عاجل
الإثنين 1 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
الإخوان.. ووهم العودة!

الطريق الثالث.. حادثان خلال العام الجارى كسرا أنف الجماعة

الإخوان.. ووهم العودة!

لا شك أن العامين الأخيرين مثلا حافزًا كبيرًا لنشاط اللجان المأجورة فى الترويج لفكرة عودة الروح لمشروع «الإخوان المسلمين» حول العالم، وفى القلب منه مصر، ساعدهم على ذلك حادثان فارقان فى تاريخ الشرق الأوسط، الأول كان «طوفان الأقصى» فى السابع من أكتوبر سنة 2023، وإعادة استغلال القضية الفلسطينية كقميص للفتنة والضغط على الأنظمة العربية، وأما الثانى فكان «سقوط نظام الأسد» فى الثامن من ديسمبر 2024، وتمكين الغرب لـ«أبومحمد الجولانى» وجماعته للسيطرة والهيمنة على حكم الشقيقة الغالية سورية.



 

وسأقتبس ردًا على سؤال العنوان، من إجابة عن سؤال مشابه، غرّد بها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عبر منصة (X)، حيث كتب أحد الحسابات المشبوهة مغردًا: «حقيقة يعلمها القاصى والدانى: الإخوان هم من سيحكمون مصر بعد السيسي»، فرد ساويرس بحسم: «فى المشمش».

 

ويحيا الإخوان وأتباعهم على هذا الأمل الواهى، منتظرين فرصة العودة والانقضاض على حكم مصر، رأس الحربة فى مشروعهم السياسى، مغفلين أن ثأرهم لن يكون مع دولة «30 يونيو»، ولن يحسمه بخروج رئيس من السلطة، بل سيمتد إلى شعب عظيم لفظهم وطردهم، كافرًا بأفكارهم لاعنًا لهم ولمشروعهم، لهذا عكست عفوية رد ساويرس وجهة نظر شعبية صادقة تمثل حائط صد مانعًا لفكرة العودة.

 

لكن هل هذا الرفض الشعبى سيمنع الإخوان من التخطيط والتآمر على مصر، ومحاولة تسميم حياة المصريين وشيطنة الحكم والحكومة؟، بالطبع لا. 

 

فلا تزال الجماعة تعافر وتجاهد وتدفع بسخاء أموالاً طائلة تضخها فى (الميديا) بكل وسائلها وأنواعها، أملاً فى تعكير الوعى المصري، وتغييبه وفرض سرديات إخوانية لكل حدث وحادثة، فى حالة تقيؤ يومى تفرضها لجان الإخوان وقنواتها الفضائية على المشاهدين أملاً فى كسب عقولهم والاستحواذ عليها، لتدجينها وضمها إلى قطيع الخراف الذين لا يزالون على عهدهم أوفياء لجماعة مارقة، لا تعترف إلا بما تقره ولا تلتزم إلا بما تريده ويحقق أهدافها وطموحها المشبوه، تدهس فى طريقها لذلك على كتاب الدين قبل كتاب التربية الوطنية.

 

ومثلما أحيت حادثتان آمال الإخوان، فإن حدثين آخرين كسرا أنف الجماعة خلال هذا العام، الأول فى الأردن أعتى معاقل الجماعة وأهمها، والتي سقطت بعد أن وظفت الحكومة الأردنية واقعة القبض على خلية إرهابية ينتمى أعضاؤها لتنظيم الإخوان، وأصدرت قرارات حاسمة ضد الإخوان، الجماعة التي كبرت وترعرعت فى أحضان النظام الملكى الهاشمى، والذي يعتبر أقوى الحواضن للجماعة منذ تأسيسها، والباعث لها فى كل مراحل تراجعها وانحصار دورها فى مصر، لقد انتفضت السلطات الأردنية تحظر أنشطة الجماعة وتصادر أموالها وتطارد أعضاءها وتقصى نوابها فى البرلمان، فى ضربة قاصمة لم يستوعبها جسد الجماعة المهترئ، والذي اصطادته حكومة أخرى تلقنها درسًا أكثر قسوة، فقد رفعت الحكومة الفرنسية تقريرًا مخابراتيًا خطيرًا للرئيس حول أنشطة سرية للجماعة تهدد سلامة المجتمع الفرنسى، لتبدأ تحركات على أعلى مستوى وبمتابعة من الرئيس ماكرون لرصد وتتبع وحصار الجماعة، ليسقط حصن آخر مهم أخفت خلفه الجماعة أطماعها لعقود، وبات مفضوحًا ومكشوفًا لأجهزة الأمن تمهيدًا لإسقاطه.

 

وتثار قصة عودة الإخوان فى مصر بين الحين والآخر، بتضخيم إخوانى فى محاولة لوضع الجماعة على أجندة الاهتمام المجتمعى، ومؤخرًا تحاول لجان الإخوان التأكيد على فرص الجماعة فى العودة سواء بالمصالحة أو بمناطحة النظام القائم، وطرح نفسها كبديل وحيد للحكم فى مصر، مروّجة أكاذيب عن دعم تتلقاه الجماعة وتأييد من أحد الأنظمة الخليجية.

 

وقد تعودنا مثل هذه السلوكيات من الجماعة المحظورة فى مصر وسائر البلاد العربية، تتقن الكذب ويصدق الأتباع المدجنون أكاذيبها، ويتعاملون معها على أنها حقائق دامغة، إلى أن يستيقظوا على صفعة جديدة، تفيقهم على واقع أكثر بؤسًا.

 

ويشير تقرير مهم نشرته صحيفة الواشنطن بوست مؤخرًا إلى تنامى تأثير «الإخوان» على المجلس الوطني السورى، وهو ما أرجعته الصحيفة الأمريكية إلى ضعف أغلب حركات المعارضة السورية التي تفتقر إلى التنظيم. 

 

ورغم تأكيدها على غيابهم عن المشهد السورى خلال سنوات الثورة فإن الصحيفة ترشحهم ليكونوا «أكبر قوة سياسية فى مرحلة ما بعد الأسد، بسبب الغالبية المسلمة، والتدين الذي يمثل أبرز سمات الشعب السورى».

 

وقد تصاعدت حملات إخوانية لاستثمار ما يجرى فى سوريا لتأكيد إمكانية العودة، مستبشرين بلقاء سابق ووحيد للرئيس السورى المؤقت أحمد الشرع مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب برعاية سعودية، ومحاولة الإيحاء بإمكانية تكرار المشهد فيما يخص المسألة المصرية، غير مدركين لحقائق التاريخ وسمات الشعب المصري الذي برغم كل ما يحاصره من أزمات لم ولن يفكر مرة أخرى فى الحل الإخوانى، بعد أن انكشف مستور الجماعة فى تجربتها القصيرة عندما حكمت مصر (سهوًا)، والتي كانت عارًا لن تفلح معه أى محاولة للتجميل أو التدليس أو غسل للتاريخ.

 

مدير المنتدى الاستراتيجى للفكر والحوار  

 

نقلًا عن مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز