عاجل
الجمعة 17 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

العقيد فارس الكندي يكتب: اليمن والقضية الفلسطينية

العقيد فارس الكندي
العقيد فارس الكندي

الإعتراف بدولة فلسطين من قِبَل عدد من الدول، في هذا التوقيت الحساس، يعد تحولاً نوعياً في مسار القضية الفلسطينية فبينما يعيش الشعب الفلسطيني ظروفاً مأساوية بفعل الاحتلال والحصار والعدوان المستمر، يأتي هذا الاعتراف ليعيد إحياء الأمل واليمن تدعم المطلب المشروع في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.



هذا الاعتراف ليس وليد اللحظة، بل هو حصيلة جهد تكاملي عربي لعبت فيه عدة دول شقيقة أدواراً بارزة:

الدور المصري رئيسي في القضيه اليمنية  لها ثقل سياسي وعلاقات دولية متينة، كانت دوماً طرفاً أساسياً في دعم القضية الفلسطينية ومن خلال دورها التاريخي في الوساطات وفتح قنوات الحوار مع المجتمع الدولي، أسهمت القاهرة في تهيئة الأجواء أمام الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.

ورغم ما يعيشه اليمن من ظروف صعبة، ظل موقفه ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، حيث أكد ممثلوه في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي التزام اليمن بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، هذا الموقف السياسي الرسمي ساهم في إبقاء القضية حاضرة في أجندة العمل العربي المشترك.

وإلى جانب هذه الدول، هناك دول عربية وإسلامية أخرى أسهمت في بناء الموقف الدولي، عبر دعم متواصل في المحافل الدولية، وتنسيق مستمر مع الدول الصديقة.

ومليشيات الحوثي في اليمن حاولت استثمار القضية الفلسطينية سياسياً وإعلامياً عبر ضرباتها التي استهدفت الملاحة في البحر الأحمر ورغم أن هذه العمليات رفعت من مستوى التوتر الإقليمي وأثارت قلقاً دولياً بشأن أمن الممرات البحرية، إلا أنها لم تخدم الاعتراف بفلسطين بقدر ما أثارت نقاشات متباينة حول انعكاساتها الاقتصادية والأمنية على المنطقة.. ومن هنا تبرز أهمية التمييز بين الجهد العربي الرسمي المنظم، وبين التحركات الفوضوية التي قد تُستغل سلباً وتنعكس على صورة القضية الفلسطينية.

وإلى جانب الدور الرسمي، كان لـ "الحراك الشعبي" والضغط الجماهيري في الدول التي اعترفت بفلسطين أثر بالغ فقد جسدت التظاهرات والفعاليات الشعبية حجم التعاطف والالتفاف حول القضية، ما جعل الحكومات الغربية تواجه ضغطاً داخلياً دفعها إلى اتخاذ خطوات عملية، في مقدمتها الاعتراف بدولة فلسطين.

هذا الاعتراف يحمل عدة أبعاد:

 1-تكريس الحقوق الفلسطينية على المستوى الدولي، وإعادة وضع القضية في واجهة الاهتمام العالمي.

 

2-إضعاف الخطاب الإسرائيلي الذي يسعى لتهميش فكرة الدولة الفلسطينية.

 

 3-توسيع دائرة التضامن، بما يفتح المجال أمام مزيد من الدول للاعتراف بدولة فلسطين خلال الفترة القادمة.

 

 

خامساً: الدور الأوروبي والغربي في الاعتراف

 

 

لم يكن قرار الاعتراف بدولة فلسطين من قبل بعض الدول الأوروبية والغربية بعيداً عن تأثير التحركات الدبلوماسية العربية والضغط الشعبي المحلي داخل تلك الدول.

 

ففي أوروبا على سبيل المثال، برزت عدة دول بادرت بخطوة الاعتراف استجابةً لعوامل متداخلة:

 

 1-الضغط الشعبي والبرلماني: تصاعدت المظاهرات والاعتصامات المؤيدة لفلسطين، خصوصاً بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة. هذا الزخم الشعبي انعكس على مواقف الأحزاب والبرلمانات التي مارست بدورها ضغطاً على الحكومات.

 

 2-الدور العربي الدبلوماسي: لم تكن هذه التحولات ممكنة لولا التحرك النشط للدول العربية المؤثرة كالسعودية ومصر والجزائر وغيرها، والتي كثفت من اتصالاتها مع القادة الأوروبيين، والاعتراف بفلسطين خطوة نحو الاستقرار في المنطقة وليس تهديداً له.

 

 

 3-تبدل المزاج الدولي: مع فشل مشاريع التسوية التقليدية، بدأت بعض الحكومات الأوروبية ترى أن استمرار تجاهل الحقوق الفلسطينية لم يعد ممكناً، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو خطوة أخلاقية وسياسية تعزز حضورها على الساحة الدولية.

 

 

الاعتراف بدولة فلسطين هو نتاج عمل تكاملي بين الدول العربية ذات النفوذ السياسي، والدعم الشعبي العربي والعالمي المتنامي وهو خطوة في غاية الأهمية في هذه المرحلة العصيبة، لكنها ليست نهاية الطريق.

 

فالتحدي الأكبر يبقى في تحويل هذا الاعتراف إلى واقع سياسي وقانوني يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة في الحرية والاستقلال، ويضع حداً لعقود من الاحتلال والمعاناة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز