصد سياحي عالمي وتحرص الصين على التعاون مع وزارة السياحة المصرية للترويج الواسع للإسكندرية فمن خلال منصات التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية مثل "دوو يين و"ويتشات"، إضافة إلى مواقع حجز السفر الشهيرة مثل"في جو “ و”شيه تشنغ “ ، يجري الترويج لمشاهد الإسكندرية الطبيعية، ومعالمها الثقافية والتاريخية، ومأكولاتها المحلية، عبر الصور والفيديوهات لإبراز جاذبيتها الفريدة. كما تتعاون الصين مع مدونين و مؤثرين على الإنترنت في مجال السياحة لتشجيعهم على مشاركة تجاربهم في الإسكندرية، وتعريف المتابعين بالموارد السياحية والمنتجات المحلية، بما يجذب المزيد من السائحين الصينيين.
ومن جانبها، تبذل الإسكندرية جهودًا لتيسير تجربة السائح الصيني، عبر توفير لافتات باللغة الصينية، ومرشدين سياحيين، وموظفين يجيدون الصينية في المطارات والفنادق والمزارات والمطاعم كما يجري التعاون مع منصات السفر الصينية لطرح عروض وباقات فندقية مناسبة، وتشجيع الفنادق المحلية على توفير خدمات ومرافق تتماشى مع عادات السائح الصيني. كذلك يجري الترويج لمنتجات سياحية مميزة، منها جولات تستلهم التراث الثقافي والتاريخي للإسكندرية لتعريف السياح بسحر الحضارة القديمة، إضافة إلى تطوير سياحة الشواطئ اعتمادًا على موارد الإسكندرية الساحلية، وتنظيم فعاليات لتجربة المأكولات المصرية الأصيلة.
كيف ترون فرص التعاون بين ميناء الإسكندرية والموانئ الصينية في ظل حركة التجارة العالمية؟ هل هناك توجه لتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة والنقل البحري بين الجانبين؟
يُعد ميناء الإسكندرية من الموانئ الرئيسية في مصر وحوض البحر المتوسط، وقد برز بشكل لافت في إطار التعاون الصيني–المصري لبناء "الحزام والطريق". ففي عام 2023، وقع الميناء اتفاقيات "موانئ شقيقة" مع ميناءي تشينغداو وقوانغتشو في الصين، بما عزز التعاون في تشغيل الموانئ وإدارتها والتدريب وتبادل الخبرات. وفي عام 2024، بعد التشغيل الكامل لمحطة الحاويات في أبوقير التي أنشأتها شركة "تشاينا هاربور"، وصلت الطاقة الاستيعابية إلى مليوني حاوية قياسية سنويًا، ما أسهم في دفع حركة الشحن والتجارة البحرية بالإسكندرية، وأدى إلى نمو متواصل في سلاسل الصناعات المرتبطة.
كما أعربت الشركات الصينية عن استعدادها لتوظيف خبراتها ومزاياها في تعميق التعاون مع الجانب المصري، والعمل على تحقيق المزيد من الإنجازات النموذجية التي تدعم بناء وتنمية التحديث في مصر. إلى جانب ذلك، تعزز الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري تعاونها مع الجامعات والشركات الصينية لتعزيز التبادل التكنولوجي، تدريب الكفاءات في مجال الموانئ والملاحة البحرية.
كيف تتصورون مستقبل العلاقات المصرية-الصينية خلال السنوات العشر القادمة؟
في نوفمبر 2024، أكد الرئيس شي جيبينغ خلال لقائه بالرئيس السيسي على ضرورة مواصلة الدعم المتبادل الراسخ، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق التعاون العملي، والبناء المشترك عالي الجودة لمبادرة "الحزام والطريق"، وتوثيق التبادلات الإنسانية، ودفع العلاقات الثنائية نحو تحقيق هدف بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك صيني–مصري في العصر الجديد.
وفي العام المقبل، سيصادف مرور 70 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتأمل القنصلية العامة اغتنام هذه المناسبة، والعمل مع حكومة محافظة الإسكندرية وغيرها من الشركاء على مواصلة تنفيذ التوافقات المهمة التي توصل إليها رئيسا البلدين، وتأكيد الدعم المتبادل، ودفع التعاون في مختلف المجالات لتحقيق مزيد من التطور، وتعزيز العلاقات الثنائية نحو تحقيق هدف بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك صيني–مصري في العصر الجديد."
ما هو موقف بلدكم من التطورات في الشرق الأوسط، وكيف تنظرون لدور مصر الإقليمي؟
الصين تتمسك بالعدل والإنصاف، وتدعو إلى الأمن المشترك.. قضية فلسطين هي جوهر قضية الشرق الأوسط، وحل الدولتين هو السبيل الواقعي والوحيد لحل القضية الفلسطينية وستواصل الصين، بالعمل مع المجتمع الدولي، دعم الشعب الفلسطيني بثبات في تحقيق الاستقلال وإقامة دولته، وبذل جهود كبيرة من أجل التوصل إلى حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في أقرب وقت ممكن كما تدعم الصين الدور الأكبر لمصر في الشؤون الدولية والإقليمية، وترغب في تعزيز التواصل والتنسيق مع الجانب المصري للدفاع المشترك عن العدالة والإنصاف الدوليين.
ونحن نثمن الجهود التي تبذلها مصر من أجل تهدئة الأوضاع الإقليمية، والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والسعي لوقف الحرب في غزة، ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
الوضع في الشرق الأوسط معقد وحساس، وستظل الصين دائمًا تقف في صف السلام، في صف الحوار، وفي صف العدالة الدولية ونرغب في مواصلة العمل مع المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر، من أجل وقف إطلاق النار في غزة، والتخفيف من الكارثة الإنسانية، وتنفيذ حل الدولتين، واستعادة السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط في أسرع وقت، بما يخدم المصالح المشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي.
كيف يمكن تعزيز التعاون في مواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب أو الهجرة غير الشرعية؟
في عصرنا الحالي، أصبحت دلالات ومفهوم الأمن الوطني أوسع وأكثر تعقيدًا، وأصبح يتسم بترابط أوثق، وبطابع عابر للحدود، وبمظاهر أكثر تنوعًا، حيث تتداخل التهديدات الأمنية التقليدية مع التهديدات غير التقليدية مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية.، وقد دعا الرئيس شي جين بينغ الدول إلى تطبيق مفهوم الأمن العالمي القائم على التشاور والبناء المشترك والمنفعة المتبادلة، والعمل سويًا لمواجهة النزاعات الإقليمية والإرهاب، وتغير المناخ، وأمن الشبكات، والأمن البيولوجي وغيرها من القضايا العالمية، من خلال اتباع سياسات شاملة ومتعددة الجوانب، وتحسين القواعد، والبحث المشترك عن حلول طويلة الأمد، وتعزيز حوكمة الأمن العالمي، والوقاية من الأزمات الأمنية ومعالجتها.
ما أكثر ما أحببتموه في مصر وفي الإسكندرية على المستوى الشخصي؟
تُظهر الأهرامات وغيرها من الآثار عظمة الحضارة المصرية القديمة. وتُعد الإسكندرية مدينة مصرية مهمة تضم العديد من الآثار اليونانية-الرومانية القديمة مثل المنارة والمسرح القديم وغيرهم. كما أن مكتبة الإسكندرية، باعتبارها نافذة للتواصل الثقافي الخارجي لمصر، تجذب عددًا كبيرًا من الزوار لاستكشاف آثار التاريخ. وبالإضافة إلى الآثار التاريخية والثقافية، فإن المناظر الطبيعية في مصر وتجارب الحياة الفريدة فيها جذبتني أيضًا
كيف ترون المصريين بشكل عام من خلال تعاملاتكم اليومية؟
المصريون يتميزون بالحيوية والثقة بالنفس، وحسن الضيافة، وهو ما ينبع من حضارتهم العريقة وخصائص ثقافتهم المنفتحة والمتسامحة، التي تحترم المعتقدات الدينية وتستوعب الثقافات الوافدة. وأهل الإسكندرية يرحبون بالأجانب، وما ترك في نفسي أعمق انطباع هو أن الكثير من الأصدقاء المصريين الذين لا أعرفهم شخصيًا كانوا يبادرون بتحيتي في حياتي اليومية وعملـي، وهو ما يعكس عمق الصداقة بين الصين ومصر.
كيف يمكن تعزيز الشراكة في مجالات الطاقة،التكنولوجيا أو التعليم؟
ترغب الصين في العمل مع مصر، في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، على تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة، والمالية، والصناعات التحويلية، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والتواصل الإنساني والثقافي وغيرها، كما تشجع على قدوم المزيد من الشركات الصينية ذات القدرات القوية للاستثمار في مصر.
كيف تنظرون إلى مدينة الإسكندرية من حيث أهميتها التاريخية والثقافية؟
على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تُعد الإسكندرية مدينة تحظى باهتمام عالمي بفضل عمقها الثقافي وموقعها الجغرافي الفريد. فهي، باعتبارها ميناءً مهمًا لمصر الحديثة، كانت أيضًا شاهدًا مهمًا على التقاء الحضارات القديمة. هذه المدينة لا تحمل فقط إرث الحضارة المصرية القديمة العريق، بل تمثل أيضًا جوهر الثقافة اليونانية، وكانت إحدى المحطات المهمة على طريق الحرير القديم، لتصبح جسرًا للتبادل الثقافي بين الشرق والغرب.
وفي 21 أغسطس 2025، تشرفت بتمثيل الجانب الصيني وتوقيع مذكرة تفاهم مع الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر بمكتبة الإسكندرية بشأن التعاون في مجال الآثار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه. وسيقوم الجانبان بإنشاء المركز الصيني-المصري للآثار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه في الإسكندرية، بما يتيح الكشف عن المزيد من الكنوز المغمورة وإبرازها، ورواية قصص مؤثرة عن تلاقي الحضارات، ونسج روابط جديدة للتواصل الإنساني بين البلدين.
ما الذي يميز الإسكندرية في نظر الدبلوماسيين الأجانب ، وهل تعتبرونها مدينة جاذبة للاستثمار والسياحة؟
باعتبارها مدينة تاريخية، و"عروس البحر المتوسط"، وعاصمة ثقافية، فإن الإسكندرية مدينة جميلة تتمتع أيضًا بميناء ممتاز يجذب أنظار الدول كافة. لقد قمت بزيارة العديد من الشركات الصينية في محيط الإسكندرية وكذلك العديد من المواقع السياحية، كما أجريت حوارات مع زملاء من غرفة تجارة الإسكندرية، وجمعية رجال الأعمال، وهيئة تنشيط السياحة بالإسكندرية وقد أجمع الجميع على أن تزايد قدوم الشركات والسائحين الصينيين إلى الإسكندرية يؤكد أن هذه المدينة وما حولها تملك إمكانات هائلة للتنمية وجاذبية لا تنضب.
هل هناك برامج تعاون ثقافي أو فني بين قنصليتكم والإسكندرية؟
إن تعزيز التبادل الثقافي بين الصين والإسكندرية يُعد أحد أهم أولويات عمل القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبيةفي الإسكندرية لقد أقمنا علاقات طيبة مع مكتبة الإسكندرية، والمتاحف المختلفة، ودار الأوبرا، ومركز الإسكندرية للحرية والإبداع، وجمعية آثار الإسكندرية، ونفذنا سلسلة من الفعاليات الثقافية.
والهدف الأساسي من هذه الجهود هو دفع التلاقي الحضاري بين شعبي البلدين، وتعزيز التفاهم المتبادل، وتوطيد التواصل الإنساني، بما يسهم في دفع العلاقات الثنائية بين الصين ومصر إلى الأمام.
















