عاجل
الخميس 20 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
دمية "إبسن".. ولعبة "فريد"

دمية "إبسن".. ولعبة "فريد"

مهمة ليست بالسهلة، أن تنطلق من عرض كلاسيكي ذائع الصيت عبر ثلاثة قرون، وتنسج منه عرضًا مصريًا خالصًا لا يحتاج من يشاهده إلى العودة للنص الأصلي حتى يستوعب القضية التي يتناولها، تحد نجح في اجتيازه عرض "بيت لعبة" الذي شاهدته مؤخرًا على "مسرح النهار"، تحت رعاية نقابة المهن التمثيلية.



"بيت لعبة" كما هو مكتوب على البوستر مستوحى من "بيت الدمية" النص الأشهر لأبو المسرح الحديث الكاتب النرويجي "هنريك إبسن"، والذي قدمه لأول مرة عام 1879، رغم ذلك كل هذه العقود نجح المخرج محمد فريد فؤاد بصحبة المؤلف يوسف فؤاد في الانطلاق من النص والحفاظ على تيمته الأساسية لكن بروح مصرية خالصة على مستوى القضية والكوميديا وبناء الشخصيات.

 

ينطلق "بيت لعبة" وكأنك تشاهد "بيت الدمية"، حيث مشهد بين "نورا" و"هيلمر" يتضح سريعًا أنه مجرد تدريب للممثلة "نور" بمساعدة زوجها مدير البنك الذي لا يمانع من عملها كممثلة لكن في حدود ضيقة للغاية، يداهم الزوج شعور مفاجئ بأنه قد يكون مثل "هيلمر" في المسرحية، فيما الزوجة سعيدة بمشاركته حتى ولو بدت مجاملة كونه لا يحب الفنون، قبل أن تبدأ العقدة في التكون من خلال نقل العرض لمدة شهر إلى القاهرة فيما الزوجان يقيمان في الإسكندرية، ينهي الزوج "اللعبة" وينهر زوجته التي تخفي عليه سرًا أعظم، أن مخرج العرض هو حبيبها السابق، وأنه نفسه موظف البنك الذي كاد يفسد على الزوج وظيفته، تتعقد الأمور بوجود الصديقة التي تبيع "نور" من أجل فرصة عمل، والصديق الذي يعترف لـ"نور" بحبه الصامت، تتداخل الخيوط، تتصاعد مشاعر الغضب ثم الهدوء والتسامح، لكن الزوج يظل على رأيه رافضًا أن تتحول الزوجة لممثلة محترفة، حتى تلجأ "نور" لنفس فعل "نورا" تترك المنزل وتصفع الباب بقوة.

بطل العرض وشريك الكتابة والمخرج محمد فريد فؤاد نجح عبر 75 دقيقة في صناعة إيقاع درامي متدفق دون مط أو حشو يصيب المتفرج بالملل، بل حوّل الناس إلى مراقبين يتابعون مباراة بين زوجين يتداخل فيها ثلاثة آخرون ويجعلون الأحداث تتراكم وتتشابك انتظارًا لما سيحدث في النهاية، كل ذلك وسط لمحات كوميدية متتالية غاب عنها الاصطناع والانتحال من مواقف وأعمال أخرى.

الممثلون الخمسة تباروا في إظهار قدراتهم، ورغم أن البطولة الرئيسية لمحمد فريد فؤاد ويسرا المنسي، لكن الثلاثي منة المصري وصلاح عبد العزيز ومحمد غزاوي قدموا أفضل ما عندهم وهو ما يميز كالعادة عروض طلاب وخريجي معهد الفنون المسرحية، حيث الفريق المسرحي المتناغم القادر على توزيع الأدوار بما يناسب الإمكانات قبل الإصابة بأمراض النجومية التي أتمنى ألا تطالهم حتى يقدموا المزيد من العروض الجماعية المميزة، تلك العروض التي تقدم لنا أيضًا عناصر فنية جيدة في كل تفاصيل العمل المسرحي، وعلى رأسها في "بيت لعبة" الديكور لمحمد العشوائي الذي رغم كونه "منظرًا واحدًا" لا يتغير لكنه نجح في استغلال مساحات المطبخ و"الباب الجرار" لغرفة المكتب بجانب باب الشقة في إعطاء مساحات أوسع للحركة وتبادل المشاهد والحوار بين الأبطال دون لحظة صمت واحدة على الخشبة ما دعم سرعة الإيقاع التي أشرت إليها في بداية المقال، والأمر نفسه ينطبق على مدير الإضاءة أحمد طارق.

 

فارق أخير بين "بيت الدمية" و"بيت لعبة"، في رائعة هنريك إبسن تم تعريف "الدمية" في العنوان وبالتالي في النص هي "نورا"، فيما عنوان "بيت لعبة" لمحمد فريد فؤاد بدون "ال" التعريف، فهل المقصود الزوجة كما النص النرويجي، أم البيت نفسه هو اللعبة التي لم يحافظ عليها أصحابها فانهار بخروج "نور" وبقاء الزوج وحيدًا؟ أترك الإجابة لمشاهدي العرض حال إعادته مستقبلًا وهو ما أتمنى حدوثه قريبًا بكل تأكيد.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز