رشاد كامل
حرب باعة الصحف ضد جريدة «روزاليوسف»!
بدأت حرب الوفد وصحفه وجماهيره فى كل مكان ضد روزاليوسف وجريدتها ومجلتها!!
تقول روزاليوسف فى كتابها «ذكريات»: لم تقف هذه المعركة العنيفة عند حد الكتابة فى الصحف والتراشق بالتهم بل لعل هذه الحملات الكلامية كانت أبسط مظاهرها.. فالوفد - فى ذلك الوقت - حزبًا كبيرًا منظمًا إلى أبعد الحدود، وله لجان نشطة منبثة فى كل قرية وفى كل شارع وبإشارة واحدة من قيادة الوفد كانت هذه اللجان تتحرك، وقد أعطيت لها الإشارة هذه المرة كى تنهض إلى محاربة روزاليوسف، وبرقيات التأييد لقرار الوفد بالعبارات المألوفة: نؤيد قراركم وتسقط روزاليوسف وهم يتربصون للجريدة اليومية والمجلة الأسبوعية يخطفونها من الباعة ويمزقونها أو يحرقونها.
فإذا رأوا واحداً يسير وقد حملها فى يده هجموا عليه وتعدوا عليه بالضرب، وكان باعة الصحف أنفسهم - كأغلبية الشعب الساحقة - من الوفديين المتطرفين فكانوا يخفون الجريدة ولا يعرضونها للبيع!
وتعرضت من جراء ذلك لمتاعب وخسائر مادية كثيرة واضطررت إلى الاستعانة بعدد كبير من الموظفين ليقوموا بمهمة التفتيش على باعة الصحف فى جميع أنحاء القطر والإشراف على عملية التوزيع.
وأذكر أنه تقدم إلىّ -فى ذلك الوقت- رجل متحمس عرض علىّ أن يقوم بهذه المراقبة، وكان يواصل العمل ليلًا ونهارًا ويخرج من داره مع الفجر يراقب توزيع الجريدة ويحاول دفع العدوان عنها، وقد أصبح بعد ذلك عضوًا فى البرلمان وتاجرًا من كبار التجار الناجحين ذلك هو صديقى الأستاذ «جلال حسن»!
واشتركت الحكومة مع الوفد فى حربها علينا، وهذا طبيعى مادام الوفد قد أخرجنا بسبب هذه الحكومة فكان «توفيق نسيم» - رئيس الوزراء - يدفع لبعض متعهدى الصحف مبالغ ضخمة ليتلاعبوا فى توزيع الجريدة، وحاول مرة أن يُغرى بعض الباعة بأن يقروا كذبًا أن روزاليوسف توزع معها منشورات فيها خروج عن القانون!
وكنت على الرغم من الخسائر الفادحة التي بدأت أتحملها من جراء الحرب التي أعلنها الوفد، كنت لا أقر سياسة الهجوم الشخصى العنيف على «النحاس» و«مكرم» التي تطرق فيها «العقاد» مدفوعًا بحرارة النضال خصوصًا حين بدأ يتحدث - لأول مرة - عن السيدة «زينب الوكيل» ولم تكن حتى ذلك الوقت قد برزت للناس أو عُرف لها فى السياسة المصرية دور!
ولم تكن تمضى أيام إلا ويرسل الوفد مظاهرة من جماهيره يهتفون ضد الجريدة ويقذفونها بالحجارة تحت سمع الحكومة وبصرها بل تشجيعها.. وكثيرًا ما تعرضت حياتنا للخطر حتى اضطررنا إلى استئجار عدد من الرجال الصعايدة الأشداء يتولون الدفاع عن إدارة الجريدة، فلما وجدت المظاهرات أن هناك مقاومة جدية انقطعت عن الحضور!
إلى هذا الحد كان الجو الذي عشت فيه تلك الأيام عنيفًا، الاتهامات تنهال ضدى فى الصحف الأخرى والمظاهرات تقذف مكتبى بالحجارة والتوزيع يهبط نتيجة للوسائل غير الشريفة وأرقام الخسارة تتصاعد أمام عينى بغير انقطاع!
وفى مقال آخر تقول روزاليوسف: «إحدى عشرة سنة، صمدت طوالها لجميع أنواع العسف والتنكيل من الغاصب وأعوانه، فلم يهن لى عزم ولم أُتهم بمروق عن مبادئ، ولم أعش برهة فى ظل غير ظل مصر ورايتها أثبتها أمام الصف ولا أبالى بما ينالنى»!
وللذكريات وللمعركة بقية!
نقلاً عن صحيفة روزاليوسف
















